انتخابات على أنغام احتجاجات 2019 وتنافس محموم.. هل تنتشل العراق من أزمته؟..

رغم التنافس السياسي السُّني، فإن المشهد السياسي على المستوى الشيعي لم يتغير، لأن الكتل المهيمنة على المشهد الشيعي هي نفسها، منذ أول انتخابات برلمانية جرت في العراق عام 2005.

انتخابات على أنغام احتجاجات 2019 وتنافس محموم.. هل تنتشل العراق من أزمته؟..

السياق
على أنغام الاحتجاجات السابقة، وبنكهة التنافس بين الفصائل السياسية المتناحرة، يستعد العراق لخوض خامس تجربة انتخابات منذ عام 2005 في العاشر من أكتوبر2021، وسط إجراءات أمنية مشددة، وتحت إشراف رقابة دولية ومحلية، لضمان نزاهة العملية الديمقراطية.
فالمظاهرات التي اندلعت في أكتوبر 2019، نجحت مؤقتًا في تقريب موعد الانتخابات وإطاحة حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إلا أن نتائج الاستحقاق الدستوري المقبل، ستعكس ما حققته تلك الاحتجاجات من تغيرات على صعيد وجوه وأطراف الطبقة السياسية، التي تحكم العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003، خاصة أنها كشفت حجم الإحباط الواسع والعميق في أوساط العراقيين.
وعن تلك الانتخابات، عقد رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، اجتماعًا مع اللجنة الأمنية العليا للانتخابات ومفوضية الانتخابات، لبيان إجراءات الطوارئ الخاصة بيوم الاقتراع.
وقال رئيس اللجنة، الفريق الركن عبدالأمير الشمري، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية (واع): «اللجنة أكملت جميع التجهيزات والخطط الخاصة بتأمين يوم الاقتراع»، مشيرًا إلى أنها أجرت عدداً من الترتيبات الأمنية، للتأكد من تنفيذ الخطة وتحديد الثغرات وتطوير الإيجابيات.
وأكد المسؤول العراقي، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، سيشرف على إجراءات تأمين الانتخابات ومتابعة تفاصيل الخطة الأمنية، مؤكدًا أن «القوات الأمنية دخلت في حالة الإنذار بدءاً من اليوم، وستستمر إلى ما بعد الانتخابات، ولن تسمح لأحد بالتأثير في الناخبين».

ترتيبات أمنية


الفريق الشمري، قال إن «الإجراءات الأمنية ستشمل غلق المنافذ الحدودية البرية والمطارات، وكذلك غلق مداخل المحافظات ومنع التنقل بين المحافظات، وحظر حركة عجلات الحمل والدراجات والعربات، بمختلف أنواعها بجميع المدن، وتوقف القطارات».
وأشار إلى أن «الإجراءات شملت أيضاً تخويل اللجنة الأمنية العليا بفرض حظر التجول في بغداد والمحافظات، عند الضرورة وفي الحالات الطارئة، إضافة الى منع التجمعات البشرية، وكذلك عدم السماح بدخول الهواتف النقالة إلى مراكز الاقتراع، ومنع اصطحاب الأسلحة النارية إلى مراكز الاقتراع أو محيطها بشكل نهائي حتى المجازة منها، باستثناء الأجهزة الأمنية المكلفة بتأمين الانتخابات، وكذلك منع استخدام الطائرات المسيرة للتصوير والأغراض المدنية الأخرى، على أن تتعامل القوات الأمنية مع هذه الحالات وفق قواعد الاشتباك».
وتابع الشمري: «العاشر من أكتوبر الجاري عطلة رسمية، باستثناء الدوائر الأمنية والصحية والخدمية، على أن تضع الوزارات الخدمية خطة خاصة بيوم الاقتراع، لدعم العملية الانتخابية، وغلق الأسواق والمراكز التجارية والمطاعم والشركات، باستثناء محال بيع المواد الغذائية والخضار والأفران والصيدليات»، مشدداً على أن «القوات الأمنية ستلقي القبض على المخالفين لهذه الإجراءات، وستحيلهم للقضاء وفق القانون».
وكشف قائد عمليات بغداد، الفريق الركن أحمد سليم، الخطة الأمنية لتأمين العملية الانتخابية في الكرخ والرصافة، مشيرًا إلى أن المراكز الانتخابية مؤمنة.
وأضاف أن هناك ما يقارب 2000 مركز انتخابي، جميعها مؤمنة من قيادة عمليات بغداد والقطاعات الملحقة بها، مشيراً إلى أن مرحلة التحضيرات على وشك الانتهاء، بينما ستكون القطاعات الأمنية على أهبة الاستعداد، لتأمين طرق التنقل وحماية المراكز من النيران المباشرة وغير المباشرة.

تنسيق عال


من جانبه، قال رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات جليل عدنان: «مفوضية الانتخابات لديها تنسيق عالي المستوى مع الأجهزة الأمنية» مشيراً الى أن «اللجنة الأمنية أعدت خطة لتأمين وصول الناخب إلى مركز الاقتراع الذي ستكون فيه ورقة الاقتراع موحدة».
وعن أسباب عدم شمول منتسبي الحشد الشعبي بالتصويت الخاص، قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، إن حق منتسبي الحشد الشعبي محفوظ في التصويت العام.
وأوضحت الغلاي، أن «مفوضية الانتخابات حريصة على مشاركة العراقيين، سواء كانوا ناخبين أو مرشحين، وخاطبت هيئة الحشد الشعبي لتزويدها بأسماء منتسبيهم، ووضعهم في سجل الناخبين الخاص، وإصدار بطاقات بايومترية للتصويت الخاص».
وأضافت أن «هيئة الحشد لم تزود المفوضية بأسماء منتسبيها، لذلك فإن مفوضية الانتخابات شملتهم بالتصويت العام، لعدم إرسال بيانات منتسبي الحشد الى المفوضية».

دعم أممي
مسؤولة الأمم المتحدة، جينين هينيس بلاسخارت، قالت إن بعثة الأمم المتحدة ستوفر جميع أنواع الدعم لإنجاح انتخابات أكتوبر.
وقالت بلاسخارت، خلال مؤتمر صحفي: «بعثة الأمم المتحدة ستتواصل مع عدد من منظمات المجتمع المدني والمواطنين، لمعرفة تأثير أحداث الناصرية في مشاركتهم بالانتخابات»، مؤكدة أن «بعثة الأمم المتحدة ستنشر مراقبين دوليين في مراكز الاقتراع، للمساهمة في إنجاح الانتخابات».
وأشارت الى أن «أصوات المواطنين ستكون مسموعة، وأن عليهم مهمة كبيرة هي المشاركة في العملية الانتخابية».
يأتي ذلك بينما دعا رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، الناخبين إلى اختيار الأصلح والأكثر نزاهة لتمثيل العراقيين، مشيرًا إلى أن الانتخابات تأتي بالتزامن مع «الذكرى الثانية لاحتجاجات أكتوبر، التي طالبت بالدولة والإصلاح ورفض الفساد».
وأضاف رئيس الحكومة العراقية، في تغريدة عبر «تويتر»: «اليوم بدء العد التنازلي للمشاركة في الانتخابات المبكرة، التي كانت من متبنيات أكتوبر الأساسية، لرسم مستقبل أفضل لوطننا، أمامنا أيام لاختيار الأصلح والأكثر نزاهة لتمثيل شعبنا(..) ‏الخلود لشهداء العراق».

انتخابات النازحين


وأكدت وزارة الهجرة والمهجرين، أن النازحين في المخيمات، سوف يدلون بأصواتهم بإشراف أممي، مشيرة إلى أن «هناك مخاطبات ولجانًا مشتركة بين المفوضية ووزارة الهجرة من خلال فروعها، خاصة في إقليم كردستان».
وقال مدير عام دائرة شؤون الفروع في وزارة الهجرة، علي عباس: «المراكز الانتخابية التي خُصصت للنازحين، شملت مخيمات دهوك بـ 24 مركزًا انتخابيًا داخل المخيمات، ومراكز انتخابية قرب المخيمات في السليمانية»، مشيرًا إلى أن «هناك محاولة لجعل المراكز الانتخابية داخل المخيمات، لتعذر خروج العائلات النازحة من المخيم إلى المركز الانتخابي».
وبينما أكد أن معظم الموجودين في المخيمات، سيدلون بأصواتهم بإشراف أممي، قال: «النازحين خارج المخيمات حُدِّثت بياناتهم، وخُصصت مراكز انتخابية لهم في أربيل ودهوك والسليمانية، على أن يبقى الخيار للناخب في يوم الانتخاب، ليدلي بصوته وحقه الدستوري».

الصمت الانتخابي


مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، الدكتور حسين الهنداوي، قال: الصمت الانتخابي يبدأ قبل يوم واحد فقط من بدء عملية التصويت في الانتخابات وليس قبل ذلك، مشيرًا إلى أن المرشحين يحق لهم الاستمرار بحملاتهم الانتخابية، حتى قبل 24 ساعة من انطلاق الانتخابات.
وتعهد المسؤول العراقي، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق كل مَنْ يخالف شروط الحملات الانتخابية ولا يلتزم بالأنظمة والتعليمات الصادرة عنها، مؤكداً ضرورة الالتزام ببنود وثيقة السلوك الانتخابي، بشأن القواعد الواجب الالتزام بها في الانتخابات، من قادة الأحزاب السياسية العراقية.

مشاركة كثيفة


مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، حسين الهنداوي، توقع ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، بعد دعوة المرجعية الدينية العليا للمشاركة بالانتخابات.
وقال الهنداوي، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية: «مفوضية الانتخابات تحرص على اتخاذ الإجراءات كافة، لضمان تمكين الناخبين من المشاركة في العملية الانتخابية»، مشيدًا ببيان المرجعية الدينية العليا، بدعوة الناخبين المؤهلين إلى التصويت على المشاركة الواعية والمسؤولة، في انتخابات العاشر من الشهر الجاري.
وأكد المسؤول العراقي، أن «هذه الدعوة تؤكد الأهمية الاستثنائية لهذه الانتخابات، في حماية النظام الديمقراطي، وحق العراقيين بتمثيل برلماني يعبِّـر عن طموحاتهم، ويحمي مصالح البلاد العليا».
وبينما أشاد الهنداوي بدعوة المرجعية للناخبين العراقيين، إلى احترام قيمة أصواتهم، ثمَّن تأكيدها «أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية، وأن على الناخبين ألا ينتخبوا إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره».

التنافس السياسي


تلك الترتيبات الأمنية والتنظيمية لإجراء الانتخابات، تأتي بينما تشهد الساحة السياسية السُّنية العراقية تنافساً سياسياً، بين مختلف القوى والأحزاب والشخصيات، إلا أن هناك قطبين سُنيين رئيسين، هما تحالف «تقدُّم» بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وتحالف «عزم» الذي يرأسه رجل المال والسياسة خميس الخنجر.
ورغم التنافس السياسي السُّني، فإن المشهد السياسي على المستوى الشيعي لم يتغير، لأن الكتل المهيمنة على المشهد الشيعي هي نفسها، منذ أول انتخابات برلمانية جرت في العراق عام 2005.
من جهة أخرى، اشتعلت الصراعات بين الأحزاب الكردية، ليس فقط للسيطرة على المقاعد، بل على قرار الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي وشِبه المستقل، في الكثير من القرارات والسياسات.