الاتفاق الإطاري في السودان... هل يقطع الطريق أمام عودة الإخوان للسلطة؟
يقول الدكتور حمدي عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية في جامعتي زايد والقاهرة، لـ السياق، إن عودة الإسلاميين بالسودان، منفردين بالحكم مثلما حدث في عهد عمر البشير، لا يمكن أن تحدث في ظل الأوضاع الحالية، لكن عودتهم يمكن أن تكون كجزء من التحالفات التي تجرى الآن.

السياق
مع استئناف العملية السياسية في السودان، عقب توقيع الاتفاق السياسي الإطاري، بين المكونين المدني والعسكري، أطلق رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، تصريحات تثير العديد من التساؤلات الخاصة بسيناريوهات تحرك الإخوان للعودة إلى السلطة.
البرهان قال، في تصريحات تليفزيونية، إنه تم رصد مجموعات تنتمي إلى تنظيمات إسلامية، تريد استعادة السلطة عبر استغلال القوات المسلحة السودانية، وشدد على أنه لن يسمح لأي جهة باستخدام الجيش للاستيلاء على السلطة.
هذه التصريحات فتحت ملف عودة الإخوان والجماعات الإسلامية في السودان للسلطة، وأثارت العديد من التساؤلات عن مسارات عودتهم للعملية السياسية؟ وهل يمكن أن تستغل التوترات في بعض المناطق للضغط باتجاه قبولهم في العملية السياسية؟
إطار تحالفي
بدوره، قال الدكتور حمدي عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية في جامعتي زايد والقاهرة، الخبير في الشؤون الإفريقية لـ"السياق"، إن عودة الإسلاميين بالسودان، منفردين بالحكم مثلما حدث في عهد عمر البشير، لا يمكن أن تحدث في ظل الأوضاع الحالية، لكن عودتهم يمكن أن تكون كجزء من التحالفات التي تجرى الآن.
وأشار عبدالرحمن، إلى أن الإخوان حاولوا العودة إلى المشهد السياسي، من خلال "التحالف الإسلامي العريض"، الذي تم تشكيله والاعلان عنه في أبريل 2022، وشاركت فيه عشرة تنظيمات بما فيها الإخوان، وجماعة الإصلاح وغيرها من التنظيمات.
وأوضح الخبير في الشؤون الإفريقية أن التيارات الإسلامية في السودان "كبيرة وعريضة ومختلفة"، الأمر الذي يسمح بعودة الإسلاميين عبر واجهات أخرى.
ووقع حزب المؤتمر الشعبي -فصيل إسلامي انشق عن حزب المؤتمر الوطني بزعامة عمر البشير- على الاتفاق الإطاري مع القوى المدنية التي وقعته.
لكن، يقول الدكتور حمدي عبدالرحمن، إنه في ظل المشهد المتشظي والأوضاع الصعبة التي يعيشها السودان، ستكون هناك فرصة للإسلاميين للالتفاف والعودة والمشاركة، إما بشكل حزبي وإما ضمن تحالفات أو مع جماعات أوسع.
تحذير للإسلاميين
من جانبها، قالت أسماء الحسيني، مديرة تحرير صحيفة الأهرام المصرية، المتخصصة في الشؤون الإفريقية لـ"السياق"، إن تصريحات الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رسائل تحذيرية موجهة إلى الإسلاميين، لأنه كان قد أطلق قبل شهر تحذيرات لهم بألا يتدخلوا في الجيش، وأنهم يعملون على تفكيكه ولن يسمح لأية جهة بأن تعبث بالقوات المسلحة وتفككها.
ولفتت إلى أن البرهان أراد -عبر هذه التصريحات- أن يجعل مسافة بينه وبين الإسلاميين، والتأكيد لجهات عدة في المجتمع الدولي وفي الإقليم أنه يعمل ضد الإسلاميين، غير المرغوب في وجودهم بالمشهد، خاصة بعد إجراءاته التي اتخذها في الخامس والعشرين من أكتوبر، التي عدها المجتمع الدولي يومها، والعديد من القوي السياسية في السودان انقلابًا على الحكم المدني.
وأوضحت أسماء الحسيني أنه بعد الإجراءات التي اتخذها البرهان، عاد الكثير من قيادات الإخوان وكوادرهم إلى مراكز في الحكومة ودواليب عمل الدولة السودانية، كما نُقل الرئيس السابق المعزول عمر البشير، وعدد من قيادات حكمه من سجن كوبر إلى مستشفى علياء، الأمر الذي انتهي مؤخرًا باتخاذ البرهان، قرارًا بنقلهم مرة أخرى إلى السجن.
وأوضحت أيضًا أنه كانت هناك إجراءات ضد الإسلاميين، عبر حل الاتحادات والنقابات التي أعيدت إلى العمل، بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، لكن البرهان اتخذ قرارًا بحلها، وهو ما يمكن أن يكون تمهيدًا للاتفاق الإطاري والتفاهمات التي كانت مع قوي الحرية والتغيير.
مسافة واضحة
وأشارت أسماء الحسيني، إلى أن هناك مسافة بين البرهان والإخوان الذين عدوا أنفسهم حلفاء له بعد إجراءات الـ25 من أكتوبر، وأضافت: "لكنهم الآن يحشدون ويسيرون المظاهرات ضد الاتفاق الإطاري".
وأكدت أن تصريحات البرهان، محاولة للتبرؤ من تصريحات الإسلاميين، وإعلان أن الجيش السوداني جيش وطني، وأن القوات المسلحة قوات وطنية مستقلة وبعيدة عن التأثيرات، فهو يريد إبعادها عن التأثيرات الإسلامية، التي تريد استغلالها لاستعادة السلطة.
وعن مسارات عودة الإخوان للعملية السياسية، استبعدت الخبيرة في الشؤون الإفريقية، عودتهم الآن، موضحة أن ذلك أمر بالغ الصعوبة، لأن المجتمع الدولي والإقليم والعديد من القوى داخل السودان تدعم عدم عودتهم.
ولفتت إلى أن الاتفاقيات التي عُقدت، سواء في الفترات الانتقالية السابقة أم الاتفاق الإطاري الحالي، ينص على عدم دخول فلول النظام السابق إلى السلطة.
كما أن الإخوان والإسلاميين من فلول النظام السابق، لا يريدون العودة مباشرة إلى السلطة، بحسب الحسيني، لأن هذا الأمر ستكون مواجهته من أطراف عدة في المجتمع الدولي والإقليم والداخل السوداني، وبذلك فإن عودتهم ستكون عبر أشكال أخرى، قبلية أو مجتمعية أو أحزاب وهياكل شبابية جديدة، لكن عودتهم بشكل مباشر في العملية السياسية سيكون من الصعب قبولها.
تعطيل الفترة الانتقالية
ونوهت أسماء الحسيني، إلى أن الإسلاميين قد يعملون على تعطيل هذه الفترة الانتقالية أو العمل ضدها بأشكال عدة، ولفتت إلى أنه في فترة سابقة كانت لجنة إزالة التمكين قد اتخذت إجراءات ضد وجودهم في هياكل الدولة، وأيضًا ضد الممتلكات أو الأموال التي حصلوا عليها بأوجه غير مشروعة، لذا متوقع أن يعملوا على تسيير مظاهرات ضد الاتفاق الإطاري كاتفاق ثنائي.
وروجت التنظيمات الإسلامية، بحسب الحسيني، إلى أن الاتفاق الإطاري ضد الهوية الإسلامية للسودان، وأنه سيعمل على تفكيك الجيش السوداني، لذا يثيرون الكثير من الشكوك فيه، بل يذهبون إلى أنه برعاية أجنبية ويعد خيانة في حق الوطن والدين.
وتشير الخبيرة في الشؤون الإفريقية، إلى أن الإخوان والإسلاميين يحاولون العودة بأشكال عدة، واستندت في رؤيتها إلى عودة محمد طاهر ايلا، آخر رئيس وزراء في عهد البشير، مؤخرًا إلى البلاد، وهو الذي ينتمي إلى قبيلة البجا شرقي السودان، إذ جرى استقباله بحفاوة كبيرة بسبب الثقل القبلي الذي ينتمي إليه.
ونوهت إلى أن التنظيمات الإسلامية تستغل الانتماءات القبيلة والمجتمعية، وهناك بالفعل توترات يمكن أن يعودوا من خلالها للضغط والعودة إلى المشهد في السودان.