الجهاز السري للإخوان... توجيه اتهام للغنوشي في جرائم ضد أمن الدولة

الجهاز السري للإخوان... قشة قد تطيح التنظيم من المشهد السياسي في تونس

الجهاز السري للإخوان... توجيه اتهام للغنوشي في جرائم ضد أمن الدولة
راشد الغنوشي

السياق

بعد مرور قرابة عام على إزاحة حركة النهضة الإخوانية من المشهد في تونس، إثر قرارات استثنائية للرئيس قيس سعيد، ما زالت الحركة تواجه عثرات واتهامات، قد تضع نهاية لمشاركتها في الحياة السياسية بالبلد الإفريقي.

آخر تلك الاتهامات الرسمية التي وجهت إليها، كان ما أعلنته –الثلاثاء- عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، المحامية إيمان قزارة، عن توجيه الاتهام رسميًا لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بجرائم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة.

وأوضحت المحامية التونسية، في تصريحات على هامش مؤتمر صحفي عقدته هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، أن راشد الغنوشي وظف مجموعة من القضاة لصالحه، و«غالط» الشعب التونسي طوال سنوات، على حد قولها.

 

اتهامات رسمية

عضو هيئة الدفاع التونسية، قالت إن الهيئة تمكنت للمرة الأولى بعد 3 سنوات ونصف السنة من ضمان حق التقاضي لموكليها، وتوجيه الاتهام رسميًا إلى راشد الغنوشي و17 آخرين، في جرائم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة.

وأكدت إحالة ملف القضية -بشكل رسمي- إلى جهات التحقيق، ليرتفع عدد المتهمين في قضية ما يعرف بـ«الجهاز السري لحركة النهضة» إلى 34 شخصًا، صدرت بحقهم قرارات منع السفر.

وعن ردود الفعل المتوقعة لحركة النهضة الإخوانية، قالت المحامية التونسية، إن الحركة التي تمثل تنظيم الإخوان، متورطة في جرائم دولة ولا تؤمن بمدنية الدولة، مشيرة إلى أن الأخيرة لها جهاز سري يدير أعمالها وخلايا لبث الشائعات لضرب خصومها.

وكشفت أنه بعد سنوات من توظيف القضاء، هرب القيادي الإخواني مصطفى خذر، المتورط الرئيس في قضية اغتيال بلعيد والبراهمي خارج تونس، من دون معرفة مكانه الرسمي، متعهدة بأن الهيئة التي تمثلها لن تستسلم، في إطار معركتها الطويلة لمقاضاة المتهمين.

 

ملف الاغتيالات

من جانبه، قال رضا الرداوي عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، في تصريحات خلال المؤتمر الصحفي، إن ما وصفه بـ«التلاعب» في ملفات الاغتيالات السياسية والجهاز السري لحركة النهضة، أسهم فيه وكيل الجمهورية التونسية السابق بشير العكرمي .

وأكد القانوني التونسي، توجيه الاتهامات للعكرمي في 4 قضايا حسب المجلة الجزائية، التي تتضمن «إخفاء الحقيقة مستغلًا مهامه الوظيفية، وتعمد موظف عمومي ترك واجب القبض على متهم، بقصد إعانته على التخلص من التتبعات العدلية، وتعمد إخفاء ما تثبت به الجريمة قبل وضع يد السلطة عليها».

تأتي تلك التطورات، بينما تستعد حركة النهضة الإخوانية، لعقد مؤتمر صحفي -الثلاثاء- قالت إنه يهدف إلى تعريف الرأي العام بعدد من القضايا السياسية، وما زعمت أنها مغالطات، رددتها هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي.

 

محاولة للتشويش

من المنتظر أن تلجأ حركة النهضة الإخوانية –كعادتها- إلى محاولة التشويش على التحقيقات الجارية بشأن جهاز الإخوان السري، المتهم فيها رئيسها الغنوشي وعدد من قيادات التنظيم.

وبحسب مراقبين، فإن «النهضة» التي نفى رئيسها قبل أيام، التقارير المثارة عن الجهاز السري لحركة النهضة، يحاول الاستعانة بأطراف خارجية ضد بلاده، أملًا في الفرار من مقصلة محاكمته، إلا أنهم أكدوا أن الرئاسة التونسية لن تسمح لأي أطراف بالتدخل في مسار التحقيقات.

كان الغنوشي، قال في تصريحات صحفية مساء أمس، إن «الحديث عن الجهاز السري المنسوب لحركة النهضة زورًا، ليس إلا محاولة يائسة لصرف أنظار التونسيين عن الوضع الاقتصادي الخانق»، على حد زعمه.

 

رسالة «قاسية»

واستدل المراقبون على رؤيتهم، بالرسالة التي وصفوها بـ«القاسية» التي وجهها الرئيس قيس سعيد إلى أي أطراف ستحاول مساندة تنظيم الإخوان، عبر طرده لجنة البندقية، وتعليق عضوية بلاده فيها، عقب تقرير لها انتقد إجراء استفتاء على دستور جديد في تونس.

كان التقرير تطرق إلى ما وصفه بـ«غياب قواعد واضحة ومحددة لإجراء الاستفتاء» المقرر إجراؤه في 25 يوليو المقبل، مشيرًا إلى أن تعديل قانون هيئة الانتخابات، يجب أن تسبقه مشاورات مكثفة، تشمل القوى السياسية والمجتمع المدني.

تأتي تلك التطورات، بعد حظر القضاء التونسي –الجمعة- السفر على 34 متهمًا في قضية تتعلق باغتيال بلعيد والبراهمي، وشمل الإجراء رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي.

وقالت المتحدثة باسم محكمة ولاية أريانة فاطمة بوقطاية، في تصريحات صحفية، إن قاضي التحقيق أصدر قرارًا بحظر سفر جميع المتهمين المشمولين في قضية الجهاز السري.

 

انتقادات لاذعة

كما تأتي بعد انتقادات لاذعة وجهها الرئيس قيس سعيد، الأسبوع الماضي، إلى القضاء، قائلًا إنه تمت تبرئة أشخاص ثبتت إدانتهم، وبإهمال بعض الملفات الحساسة، مشيرًا إلى أنه يمتلك وثائق على تورطهم، لكنهم يبقون في حالة سراح، في إشارة إلى خذر، الذي أطلق سراحه قبل أيام.

ويواجه المتهمون اتهامات بالتستر والحصول على ملفات وأدلة تدين أشخاصًا في عملية اغتيال المعارضين اليساريين شكري  بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.

وتعرف القضية بـ«الجهاز السري» للحركة التي كانت تقود الحكم بعد انتخابات 2011، التي تتهمها أحزاب معارضة بإدارة هذا الجهاز بشكل سري، لاختراق أجهزة الدولة والتورط في اغتيالات سياسية.

وبحسب تقارير، فإن التنظيم السري لحركة النهضة، أو ما يعرف بـ«الغرفة السوداء»، ليس جديداً، فهو جهاز استخباراتي خاص داخل الدولة، يضم تحت لوائه آلاف الذين تم إدماجهم في إدارات الدولة، بمقتضى قانون العفو العام.

كانت السلطات القضائية فتحت التحقيق بهذه القضية في يناير الماضي، بعد قرابة 4 سنوات، من عرض هيئة الدفاع المكونة من محامين عن السياسيين الراحلين، أدلة تفيد بوجود تستر في عمليتي الاغتيال.

تلك الأدلة قدمتها هيئة الدفاع معززة بالوثائق والشهود، تؤكد علاقة الحركة بعمليتي الاغتيال، خاصة مسؤول التنظيم مصطفى خذر، الذي شغل أيضاً منصب مسؤول البريد الخاص لوزير الداخلية آنذاك، علي العريض.

وكانت وزارة الداخلية أكدت عام 2013 أن قيادات في تنظيمات «جهادية» -لم تسمها- هي التي نفذت عمليات الاغتيالات التي أدخلت البلاد في أزمة سياسية.