قصف الداخل الروسي... ضوء أخضر أمريكي يُصعد الحرب في أوكرانيا
البنتاغون وافق ضمنيًا على أن تشن أوكرانيا هجمات بعيدة المدى على أهداف داخل روسيا.

ترجمات -السياق
كشفت صحيفة التايمز البريطانية، عن تصعيد جديد تشهده الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ فبراير الماضي، إذ منحت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، كييف، الضوء الأخضر لشن ضربات بطائرات من دون طيار داخل روسيا.
وأشارت إلى أن "البنتاغون" وافق ضمنيًا على أن تشن أوكرانيا هجمات بعيدة المدى على أهداف داخل روسيا، ردًا على الضربات الصاروخية التي شنتها موسكو على البنية التحتية الحيوية في كييف.
وأوضحت الصحيفة، أن وزارة الدفاع الأمريكية راجعت تقييمها لتهديدات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مبينة أن هذا التقييم شمل ما إذا كانت شحنات الأسلحة المرسلة إلى كييف، قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو".
"الناتو" وروسيا
ونقلت "التايمز" عن مسؤول عسكري أمريكي رفيع -رفض كشف هويته- قوله إنه منذ بدء الهجمات اليومية على المدنيين الأوكرانيين في أكتوبر الماضي، راجع "البنتاغون" تقييمه لتهديدات الحرب، بما في ذلك مراجعة شحنات الأسلحة التي ترسلها واشنطن إلى كييف، وما إذا كانت ستؤدي إلى مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف الناتو.
ورأت الصحيفة أن موافقة "البنتاغون" على شن هجمات أوكرانية في العمق الروسي، يُمثل تطورًا مهمًا في العملية العسكرية التي دخلت شهرها العاشر بين أوكرانيا وروسيا، مشيرة إلى أنه "من المرجح أن تزود واشنطن كييف بأسلحة بعيدة المدى".
وأضاف المسؤول العسكري الأمريكي: "ما زلنا نستخدم الحسابات التصعيدية نفسها، لكن الخوف من التصعيد تغير منذ البداية. الأمر مختلف الآن. هذا لأن حسابات الحرب قد تغيرت نتيجة للمعاناة والوحشية التي يتعرض لها الأوكرانيون من قِبل الروس".
وبيّن أن بلاده أصبحت "أقل قلقًا" من أن الضربات الجديدة البعيدة المدى داخل روسيا، قد تؤدي إلى تصعيد دراماتيكي للحرب.
يذكر أن واشنطن كانت أكثر حذرًا من مهاجمة أوكرانيا لروسيا في الداخل، لأنها كانت تخشى أن يرد الكرملين إما بأسلحة نووية تكتيكية، وإما باستهداف دول "الناتو" المجاورة.
وقال المسؤول العسكري الأمريكي: "نحن لا نقول للأوكرانيين لا تضربوا الروس في روسيا أو القرم. لا يمكننا إخبارهم بما يجب عليهم فعله. الأمر متروك لهم في كيفية استخدام أسلحتهم، لكن عندما يستخدمون الأسلحة التي قدمناها، فإن الشيء الوحيد الذي نُصر عليه هو أنهم يمتثلون لقوانين الحرب الدولية واتفاقيات جنيف".
تناقض وتصعيد
وأشارت "التايمز" -في تقريرها- إلى أن رواية المسؤول الأمريكي تتناقض مع تصريحات وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، عقب الهجمات الأوكرانية الأخيرة، التي استهدفت قواعد عسكرية داخل الأراضي الروسية، حيث قال: "لم نشجع الأوكرانيين ولم نسمح لهم بالضرب داخل روسيا".
وأفادت الصحيفة البريطانية بأنه "إذا قررت الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى قادرة على ضرب أعمق في روسيا، فقد يزداد الخوف من التصعيد المحتمل بشكل كبير، خصوصًا التصعيد النووي الذي قد يلجأ إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذا تعرضت بلاده للخطر".
من جانبه، أوضح المسؤول الأمريكي أن الطلبات الواردة من كييف للحصول على أسلحة أمريكية بعيدة المدى، بما في ذلك الصواريخ والقاذفات المقاتلة، التي يمكن استخدامها لشن ضربات أكثر فاعلية داخل روسيا أو شبه جزيرة القرم المحتلة، يُنظر فيها بجدية.
وحسب الصحيفة البريطانية، تشمل الأسلحة التي تتصدر قائمة رغبات كييف، نظام الصواريخ التكتيكية للجيش الأمريكي، المعروف اختصارًا بـ"أتاكمز"، الذي يبلغ مداه 190 ميلًا.
ووفق الصحيفة، فإن السلاح سيكون فعالًا "بشكل مدمر" إذا استُخدم في الهجمات الأكثر عُمقًا داخل روسيا.
كان نائب الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ألكسندر فيرشبو، قال -قبل أيام- إن إمداد أوكرانيا بصواريخ أتاكمز طويلة المدى، يمكن أن يحد بشكل كبير من قدرة الروس على استهداف البنية التحتية الحيوية، في جميع أنحاء البلاد.
وقال فيرشبو، وهو أيضًا سفير أمريكي سابق لدى روسيا، في تصريحات لوكالة أنباء يوكرينفورم الأوكرانية: أعتقد أن الوقت قد حان بالنسبة للولايات المتحدة، لمراجعة بعض القرارات بشأن توفير أنواع معينة من الأسلحة لأوكرانيا، التي يمكن أن تحد من قدرة روسيا على استخدام الأراضي القريبة من خط المواجهة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، لضرب البنية التحتية بلا خوف من الانتقام.
وأضاف أن صواريخ أتاكمز ستكون قادرة على الحد من القوة النارية الروسية، المستخدمة لضرب منشآت البنية التحتية للطاقة، في جميع أنحاء أوكرانيا.
وشدد فيرشبو أيضًا على أن الغرب يجب أن يساعد أوكرانيا في الحفاظ على المبادرة، وكذلك الاستمرار في الضغط على روسيا، حتى لا تسمح لقواتها بأخذ قسط من الراحة واستعادة قوتها وإعادة تسليحها.
ووفقًا له، رغم رأي الخبراء بأن الشتاء عادةً ما يؤدي إلى توقف معين في الأعمال القتالية، لا يمكن السماح بذلك في الوضع الحالي بأوكرانيا.
وشدد على أن "الإبقاء على الضغط العسكري على روسيا مع تحقيق النصر لابد أن يكون هدفًا واضحًا"، مضيفًا: "يجب أن يكون الهدف انتصار أوكرانيا".
كما أعرب عن رأيه بأن الولايات المتحدة ودولًا أخرى تدرس في الوقت نفسه فرض عقوبات جديدة على روسيا، على خلفية هجماتها الوحشية على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا.
ويُعد نظام أتاكمز صواريخ بالستية أرض-أرض بمدى يصل إلى 300 كم.
وردًا على ذلك، في تصعيد يحمل مؤشرات خطيرة، كان مسؤول في الخارجية الروسية، قد حذر مؤخرًا، من أن حلف شمال الأطلسي "يقترب من مستوى خطير ينذر بالمواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا".
وقال نائب مدير إدارة عدم الانتشار والرقابة على التسلح في الخارجية الروسية، كونستانتين فورونتسوف: "دول الحلف تلتزم الصمت بشأن ضلوعها في الأزمة الأوكرانية، في حين تعمل على تقديم الدعم لكييف وتمدها بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية وإدارة العمليات القتالية".
ولفت إلى أن واشنطن "تجني الحصة الأكبر من مكاسب استمرار الحرب، واضطرار الدول الأوروبية لشراء الأسلحة منها قبل إرسالها إلى أوكرانيا".