روسيا جيت.. هل تهز عرش الديمقراطيين؟
اتهام محامي كلينتون.. تفاصيل مثيرة عن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية

ترجمات - السياق
بعد مرور نحو 5 سنوات، فتح اتهام المحامي البارز مايكل سوسمان، بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، بمزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، الباب مجدداً أمام القضية التي شغلت الرأي العام الأمريكي والعالمي.
وذكر موقع The Gray zone الأمريكي، أن لائحة الاتهام ضد سوسمان، الذي كان يعمل لصالح هيلاري كلينتون، تقدِّم دليلاً جديدًا على أن نظرية المؤامرة بين ترامب وروسيا، التي ظلت تلاحق الرئيس الأمريكي السابق طوال وجوده في البيت الأبيض، كانت في حد ذاتها نتاج افتراءات من حملة كلينتون.
كان مايكل سوسمان متهمًا بالإدلاء ببيان كاذب لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وإخبار المستشار جيمس أ. بيكر كذبًا أنه لم يكن يتصرف نيابة عن عميل، رغم أنه يمثِّل مسؤولًا تنفيذيًا للتكنولوجيا، وشركة إنترنت، والحملة الرئاسية لهيلاري كلينتون.
وأضاف الموقع: رغم أن سوسمان يواجه تهمة واحدة فقط بنشر بيان كاذب، فإن وثيقة الاتهام -المكونة من 27 صفحة- تقدِّم نافذة واسعة لكيفية بدء عملية احتيال "روسيا جيت" وكيف قدَّمها العملاء الديمقراطيون ومسؤولو المخابرات وشخصيات إعلامية مؤسسية للجمهور، بطريقة غير شريفة.
اختراع رواية
وأشار التحقيق إلى أن سوسمان، الذي كان حتى وقت قريب محاميًا في شركة بيركنز كوي للمحاماة الخاصة بحملة كلينتون، ثاني شخص يتهمه جون دورهام، المستشار الخاص الذي يفحص التحقيق الروسي، موضحًا أن محامي حملة كلينتون اخترع "رواية" بين ترامب وروسيا لـ "إرضاء" "كبار الشخصيات" الديمقراطيين.
في اجتماع 19 سبتمبر 2016، نقل سوسمان لبيكر مزاعم بأن منظمة ترامب، كانت تستخدم خادمًا لبنك ألفا الروسي، كقناة اتصال سرية.
وسلَّم سوسمان محامي مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك، جيم بيكر، مستندات وبيانات يُزعم أنها تُظهر أن خوادم الكمبيوتر -المرتبطة بمنظمة ترامب وبنك ألفا الروسي- كانت على اتصال منتظم.
وقال سوسمان -حينها- إن هذا دليل على وجود قناة سرية محتملة بينهما، ووفقًا لدورهام، فقد أخبر سوسمان، بيكر بأنه لم يكن يعمل "لأي عميل"، وكان ببساطة ينقل المعلومات التي تم توفيرها له من "العديد من خبراء الإنترنت" الذين صادفوا حركة مرور الويب المشبوهة.
عملية احتيال سياسية
ووفقًا للائحة الاتهام التفصيلية، كان سوسمان في الواقع، يُعد عملية احتيال ذات دوافع سياسية.
ووفقًا للتحقيق، تم اختلاق نظرية قناة ترامب ألفا السرية المزعومة، من مسؤول في منصب رفيع، في مجال الأمن السيبراني في حملة كلينتون، مشيرًا إلى أنه لنشر النظرية في وسائل الإعلام ومجتمع الاستخبارات، نسَّق المدير التنفيذي وسوسمان، كما يقول دورهام، مع مارك إلياس، زميل سوسمان في بيركنز كوي وكبير محاميي حملة كلينتون لعام 2016.
وبحسب التحقيق، فإن سوسمان وإلياس قاما بدورهما، بالتنسيق مع شركة الاستخبارات الخاصة Fusion GP مشيرًا إلى أن إلياس استأجر الشركة بالفِعل -نيابة عن كلينتون- لإنتاج ملف ستيل "مجموعة تقارير ملفقة من الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل" تزعم وجود علاقة طويلة الأمد بين ترامب وروسيا.
ووفقًا لملف ستيل -يضيف الموقع- كان سوسمان، في اجتماع خلال يوليو 2016، أول مَنْ أبلغه بقصة خادمAlfa Bank، كما أبقى إلياس أعضاء حملة كلينتون على اطلاع أيضًا، بمن في ذلك "مدير الحملة ومدير الاتصالات ومستشار السياسة الخارجية"، ثم في فبراير 2017، التقى سوسمان أيضًا مسؤولًا في وكالة المخابرات المركزية لإبلاغه برواية بنك ألفا.
وكشف الموقع الأمريكي في تحقيقه، أن سوسمان أخفى هذه المؤامرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلى جانب حقيقة أنه كان يدفع في اتجاه تورط ترامب، مشيرًا إلى أن كل ما فعله سوسمان في قصة بنك ألفا قبل لقاء بيكر "تم إرساله إلى حملة كلينتون".
وأشار الموقع إلى أنه، حسب ما كان يخطط له سوسمان، فإن الأمر يتضمن إخفاء مسار الأموال بين ترامب والبنك، ولهذا السبب اعتبر أن ما حدث ممارسة (Russiagate)، أي فضيحة إخفاء أموال بين مرشح رئاسي وبلد آخر، لكن تم الكشف لاحقًا أن شركة سوسمان القانونية Perkins Coie وحملة كلينتون أخفيتا أنهما مولتا ملف ستيل، إلى أن أجبرتهم لجنة المخابرات بمجلس النواب، التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري، على الاعتراف بالحقيقة في أكتوبر 2017.
خداع أكبر
الموقع الأمريكي، يكشف أن سوسمان ليس متهمًا، بعدم الكشف عن أنه كان يتصرف نيابة عن فريق كلينتون فحسب، وإنما أيضًا لائحة الاتهام توضح أن دورهام كشفت عن خداع أوسع، إذ أنه لأسابيع قبل اجتماعه مع مكتب التحقيقات الفدرالي، عمل سوسمان مع مدير تنفيذي للتكنولوجيا لم يذكر اسمه ("Tech Executive-1") ، والذي مثَّل حملة كلينتون، كان أيضًا عميلًا لسوسمان.
وفي ذلك يقول دورهام: إن "هدف" المسؤول التنفيذي كان "سرد علاقات ترامب بروسيا" التي من شأنها في النهاية "إرضاء بعض الشخصيات المهمة"، أي عملاء سوسمان في حملة كلينتون.
ولتحقيق هذا الهدف -يضيف الموقع- استغل المدير التنفيذي ملكيته للعديد من الشركات، للوصول إلى بيانات الإنترنت "العامة وغير العامة"، وكلف كثيرين بمساعدته، وأسفرت جهودهم عن ذاكرة تخزين مؤقت لحركة مرور DNS المزعومة بين خادم تسويق مجاور لترامب وبنك ألفا في روسيا.
ووفقًا لدورهام، أعرب باحثو التكنولوجيا التنفيذية عن مخاوفهم من المشروع، إذ نقل أحد أعضاء الفريق "الشك المستمر" في نظرية مؤامرة ترامب-ألفا التي "سينقلها سوسمان لاحقًا إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي"، ومخاوف من أن المشروع لم يكن مدفوعًا بالبيانات، بل بـ"التحيز ضد ترامب".
في النهاية -حسب الموقع- توصل مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى النتيجة نفسها، وأن الهدف منها إثارة الرأي العام، بينما اكتشف دورهام، أن خادم البريد الإلكتروني المعني، لم يكن مملوكًا أو مُدارًا من مؤسسة ترامب، بل كانت تديره شركة بريد إلكتروني للتسويق الجماعي، أرسلت إعلانات لفنادق ترامب ومئات العملاء الآخرين.
من جانبه ، رفع بنك ألفا دعوى قضائية على باحثي الكمبيوتر المتورطين، متهمًا إياهم بالتلاعب ببيانات الكمبيوتر في حملة تشهير متعمَّدة لربط البنك بترامب.
الخط الساخن
وأوضح الموقع الأمريكي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي، أثبت أن نظرية بنك ألفا غير مثمرة، مثل أي نظريات مؤامرة ملفقة بين ترامب وروسيا، التي طاردها مسؤولو المخابرات الأمريكية ولجان الكونجرس ووسائل الإعلام، أكثر من ثلاث سنوات، لكن جهود سوسمان خدمت الغرض منها في النهاية، إذ منح اجتماع مكتب التحقيقات الفيدرالي للصحفيين وسيلة إخبارية، لنشر مزاعم بنك ألفا قبل أيام من انتخابات نوفمبر 2016.
ففي الحادي والثلاثين من أكتوبر 2016، نشر فرانكلين فوير بمجلة سلايت، إضافة إلى Eric Lichtblau و Steven Lee Myers في "نيويورك تايمز"، قصصًا عن "القناة السرية" لترامب وألفا بنك، بينما كشفت "التايمز" أن نظرية Alfa Bank كانت موضوع تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو ما استغلته حملة كلينتون على الفور، وبدأت الترويج للقصة كجزء من حملتها لتصوير ترامب على أنه عميل للكرملين، حتى أن هيلاري كلينتون أعلنت بنفسها على "تويتر": "أن علماء الكمبيوتر اكتشفوا على ما يبدو خادمًا سريًا يربط منظمة ترامب ببنك روسي"، مطالبة ترامب حينها بضرورة الرد على أسئلة جادة عن علاقاته بروسيا.
كما شاركت كلينتون في بيان من مستشارها للسياسة الخارجية آنذاك، جيك سوليفان، زعم فيه أن هذا "الخط الساخن السري" "يمكن أن يكون الرابط الأكثر مباشرة حتى الآن بين دونالد ترامب وموسكو، وأنه قد يكون المفتاح لفك غموض علاقات ترامب بروسيا".
وقال الموقع الأمريكي: رغم كل هذه الاتهامات، فإنه بعد مرور نحو خمس سنوات، لدى الأمريكيين الآن تأكيد أن حملة كلينتون، كانت تخفي دورها كمصدر لهذه القصة.
الدور الإعلامي
وسلَّط الموقع الأمريكي الضوء على الدور الإعلامي، في تناقل رواية كلينتون ضد ترامب، قائلًا: إن مقارنة تفاصيل لائحة الاتهام بالطريقة التي نسج بها فوير وغيره من الصحفيين الساذجين "رواية" بنك ألفا التي يغذيها كلينتون، توفِّر نافذة مهمة على كيفية تمكين وسائل الإعلام لعملية الاحتيال هذه.
ونقل الموقع عن ناتاشا برتراند، التي تعمل الآن مراسلة لشبكة CNN ، وكانت قد انضمت إلى حملة فوير، قولها إن اتصال ترامب وألفا بنك، كان في الواقع سلاحًا للتواطؤ.
لكن -يضيف الموقع- كما هو متوقَّع، فإن الأصوات الإعلامية نفسها، التي روّجت لقصة ألفا بنك وعدد لا يحصى من الأوهام الروسية الأخرى طوال فترة ترامب، صمتت الآن أو استمرت في التعتيم.
مع فقدان مصداقية ملف ستيل على نطاق واسع، وإضافة لائحة اتهام سوسمان تفاصيل جديدة، أصبحت حملة كلينتون الآن، مرتبطة بعملية احتيال أخرى موثَّقة، في محاولة مترامية الأطراف، لزرع نظريات المؤامرة بين ترامب وروسيا في وسائل الإعلام، وبدء نشاط استقصائي فيدرالي وفقًا للموقع.
وأوضح أن دور سوسمان في تلفيق بنك ألفا، يثير أسئلة جديدة عن الادعاء في قلب فضيحة ترامب وروسيا، ومن ذلك: الادعاء بأن روسيا سرقت رسائل البريد الإلكتروني من الحزب الديمقراطي، وأعطتها إلى ويكيليكس، في عملية سرية، لمساعدة حملة ترامب خلال انتخابات 2016.