كوريا الشمالية ترسل إشارات مربكة.. توتر أم رغبة في الحوار؟
ليست المرة الأولى التي تطلق فيها بيونجيانج صواريخ أو تستعرض ترسانتها بينما تشير إلى أنها منفتحة على المحادثات

ترجمات - السياق
وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الإشارات التي ترسلها تصرفات كوريا الشمالية الأخيرة بـ"المربكة"، مشيرة إلى أنها ترفع الآمال في بعض الأيام، برغبتها في إجراء حوار مع كوريا الجنوبية، لكنها في اليوم التالي، تطلق صواريخ أو تستعرض أحدث الأسلحة في ترسانتها النووية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير، أنه في الأسبوع الماضي وحده، اقترحت بيونجيانج إجراء محادثات قمة بين الكوريتين، وقالت إنها ستعيد فتح خطوط الاتصال مع جارتها، بينما أطلقت صواريخ كروز بعيدة المدى، فضلاً عمّا وصفته بأول صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت.
كما اختبرت صاروخاً جديداً مضاداً للطائرات، وأطلقت الشهر الماضي صواريخ بالستية من قطار خرج من نفق جبلي، في اليوم نفسه الذي وصفت فيه رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، بـ"الغبي".
استعراض عضلات
ورأت الصحيفة أن كوريا الشمالية تتجه مرة أخرى، إلى تبني استراتيجية مصممة جيداً، بحيث تسمح لها باستعراض عضلاتها العسكرية، من دون المخاطرة بإعاقة فرص إجراء الحوار، مشيرة إلى أنه في غياب الحوار بينها وبين واشنطن، فإن التجارب الصاروخية الأخيرة ذكّرت العالم، بأن كوريا الشمالية تطوِّر أسلحة قادرة على إيصال رؤوس حربية نووية، لكن هذه الصواريخ قصيرة المدى، أو التي لا تزال قيد التطوير، لا تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة.
وتابعت: "يبدو أن كوريا الشمالية حريصة على عدم المبالغة في تصرفاتها، حيث تمتنع عن اختبار جهاز نووي أو صاروخ بالستي عابر للقارات، الأمر الذي قد يدفع واشنطن إلى اتخاذ إجراءات بفرض عقوبات جديدة أو ما هو أسوأ من ذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم إطلاق أسماء مختلفة على اللعبة الجيوسياسية المفضَّلة لكوريا الشمالية، مثل استراتيجية "حمام الماء الساخن والبارد"، التي استفاد منها النظام بشكل جيد على مر السنين، حيث أثار آمال السلام الزائفة في كثير من الأحيان، في الوقت الذي استمر فيه في تطوير أسلحة جديدة واختبارها.
وذكر التقرير أن بيونجيانج تستخدم هذه الاستراتيجية، في لحظة دبلوماسية معقَّدة، إذ يريد رئيس كوريا الجنوبية استئناف الحوار في شِبه الجزيرة الكورية، وهي محاولة أخيرة لترسيخ إرثه، قبل أن يترك منصبه في مايو المقبل، ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليست حريصة على الانخراط مع الشمال، كما أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، يجد نفسه الآن في وضع يسمح له باستغلال تلك الفجوة بين الحليفين".
جهود دبلوماسية
أشارت الصحيفة إلى أن الزعيم الكوري الشمالي، التقى الرئيس السابق دونالد ترامب ثلاث مرات، بين عامي 2018 و2019، ليصبح أول زعيم كوري شمالي، يعقد قمة مع رئيس أمريكي في منصبه، لكن جهوده الدبلوماسية فشلت في رفع العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة على بلاده الفقير،ة بعد أن حصلت على برنامج نووي، وسرعان ما انتشر وباء كورونا، ما زاد تعثُّـر اقتصاد البلاد.
ووفقاً لـ"نيويورك تايمز" كان المسؤولون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون، يأملون أن تجعل المشكلات الاقتصادية المتفاقمة في كوريا الشمالية، الناجمة عن الضربة المزدوجة من العقوبات والوباء، بيونجيانج أكثر قابلية للحوار، لكن حتى الآن، أثبت كيم أنهم مخطئون.
ورأت الصحيفة، أن كل ذلك يترك إدارة بايدن في موقف تفاوضي صعب، إذ أنها مترددة في التواصل مع كوريا الشمالية، في حال كانت البلاد تريد فقط استخدام الحوار لتخفيف العقوبات، من دون التخلي عن أسلحتها النووية، لكن عدم الانخراط معها يعني أيضاً إضاعة الفرص لكبح تطويرها لترسانتها النووية، كما أنه يخاطر بإثارة سباق تسلح في المنطقة.
وتابعت: "السؤال المطروح على كيم، كما قال المحللون، هو: كيف يمكن إجبار واشنطن على العودة إلى الحوار بشروطه، من دون إغضاب الحليفين التقليديين لكوريا الشمالية، الصين وروسيا، اللتين تحتاج مساعدتهما، للنجاة من عقوبات الأمم المتحدة وإعادة بناء اقتصادها؟ وقد تقدِّم حكومة مون الإجابة الواعدة لكيم، بعدما قال الأخير كلمات تصالحية تجاه كوريا الجنوبية".
ونقلت الصحيفة، عن مدير مركز دراسات كوريا الشمالية في معهد سيجونغ في كوريا الجنوبية، شيونغ سيونغ تشانغ، قوله إن كوريا الشمالية، كانت تتودد إلى جارتها الجنوبية، بينما تتجنَّب إجراء محادثات مع واشنطن، بينما قال محللون آخرون: إن بيونجيانج تميل إلى سيول، للمساعدة في دفع واشنطن إلى الحوار.