بوليتيكو الأمريكية: موجة استقالات بين ذوي البشرة السوداء في البيت الأبيض

الرحيل الأكبر للموظفين السود في البيت الأبيض، كان في ديسمبر الماضي، حينما أعلنت سيمون ساندرز كبيرة مستشاري كامالا هاريس أنها ستغادر

بوليتيكو الأمريكية: موجة استقالات بين ذوي البشرة السوداء في البيت الأبيض

ترجمات – السياق

كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن ما لا يقل عن 21 موظفًا، من ذوي البشرة السوداء، يعملون في البيت الأبيض، استقالوا منذ نهاية العام الماضي، أو يخططون للمغادرة في المستقبل القريب.

وأرجع الموظفون الحاليون في البيت الأبيض رحيل زملائهم -ذوي البشرة السوداء- إلى الدعم الضعيف من رؤسائهم، والفرص الضئيلة لترقيتهم، حسب قولهم للصحيفة.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن حالات المغادرة بلغت من الوضوح، الحد الذي جعل بعض المساعدين السود يطلقون عليها مصطلح "بلاكسيت" -وهو اختصار لكلمتي أسود وخروج- وفقًا لمسؤول حالي وآخر سابق بالبيت الأبيض.

 

البداية

وذكرت "بوليتيكو" أن الرحيل الأكبر للموظفين السود في البيت الأبيض، كان في ديسمبر الماضي، حينما أعلنت سيمون ساندرز كبيرة مستشاري كامالا هاريس -نائبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن- أنها ستغادر من أجل عمل مؤقت فى قناة MSNBC.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه منذ ذلك الحين، غادر كبار مساعدي هاريس (تينا فلورنوي، وآشلي إتيان وفينسنت إيفانز، وسيدريك ريتشموند رئيس قسم المشاركة العامة).

كما ضمت قائمة المغادرين أيضًا، حسب الصحيفة: كاريسا سميث، مساعدة المشاركة العامة، وكاليشا ديسورس فيغيز، وليندا إيتيم، مديرة مجلس الأمن القومي، وكاميرون تريمبل، وفونمي أولورونيبا باديجو، والمساعدة الصحفية ناتالي أوستن، كما غادر كل من مساعدي المجلس الاقتصادي الوطني جويل غامبل وكونور ماكسويل، ومساعدي الموظفين الرئاسيين دانييل أوكاي وريجي جرير ورايشون دايسون.

بينما يخطط رون كلاين رئيس موظفي البيت الأبيض، ودانييل كونلي، ومساعدة مجلس المستشارين الاقتصاديين سهارا جريفين من بين آخرين، للمغادرة خلال الأسابيع المقبلة، وفقًا لمسؤولي البيت الأبيض.

 

مخاوف المراقبين

وبينت "بوليتيكو" أن الهجرة الجماعية للموظفين أثارت مخاوف المراقبين الخارجيين، الذين يضغطون لتنويع الرتب الحكومية.

ونقلت الصحيفة عن سبنسر أوفرتون، رئيس المركز المشترك للدراسات السياسية والاقتصادية، الذي يتتبع أعداد تنوع موظفي الحكومة قوله، إنه سمع عن مغادرة الموظفين من أصل إفريقى البيت الأبيض، معربًا عن قلقه من هذا الأمر، مشيرًا إلى أنهم مثلوا نحو 22% من ناخبي بايدن في انتخابات نوفمبر 2020، ومن ثمّ من المهم ليس فقط توظيفهم فى مناصب مختلفة بالبيت الأبيض، بما فى ذلك المناصب الرفيعة، ولكن أيضًا دمجهم فى القرارات السياسية والشخصية المهمة، وأن تكون أمامهم فرص للتقدم.

في المقابل -حسب الصحيفة- قلل أحد مسؤولى البيت الأبيض من تلك المخاوف، وقال: إن نحو 14% من العاملين الحاليين بالبيت الأبيض من أصول إفريقية، تماشيًا مع النسب الوطنية، وأضاف أن هذا الرقم من المتوقع أن يزداد مع انضمام مزيد من الموظفين، وأن 15% من الموظفين أصحاب الأصول الإفريقية تمت ترقيتهم العام الماضى.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير -ذات البشرة السوداء- للصحيفة: الرئيس بايدن فخور للغاية ببنائه لأكثر موظفي البيت الأبيض تنوعًا في التاريخ، وهو ملتزم بمواصلة التمثيل التاريخي للموظفين السود وجميع المجتمعات".

أسباب المغادرة

وعن الأسباب التي تدفع هؤلاء لمغادرة العمل في البيت الأبيض، نقلت "بوليتيكو" عن عدد من الموظفين الذين غادروا قولهم، إن العلاقات داخل البيت الأبيض كانت طيبة، مشيرين إلى أن البعض غادر لاستكمال الدراسات العليا، بينما انتقل آخرون إلى أقسام مجلس الوزراء، وأرجعت العاملات بالبيت الأبيض المغادرة لأسباب عائلية والتفرغ لتربية الأطفال.

وحسب الصحيفة، أرجع آخرون المغادرة إلى الحاجة لإعادة التركيز، بعد أن أمضوا سنوات بالعمل في بيئة عمل متوترة مع إجازات قصيرة.

وقالت ناتالي أوستن، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "عملت مع الرئيس ونائب الرئيس خلال الحملة الانتخابية، ولقد أحببت تجربتي في الفريق الصحفي، وغادرت لأنني أردت فرصة لقضاء المزيد من الوقت مع العائلة، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات متتالية من الحملات والعمل الحكومي".

 

معاناة

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ثلاثة من الموظفين السود، الذين يعملون حاليًا في البيت الأبيض -رفضوا ذكر أسمائهم لأسباب أمنية- قولهم، إن النزوح الجماعي لزملائهم أضر بروحهم المعنوية، مشيرين إلى أن بيئة العمل لم تعد تستحق العناء، مع قلة فرص الارتقاء الوظيفي بسبب لون البشرة.

وقال أحد المسؤولين الحاليين في البيت الأبيض، من ذوي البشرة السوداء: "نحن نقوم بالكثير من العمل لكننا لسنا صُناع قرار ولا يوجد طريق حقيقي نحو أن نصبح صُناع قرار، كما أنه ليس هناك مسار واضح لأي نوع من الترقيات".

ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول أسود في البيت الأبيض قوله: "لقد اجتذبوا الكثير من السود في البداية، من دون إنشاء البنية التحتية للاحتفاظ بهم أو مساعدتهم في النجاح، فإذا لم تكن هناك بنية تحتية واضحة لكيفية النجاح، ستصبح غير مرئي في هذا الفضاء، كما لو لم تكن هناك".

وحسب الصحيفة، يشير بعض هؤلاء الموظفين، إلى أن من أسباب تلك الاستقالات، الرواتب المنخفضة، ما يجعل من الصعب إبقاء الموظفين السود في مدينة ذات تكلفة معيشية عالية.

وأوضح أحد الموظفين أن "رواتب البيت الأبيض ليست عالية تقليديًا، والعديد من السود في هذه المناصب ليسوا من عائلات ثرية".

لكن بالنسبة لبعض الموظفين الحاليين والسابقين الساخطين -حسبما تحدثوا للصحيفة- فإن المخاوف لا تتمحور فقط حول الرواتب، إذ أجبر استمرار وباء كورونا، المساعدين على الاستمرار في عقد العديد من الاجتماعات عبر (زووم)، والحد من التواصل الاجتماعي للموظفين، ما جعل من الصعب بناء تماسكهم والحفاظ على الروح المعنوية بينهم.

وتعليقًا على ذلك، قال مسؤول أسود في البيت الأبيض: القضايا التي تمثل الأولوية القصوى لمجتمعنا لم تعد في طليعة قائمة أولويات إدارة بايدن، مشيرًا إلى أنه عندما قُتل 10 أشخاص من السود في محل بقالة (ببوفالو في نيويورك)، مر الأمر كأن لم يكن، ولم يتوقف أحد ليقول لنا: "هل أنتم بخير؟".

بالنسبة لبعض الموظفين السود، الذين ما زالوا يخدمون إدارة بايدن، ترى "بوليتيكو" أن هناك أيضًا خوفًا من أن يؤدي خروج زملائهم إلى تفاقم الوضع، ما يعني وجود عدد أقل من الأصوات هناك، لتعكس وجهات نظر مجتمعهم، مشيرة إلى أنه هؤلاء يعتقدون أن الفشل في الاحتفاظ بهؤلاء الموظفين، يعكس أخطاء سياسية أكبر ارتكبها البيت الأبيض.