تصعيد في تونس.. نواب النهضة إلى البرلمان والمحتجون يقفون لهم بالمرصاد
وشهد مقر البرلمان استعدادات أمنية مكثَّفة، بالتزامن مع وصول أعضاء من حركة النهضة إلى مقر البرلمان، لعقد اجتماع للمجلس، إلا أن مواطنين تجمهروا أمام المقر، ومنعوا النواب من دخوله.

السياق
تصعيد جديد شهده الشارع التونسي، بعد دعوات لحركة النهضة، بعقد اجتماع للبرلمان التونسي برئاسة راشد الغنوشي، في تحديات واضحة لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، القاضية بتجميد اختصاصات المؤسسة التشريعية.
وشهد مقر البرلمان استعدادات أمنية مكثَّفة، بالتزامن مع وصول أعضاء من حركة النهضة إلى مقر البرلمان، لعقد اجتماع للمجلس، إلا أن مواطنين تجمهروا أمام المقر، ومنعوا النواب من دخوله.
حل البرلمان
المحتجون لم يكتفوا بمنع النواب من دخول مقر البرلمان، بل أطلقوا صيحات استهجانية ضدهم، رافعين شعارات مناهضة لرئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، مطالبين إياهم بالرحيل، وحل البرلمان.
وأكد النائب عن حركة النهضة محمد القوماني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، ضرورة أن يستأنف البرلمان نشاطه، أو أن يعلن رئيس الجمهورية حلَّه.
تأتي تلك التطورات، بعد تصريحات لماهر مذيوب، النائب عن حركة النهضة، أحد مساعدي الغنوشي، بأن الجمعة هو اليوم الأول من الدورة البرلمانية 2019/ 2024، مشيرًا إلى أن 90 نائبًا من حركة النهضة وحلفائها، وقَّعوا بيانًا يدعو إلى استئناف العمل البرلماني.
ودعت حركة النهضة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، رئيس البرلمان راشد الغنوشي وأعضاء مكتبه، إلى الانعقاد لاتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة المؤسسة البرلمانية للعمل، تطبيقاً لأحكام الدستور ونظامها الداخلي.
انقسام النهضة
ورغم تلك الدعوة، فإن عددًا من نواب الحركة، بينهم العياشي زمال، أكدوا أنهم لن يتوجهوا إلى مقر مجلس النواب، مشيرًا إلى أن الحركة قررت، بعد النقاش مع عدد من النواب، الذين وقَّعوا بيان استئناف العمل بالبرلمان «التريث وتأجيل ذلك للأسبوع المقبل، على خلفية، ما لوحظ من حشد للشارع ودعوات تأليب ضد النواب».
وأوضح أن التقنيات الحديثة والدستور، وفرا لهم إمكانات أخرى لاستئناف عمل البرلمان، مشيرًا إلى «إمكانية اجتماع عدد من النواب، لوضع خارطة طريق لكيفية الدفاع عمّا وصفه بالشرعي».
ودعا 90 نائبًا من حركة النهضة وحلفائها، في بيان، إلى استئناف العمل البرلماني بدءًا من اليوم، إلا أن عددًا من النواب التونسيين، حذَّروا من خطورة تلك الخطوة على الأمن القومي، ما يهدد بإدخال البلاد في حالة من الانقسام والفوضى.
عبث سياسي
من جانبه، قال البرلماني عن حركة الشعب بدرالدين القمودي، إن مجلس النواب، انتهى بقرار شعبي 25 يوليو المنصرم، في إشارة إلى قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، واصفاً التفكير بالعودة إلى الوراء، من باب العبث السياسي والإعلامي.
تأتي تلك التطورات، بعد يومين من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، تعيين نجلاء بودن، أول رئيسة للحكومة في تاريخ تونس، في خطوة استنكرتها حركة النهضة، محذِّرة من أن تكليف رئيسة حكومة، من دون التقيد بالإجراءات الدستورية، يعمِّق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ولا يساعد في حلِّها.
وقالت الحركة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها «تستنكر مواصلة رئيس الجمهورية الانفراد بالسُّلطة، والإمعان في العمل خارج الدستور وضرب علويته، وتكريس الحكم الفردي المطلق، وصم الآذان عن أصوات التعقل والحِكمة، الداعية إلى احترام الدستور واستئناف المسار الديمقراطي، المعطل منذ 25 يوليو الماضي»، على حد زعمها.
وطالبت باستئناف المسار الديمقراطي، من خلال التراجع عن الأمر الرئاسي، وعبر إكساء الحكومة المقبلة الشرعية الدستورية، بعرضها على البرلمان لنيل ثقته، كما ينص الدستور.
وأشارت إلى ما وصفتها بـ«المخاطر» التي تواجهها الدولة التونسية، خاصة في ما يتعلق بالمالية العمومية وتفاقم العجز، في ظل تراجع ثقة الشركاء الدوليين وتقلُّص فرص التمويل الداخلي، وتفويت فرص عدة على الاقتصاد الوطني، في ظرف انطلق فيه انتعاش الاقتصاد العالمي، وتنامت فيه فرص الاستثمار في عملية إعادة البناء في القطر الليبي».
ودعت الحركة، مَنْ وصفتهم بـ "الأطراف الرافضة للانفراد بالحُكم، والانقلاب على الدستور، والاستحواذ على السُّلطة، والتعسُّف في استعمالها" إلى تنسيق الجهود في التصدي السِّلمي والمدني لهذا التمشي، المنذر بإنهاء المسار الديمقراطي، ومزيد من تأزيم الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية، والإضرار بعلاقات تونس الإقليمية والدولية، على حد زعمها.
وأكدت ضرورة إنهاء الحالة الاستثنائية، ورفع إجراءات الإقامة الجبرية، والمنع من السفر من دون إذن قضائي، التي طالت عددًا من النواب ورجال الأعمال، وعددًا من المسؤولين السابقين، بينهم الوزير السابق والقيادي بحركة النهضة أنور معروف.
تمديد القرارت الاستثنائية
كان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.
إلا أنه أصدر في 22 سبتمبر الجاري، أمرًا رئاسيًا بتمديد التدابير الاستثنائية، الجاري العمل بها في تونس، منذ 25 يوليو الماضي.
وأعلنت الرئاسة التونسية، أن الرئيس سعيد سيتولى رئاسة السُّلطتين التشريعية والتنفيذية، وأنه قرر إلغاء الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين.