محاولات إخوانية للعودة إلى المشهد التونسي... والرئاسة ترد 

تعمل الدولة التونسية على محاور عدة لمجابهة الإخوان، بعضها لحظي ويكون متغيرًا حسب الأوضاع على الأرض

محاولات إخوانية للعودة إلى المشهد التونسي... والرئاسة ترد 

السياق

بينما تعاني حركة النهضة الإخوانية ضربات متتالية، وجَّهتها إليها الدولة التونسية، حاولت الفرار من «الواقع الأليم» الذي تعيشه والمستقبل المظلم الذي ينتظرها، بمحاولة تشويه الحقائق، والدعوة لاحتجاجات ضد الرئاسة التونسية.

ذلك الواقع يتمثل في استمرار الدولة التونسية بالمضي قدمًا في طريقها لتأسيس دولة ما بعد يوليو 2021، تكون خالية من الإخوان وأتباعهم، عبر الشروع في الانتخابات البرلمانية، التي ستقضي على الأمل الأخير لذلك التنظيم الإرهابي، بالتزامن مع محاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها في العشرية المنصرمة.

وبينما يشير مستقبل تونس -وفقًا للمعطيات- إلى أنه سيكون خاليًا من أي وجود لتنظيم الإخوان الإرهابي، حاول الأخير الانقلاب على تلك التحركات، ببيانات واهية، وبدعوات مثيرة الهدف منها محاولة تأليب الشارع ضد النظام الحالي، وتقويض أي خطوات من شأنها وأد أمله الأخير في أن يكون على أرض البلد العربي.

فماذا حدث؟

ببيان كشف تأثير الضربات التونسية في حركة النهضة الإخوانية، ادعت الأخيرة أن الإجراءات القضائية المتخذة بحق أعضائها، على خلفية التهم الجنائية التي يحاكمون فيها، ذات خلفيات سياسية، متجاهلة سجلها «الأسود» خلال الأعوام الماضية التي تسيدت فيها المشهد بتونس.

وكعادتها، حاولت حركة النهضة التي تسببت بأزمات اقتصادية وسياسية آلمت المواطنين على مدى العشرية الماضية، الالتفاف على أي إجراءات تتخذها الدولة التونسية، فشككت في قرار الرئاسة التونسية المصالحة مع مئات من رجال الأعمال، الذين تورطوا بقضايا فساد، ستدر 5 مليارات دولار على خزينة البلد الإفريقي المثقل بالديون والمأزوم اقتصاديًا.

كانت الرئاسة التونسية أعلنت –الثلاثاء- عزمها التصالح مع 460 رجل أعمال، ضمن قانون الصلح الجزائي، الذي يهدف لاستعادة أموال الدولة المنهوبة، ممن تورط في نهب المال العام، في الفترة التي حكم فيها تنظيم الإخوان البلد الإفريقي، إلا أن الرئاسة خصصت تلك الأموال لتوظيفها في مشاريع واستثمارات.

حركة النهضة الإخوانية، لم تكتفِ بمحاولات التشكيك في الإجراءات التي تتخذها السلطات التونسية، التي لم تجدِ نفعًا وتحطمت على صخرة وعي التونسيين، بل حاولت حثَّ أتباعها على المشاركة المكثفة في مسيرات سمتها «الإنقاذ»، وحددت السبت موعدًا لتنظيمها.

وبينما حاولت استغلال مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان للخروج إلى الشوارع للتظاهر، أملًا بحشد أي متظاهرين لقضيتها التي باتت غير عادلة، سعت إلى مغازلة القوى السياسية، التي اكتوت بنيرانها خلال الفترة الماضية.

ودعت الحركة الإخوانية، القوى السياسية إلى طي صفحة التشتت والفرقة بين قوى المعارضة السياسية، وتقديم التنازلات الحتمية لتحقيق الوحدة و«بناء بديل سياسي ينقذ البلاد من الانفجار الاجتماعي والانهيار الاقتصادي، ويسهم في استعادة المسار الديمقراطي»، على حد زعمها.

محاولات فشلت –حتى اللحظة- في إيجاد ظهير شعبي وسياسي لها، على الأراضي التونسية، بينما يحاول البلد الإفريقي السباحة عكس تيار الإخوان، أملًا بإيجاد ميناء لأن ترسو فيه سفينة تونس، بعيدًا عن شاطئ التنظيم الإرهابي المفخخ بالألغام.

فماذا أعدت الدولة التونسية للإخوان؟

تعمل الدولة التونسية على محاور عدة لمجابهة الإخوان، بعضها لحظي ويكون متغيرًا حسب الأوضاع على الأرض، كالاستعدادات الأمنية المكثفة للاحتجاجات المزعومة لحركة النهضة الإخوانية وأتباعها.

فبحسب وسائل إعلام محلية، فإن شارعي الحبيب بورقيبة والحبيب ثامر ومعظم المداخل المؤدية لهذين الشارعين ووسط العاصمة التونسية، شهدت تعزيزات أمنية مكثفة استعدادًا لتأمين المسيرة الإخوانية، ولمنعها من افتعال أزمات مع الرافضين لهذا الحراك الداعي لمقاطعة الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها 17 ديسمبر الجاري.

وأكدت التقارير المحلية، أن وزارة الداخلية التونسية، وضعت وحدات أمنية على مداخل الشوارع والأزقة المتفرعة من شارعي الحبيب ثامر والحبيب بورقيبة، بعد غلقها على العربات وفتحها أمام المارة، إضافة إلى وحدات تفتيش للمارة، منعًا لتهريب أي متفجرات إلى المسيرات الإخوانية، تستخدم ضد الشرطة أو المؤسسات الحكومية.

محاكمة الإخوان

وغير عابئة بالمناكفات الإخوانية، تسلك الدولة التونسية دربًا آخر في إطار مواجهة التنظيم الإرهابي وإجرامه بحق الدولة، سواء في الماضي أم الحاضر، فهيئة الدفاع عن القيادي في حركة النهضة الإخوانية محمد بن سالم، أعلنت –الجمعة- منعه من السفر للمرة الثالثة من شرطة الحدود في مطار تونس قرطاج الدولي.

يأتي منع بن سالم نائب البرلمان الذي حله الرئيس قيس سعيد عام 2021، في يوليو الماضي، على خلفية التحقيقات في ملف يرتبط بتلقي جمعية خيرية لتمويلات مشبوهة، بينما يخضع قياديان أيضاً من حركة النهضة إلى القرار نفسه بالمنع من السفر، بينهم زعيم الحركة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي الملاحق في قضايا عدة.

ذلك المسار جاء متناغمًا مع «يقظة أمنية»، أسهمت في إحباط السلطات -الأسبوع الماضي- مخططًا إرهابيًا يستهدف إحدى الوحدات الأمنية ومؤسسة دينية بمدينة صفاقس جنوب شرقي البلاد.

وفي عملية استباقية نفذتها وحدات إدارة مكافحة الإرهاب للحرس الوطني، أكدت الأخيرة أنها تمكنت من إحباط مخطط إرهابي لتكفيري، سبق أن قضى عقوبة بالسجن لتورطه في قضية إرهابية، مشيرة إلى أن «المخطط الإرهابي كان يتمثل في استهداف إحدى الوحدات الأمنية ومؤسسة دينية بمحافظة صفاقس».

مسار الانتخابات

المسار الثالث الذي تسلكه الدولة التونسية، يتمثل في إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة، المقررة خلال أيام، التي ستحطم آمال الإخوان في العودة.

وبينما حاول تنظيم الإخوان تشويه السباق البرلماني، أعلن رئيس هيئة الانتخابات التونسية فاروق بوعسكر، أن بلاده أحبطت تلك المخططات، وأنها جاهزة للاستحقاق الديمقراطي المقرر في 17 ديسمبر الجاري.