رئاسي ليبيا يطلق مبادرة لحل الأزمة... فهل تنجح في إنهاء ازدواجية السلطة التنفيذية؟

يقول المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، لـ -السياق-، إن المجلس الرئاسي لا يملك أي شيء علي الأرض، مشيرًا إلى أن الدعوة إلى الحوار مع مجلسي النواب والدولة جاءت متأخرة، خاصة أن هناك دعوة سابقة وتوافقًا محدودًا بين مجلسي النواب والدولة، برعاية المبعوث الأممي عبدالله باثيلي.

رئاسي ليبيا يطلق مبادرة لحل الأزمة... فهل تنجح في إنهاء ازدواجية السلطة التنفيذية؟

السياق

تعيش ليبيا حالة من الانسداد السياسي، فاقمها «الصدام» الأخير بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، على خلفية قرار البرلمان تحصين القضاء من ألاعيب الإخوان، وإصدار قرار بإنشاء المحكمة الدستورية في مدينة بنغازي شرقي البلاد.

ذلك الصدام، الذي ضرب بجذوره، اللقاء المرتقب الذي كانت تعد له البعثة الأممية في ليبيا، بين رئيس النواب عقيلة صالح وما يعرف بـ«الأعلى للدولة» خالد المشري، بعد فشل التئام الاجتماع الأخير، الذي كان مقررًا له مناقشة القاعدة الدستورية، التي ستجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وبينما ألقت الأزمة الأخيرة بظلالها على فرص الحل السياسي في ليبيا، بعد بيانات البرلمان والأعلى للدولة التي بدت تصادمية، دخل المجلس الرئاسي الليبي على الخط، محاولًا عرض رؤية لحل ليبي، يرتكز على محاور عدة.

مبادرة "الرئاسي الليبي"

بحسب بيان للمجلس الرئاسي الليبي، اطلعت «السياق» على نسخة منه، فإن المبادرة تهدف إلى تجاوز الانسداد السياسي وتحقيق التوافق الوطني، اتساقاً مع نصوص خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الحاكمة للمرحلة، وانطلاقًا من المسؤولية «الأخلاقية» الواقعة على المجلس الرئاسي.

وأوضح المجلس الرئاسي الليبي، أن المبادرة تهدف –كذلك- إلى إنجاز التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، على إصدار قاعدة دستورية، تؤسس لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتعالج النقاط الخلافية العالقة، في ظل استمرار تعثر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، بموجب التعديل العاشر للإعلان الدستوري واتفاق الغردقة، الذي أبرم بين المجلسين برعاية الأمم المتحدة.

وبحسب بيان «الرئاسي»، فإن مبادرته لحل الأزمة، تبدأ بلقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة (النواب والأعلى للدولة والرئاسي)، بالتنسيق مع المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي، وتُهيّئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تُضمّن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي.

وعن المبادرة، قال المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، في تصريحات لـ«السياق»، إن المجلس الرئاسي لا يملك أي شيء علي الأرض، مشيرًا إلى أن الدعوة إلى الحوار مع مجلسي النواب والدولة جاءت متأخرة، خاصة أن هناك دعوة سابقة وتوافقًا محدودًا بين مجلسي النواب والدولة، برعاية المبعوث الأممي عبدالله باثيلي.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن المجلس الرئاسي محسوب على السلطة التنفذية منتهية الولاية، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، لأنهما جاءا بالاتفاق نفسه والقائمة ذاتها، مشيرًا إلى أن تلك المبادرة «أجندة» من الدبيبة يحاول تمريرها عبر الرئاسي، لضمان البقاء في السلطة.

وتساءل: إذا كان الرئاسي فشل في تنفيذ البندين الخاصين به في اتفاق جنيف: إجراء المصالحة الوطنية وتوحيد الجيش، فهل ينجح في حلحلة الانسداد السياسي الذي هو أحد أطرافه؟ متوقعًا فشل مبادرة الرئاسي لعدم توافر شرط الحيادية لدى هذا المجلس، ليكون الوسيط الذي يقرب وجهات النظر ويحلحل ازدواجية السلطة التنفذية.

 

عقبات عدة

المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، قال في تصريحات لـ«السياق»: رغم أن مبادرة الرئاسي تظهر على الورق أنها سهلة وسلسلة ويمكن تطبيقها من دون عراقيل، فإنها تصطدم بالعديد من العقبات.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أنه في حال تدقيقنا نص مبادرة المجلس الرئاسي، فإنها تتحدث عن اجتماع بين مجلسي النواب والدولة للحديث عن الدستور (مع إضافة المجلس الرئاسي والبعثة الأممية)، في مواقف لن تؤدي إلا إلى مزيد من «العبث»، مستدلًا على رأيه بعشرات اللقاءات «الفاشلة» بين المجلسين.

وأشار إلى أن الواقع يقول إن المجالس الثلاثة وحكومة الدبيبة ترى أن الانتخابات رصاصة قاتلة بالنسبة لهم، ولن يتفقوا على إجرائها.

بدوره، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن المجلس الرئاسي ما زال «يتخبط» ولم يعرف مكانه الحقيقي في مضمار الصراع على السلطة في ليبيا، مشيرًا إلى أنه «أخفق» في تحقيق أي مصالحة مجتمعية، بل عمل أعضاؤه على زرع الفتن والخلافات القبلية.

وبينما قال المحلل الليبي، إنه لا يمكن التعويل على المجلس الرئاسي في أي مبادرة من شأنها حلحلة الأزمة الليبية الشائكة، قال إن هذه المبادرة لن تنجح في جمع أي من الأطراف، خاصة البرلمان الشرعي الذي ينظر إلى المجلس الرئاسي على أنه جسم غريب.

وأشار إلى أن هناك أزمة ثقة بين المجلس الرئاسي والبرلمان، مؤكدًا أن هناك تضاربًا في الصلاحيات في ما يتعلق بمنصبي القائد الأعلى للجيش ورأس الدولة أو رئاسة البلاد.

وأكد المحلل الليبي، أن المجلس الرئاسي يعد نفسه صاحب المنصببين، بينما البرلمان لا يعترف له بذلك، مشيرًا إلى أنه ليس هناك أي أمل في أن يقبل البرلمان، بأي اجتماع يكون فيه الدبيبة حتى لو كان للمصالحة.

 

شرعنة حكومة الدبيبة؟

وعن إمكانية أن تسهم المبادرة في شرعنة حكومة الدبيبة منتهية الولاية، خاصة أن من طرحها أحد المحسوبين على الحكومة في الاتفاق الذي أتى بهما إلى السلطة، قال المحلل الليبي الأوجلي، إن الأمر لا علاقة له بالشرعنة، مشيرًا إلى أن الموضوع واضح ومتعلق بالفساد للاستمرار في السلطة.

وطالب المحلل السياسي، الليبيين بالانتباه والتركيز على ما يحدث لقراءة المشهد جيدًا، ومعرفة حقيقة هؤلاء الشخصيات، مشيرًا إلى أن الدبيبة وحكومته قالوها بشكل صريح إنهم لن يسلموا السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما يعني أنه ليس بحاجة إلى شرعنة نفسه، كونه نصب نفسه حاكمًا.

 

موقف الجيش

وعن موقف الجيش من الانسداد السياسي، قال المحلل الليبي أحمد المهدوي: موقف الجيش واضح من هذا «العبث الذي تمارسه النخب السياسية في ليبيا بمساعدة الميلشيات»، مشيرًا إلى أن الجيش سينحاز إلى إرادة الشعب الليبي.

وأشار إلى أن رسائل الجيش أرسلت من خلال خطاب إجدابيا، وأن خيار فك الارتباط عن الغرب الليبي أصبح مطروحًا، حال استمرار العبث وإهدار المال العام وتفشي الفساد في حكومة الدبيبة.

وعن تأثير قرار الجيش المرتقب في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، قال المحلل الليبي إن اللجنة تعمل باستقلالية، ولا أعتقد أن أي قرار يتخذ من قبل الجيش الليبي سيعيق عملها في ما يخص الإصلاح ووقف إطلاق النار، إلا أنه قال إن المخاوف تكمن في موقف اللجنة التابعة لجيش المنطقة الغربية، الذي قد يتغير بفعل ضغط المليشيات المسلحة.