فتنة الريسوني... هل يتفكك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

مواقف الريسوني قد تكون بداية تصدع داخل الاتحاد وبروز الخلافات بين مكوناته

فتنة الريسوني... هل يتفكك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

على خطى الإخوان في إثارة الفتن بين الشعوب، خرجت تصريحات أحمد بن عبدالسلام الريسوني رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، لتضرب حالة الهدوء والاستقرار في المغرب العربي.

تصريحاته دفعت 25 عالما جزائريا تجميد عضويتهم في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين احتجاجا على ما وصفوه بالاستفزاز والعدائية.

وتتعلق التصريحات بالجزائر وموريتانيا والصحراء، واشترط العلماء الجزائريون المنسحبون استقالة الريسوني أو تقديم الاعتذار.

الريسوني الذي حل بديلًا ليوسف القرضاوي عام 2018، دعا فيها المملكة المغربية إلى "الجهاد" لضم مناطق من الجزائر وموريتانيا، لأنها كانت ضمن حكم السلاطين المغاربة، ما تسبب في احتقان جماهيري في المغرب العربي.

ويرى مراقبون تحدثوا لـ"السياق"، أن الريسوني الذي وُلد في قرية أولاد سلطان بإقليم العرائش، شمالي المغرب عام 1953، يسير على نهج سلفه يوسف القرضاوي في إثارة الفتن، وهو المسار الرئيس لتنظيم الإخوان، خصوصًا أنه أحد أبرز قيادات التنظيم الدولي للجماعة في المغرب العربي.

عداء مباشر

باسل ترجمان، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، يقول لـ"السياق"، إن التصريحات التي أدلى بها أحمد الريسوني، بخصوص قضية الصحراء، تعكس متغيرًا خطيرًا في أجندة "اتحاد علماء المسلمين"، التي لا يمكن فصلها عن جماعة الإخوان.

ويشدد الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، على أن تصريحات الريسوني ليست الأولى، إذ سبق أن كانت له تصريحات بخصوص العلاقات المغربية الإسرائيلية، وكان بينه وبين أحد أعضاء اتحاد علماء المسلمين وهو موريتاني الأصل، اشتباك بخصوص هذا الموضوع.

ويرى ترجمان أن "اتحاد العلماء" يسعى من خلال هذه التصريحات إلى البحث عن دور وتأثير، بعد تراجع تأثيره نتيجة دوره في إثارة الفتن خلال الأحداث السياسية بالمنطقة العربية منذ 2011.

ويستدل على حديثه، بمحاولة اتحاد العلماء استغلال الأزمة الأوكرانية للظهور مرة أخرى، وإصداره فتوى بأن مساندة أوكرانيا واجب على كل مسلم ومسلمة.

بداية انهيار

كانت جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، قررت -في بيان رسمي- تجميد عضويتها في الاتحاد، مؤكدة أن الأخير لا يعمل للصلح بين المسلمين لكنه "يؤجج النار بينهم"، موضحة أن تصريحات الريسوني انحراف خطير لـ"دور الاتحاد".

واشترط عبدالرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، تقديم اعتذار صريح من الريسوني نفسه أو استقالته من منصبه، للعدول عن قرار التجميد.

يقول الدكتور إدريس الكنبوري، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية لـ"السياق"، إن تجميد علماء الجزائر لعضويتهم في الاتحاد قد يكون بداية انهياره.

وأشار الكنبوري إلى أن الاتحاد كانت لديه أجندة سياسية لصالح أطراف معينة، ويعكس -في الغالب- رأي جماعات الإسلام السياسي ويتم توظيفه لهذا الغرض، لذا فإن انسحاب الجزائر سوف يمس بمشروعيته كممثل للعلماء، ويقلص تأثيره.

وشدد على أن مواقف الريسوني قد تكون بداية تصدع داخل الاتحاد وبروز الخلافات بين مكوناته، رغم إعلان الاتحاد أن هذه المواقف تلزمه هو فقط.

لكن موقف اتحاد العلماء هذا كشف ازدواجية المواقف لديه، لأنه لم يتخذ الموقف نفسه من تصريحات رئيسه السابق يوسف القرضاوي أو بعض أعضائه، لذلك قد تكون هذه بداية الانفجار، بحسب الكنبوري.

إحراج الاتحاد

كان "اتحاد العلماء" أصدر بيانًا، إثر هذه الأزمة، تبرأ فيه من تصريحات أمينه العام، وشدد على أن مواقفه تلزمه هو.

لكن الاتحاد أكد في الوقت نفسه أن الريسوني له الحق في أن يعبر عن رأيه، وزعم أنه من "المبادئ الثابتة في الاتحاد أنه يقف مع أمته الإسلامية للنهوض بها، ولا يريد إلا الخير لأمته، والصلح والمصالحة الشاملة، وحل النزاعات والمشكلات بالحوار البناء، والتعاون الصادق".

هذا البيان، ردت عليه هيئة العلماء الموريتانيين، الذي أكدت أن حديث الريسوني غير ودي و"مريب ومستفز"، وأضافت أن "هذا النوع من الدعوات تطاول على سيادة بلادنا لا يرضي الأشقاء في المغرب".

ويقول محمود علي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لمنصة "السياق"، إن الريسوني غير سياسي، وتصريحاته خالفها التوفيق وتسببت في أزمة سياسية مع الجزائر وموريتانيا.

وأشار علي إلى أن الموضوع له علاقة بكونه مغربيًا يتحدث عن رؤيته، وتصورات بلاده من وجهة نظره، تجاه الجزائر وموريتانيا، في ظل أزمة سياسية ودبلوماسية بشأن قضية الصحراء.

ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن تصريحات الريسوني تسببت في أزمات سياسية، وإحراج للاتحاد العالمي، لأنه -في النهاية- لا يمثل نفسه، لكنه يمثل المؤسسة التي يتولى رئاستها.