بعد اغتيال زعيمه.. داعش يمتلك ملايين الدولارات لتمويل عملياته الإرهابية
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن داعش لا يزال لديه عشرات الملايين من الدولارات، لتمويل عملياته الإرهابية في جميع أنحاء العالم، التي كان آخرها هجومه على سجن غويران بمدينة الحسكة السورية، الذي راح ضحيته نحو 500 قتيل.

ترجمات - السياق
سلَّطت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الضوء على العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة، التي استهدفت زعيم تنظيم داعش في سوريا أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، مشيرة إلى أن العملية تؤكد أن التنظيم كان يعيد ترتيب صفوفه خلال السنوات الثلاث الماضية، عقب هزيمته في العراق وسوريا عام 2019.
وأوضحت، في تقرير، أن داعش أعاد تنظيم صفوفه منذ خسارته لأراضيه في العراق وسوريا، بعد مقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي في غارة أمريكية عام 2019، ليبدأ العودة خلال الأسابيع الأخيرة.
وكشفت أن التنظيم لا يزال لديه عشرات الملايين من الدولارات، لتمويل عملياته الإرهابية في جميع أنحاء العالم، التي كان آخرها هجومه على سجن غويران بمدينة الحسكة السورية، الذي راح ضحيته نحو 500 قتيل.
وأشارت إلى أنه منذ أن أطاح التحالف الدولي -بقيادة واشنطن- التنظيم، تحول الأخير إلى تنظيم سري لديه القدرة على شن هجمات مميتة.
ابتزاز وتهريب
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن عدد من سكان شمالي شرق سوريا، قولهم: "داعش كثف عمليات الابتزاز والتهريب في الأشهر الأخيرة، والتنظيم مستمر في شن الهجمات -بالبنادق والقنابل- على الجنود والمدنيين"، كما أفاد شهود بأن "رايات التنظيم السوداء ظهرت شمالي شرق سوريا".
يذكر أنه في يناير الماضي، وفي توقيت متزامن، قتل داعش 11 جندياً عراقياً أثناء نومهم في خيامهم، وفي سوريا نفذ التنظيم أسوأ هجوم له، منذ ما يقرب من 3 سنوات، حيث حاول اقتحام سجن في الحسكة، ما أدى إلى اندلاع معركة استمرت أسبوعاً وأسفرت عن سقوط 500 شخص.
وحسب الصحيفة، شارك نحو 200 جندي أمريكي وطائرات حربية، في التصدي لمحاولة اقتحام السجن، ما يمثل تذكيراً باستمرار تمركز 900 جندي أمريكي في سوريا، لقتال التنظيم.
وأشارت إلى أن القوات الأمريكية والقوات المحلية -المدعومة من واشنطن- لا تزال تبحث عن مسلحي داعش المختبئين في المنازل المحيطة بالسجن هذا الأسبوع.
بداية جديدة
وعن دلائل عودة التنظيم، أوضحت "وول ستريت جورنال" أن سقوط القرشي زعيم التنظيم، يفتح فصلاً جديدًا في تاريخ جماعة متطرفة، أثبتت قدرتها على إعادة تشكيل نفسها.
ونقلت الصحيفة عن الشيخ هويدي شلاش المجهم، زعيم قبيلة في الرقة وأحد المعارضين لداعش، قوله: "منذ أن قتلوا أبو بكر البغدادي، والتنظيم يتوسع... إنهم في كل مكان".
وأشارت إلى أن استمرار داعش "معضلة غير مريحة" لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي سعت إلى الابتعاد عن حروب الشرق الأوسط، لمواجهة الصين وروسيا بشكل أكثر تفرغًا.
وأمام هذه المعضلة، نقلت "وول ستريت جورنال" عن عدد من المسؤولين الأمريكيين إعرابهم عن قلقهم من أن داعش ما زال يمتلك بين 25 و50 مليون دولار، مشيرين إلى أنه رغم انخفاض هذه الأموال، مقارنة بمئات الملايين من الدولارات عام 2020، فإنها لا تزال كافية لتمويل العمليات الإرهابية.
وحسب الصحيفة، كانت وزارة الخزانة الأمريكية قالت العام الماضي، إن داعش يواصل إرسال الأموال، لدعم فروعه في جميع أنحاء العالم لشراء الأسلحة والإمدادات، ويرسل الرواتب للمقاتلين وعائلاتهم.
بينما قال القائم بأعمال المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش، جون جودفري، في ديسمبر الماضي: "داعش ما زال عدوًا لدودًا وخطيرًا رغم انهيار خلافته المزعومة".
خلافة جديدة
وعن إمكانية استغلال التنظيم هذه الأموال، ومحاولات العودة في السيطرة على مدينة جديدة لإنشاء (خلافة جديدة)، قالت "وول ستريت جورنال": ثمة فرصة ضئيلة لأن يتمكن التنظيم من السيطرة على مدينة كبيرة، كما سيطر على الرقة عام 2013.
وأشارت إلى أن الرقة عادت إلى الحياة، منذ استعادتها من داعش عام 2017، لكن السكان والمسؤولين الأمنيين ما زالوا يشعرون بالقلق من استمرار التنظيم كجماعة مسلحة تعمل في الخفاء.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين في الرقة قولهم: قوات الأمن التابعة للإدارة التي يقودها الأكراد -المدعومة من الولايات المتحدة- أكملت عملية تمشيط أمنية في الرقة الخميس الماضي، أسفرت عن اعتقال 27 شخصًا بينهم مسلحون من "داعش"، مشيرين إلى أن العملية صادرت أيضًا سبعة أسلحة غير مرخصة.
وعن أسباب عودة بعض الشباب للانضمام إلى التنظيم الإرهابي، أوضحت "وول ستريت جورنال" أن العوامل الدافعة لتجنيد الشباب، تشمل الأزمة الاقتصادية في سوريا، التي تفاقمت بسبب العقوبات الأمريكية على حكومة الرئيس بشار الأسد، والجفاف الذي قوَّض الزراعة، والحرب المستمرة في البلاد.
ونقلت الصحيفة عن عامل بقرية الكرامة في الرقة، يدعى أبو حسين، قوله: "الناس هناك ما زالوا يعيشون في خوف من داعش"، وأضاف: "إذا عادوا، سيقطعون رؤوسنا".
وتعليقًا على هذه التطورات، نقلت "وول ستريت جورنال" عن حسن أبو هنية، الخبير الأردني في الحركات الإسلامية، قوله: "الهدف من الهجوم الأخير لداعش على سجن الحسكة، كان يتمثل في اختبار القدرات القتالية للتنظيم، بعد فترة من إعادة تنظيم صفوفه".
وأوضح أن "داعش فقد نحو 50 من كبار قادته في السنوات السبع أو الثماني الماضية، وأن هجماته أصبحت أكثر تعقيداً"، مُحذراً من وقوع "حوادث أكثر عنفاً، وأكثر تعقيداً، وأوسع نطاقًا".
وفي ختام التقرير، بينّت "وول ستريت جورنال" أنه خلال عمليات الدهم التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية، لتمشيط المنطقة من أي تابعين لداعش، صرخ بعض الجنود بالمسلحين في أحد المنازل، بضرورة الاستسلام، إلا أن المسلحين ردوا: "نفضل أن نموت على أن نشعر بالذل".