وول ستريت جورنال: تفاقم الانقسام الغربي بشأن حرب روسيا على أوكرانيا

تمكنت الحكومات الأوروبية من الاتفاق على إجراءات لعزل الاقتصاد الروسي، لم يكن من الممكن تصوره، بما في ذلك فرض حظر على معظم النفط الخام، الذي تبيعه روسيا إلى أوروبا، لكن الآراء منقسمة بشدة بشأن مخاطر الحرب وفرص أوكرانيا في الصمود

وول ستريت جورنال: تفاقم الانقسام الغربي بشأن حرب روسيا على أوكرانيا

ترجمات - السياق

تصاعدت الخلافات والانقسامات، وسط الحلفاء الأوروبيين بشأن الاستمرار في شحن المزيد من الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا، التي يخشى البعض أن تطيل الصراع وتزيد تداعياته الاقتصادية.

وكشفت صحيفة وول ستريت الأمريكية، أن مجموعة من قوى أوروبا الغربية بدأت تنفصل عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومجموعة من دول وسط وشمال أوروبا، بشأن طريقة التعامل مع الصراع في أوكرانيا، مشيرة إلى أن هناك تباينًا بين هذه القوى، بشأن التهديد الطويل الأمد الذي تشكله روسيا، وما إذا كان بإمكان أوكرانيا أن تصمد فعلاً في ساحة المعركة.

وأوضحت أن الكتلة الأولى بقيادة فرنسا وألمانيا، ينتابها التردد والخوف بشأن تزويد أوكرانيا بأنواع الأسلحة الهجومية بعيدة المدى، التي ستحتاجها بزعم استعادة الأرض التي خسرتها أمام الجيش الروسي، جنوبي وشرقي البلاد، إضافة إلى أنها تُشكك في الرواية القائلة إن روسيا تهدد -بشكل مباشر- منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

بينما على الجانب الآخر، ترى واشنطن ولندن ومجموعة من دول وسط وشمال أوروبا، وبعضها أعضاء في الكتلة السوفيتية السابقة، أن الهجوم الروسي ينذر بمزيد من التوسع من قِبل الكرملين، ما يجعل أوكرانيا في خط المواجهة في حرب أوسع نطاقًا بين روسيا والغرب.

 

تراكم الخلافات

ورأت "وول ستريت جورنال" أن الخلافات تتراكم بين هذه القوى، خصوصًا بعد ظهور تقارير تفيد بخسارة حتمية منتظرة لأوكرانيا في منطقة دونباس الشرقية، وهو ما اضطر حكومات الاتحاد الأوروبي إلى عقد قمة طارئة بشأن أوكرانيا لبحث تداعيات الحرب.

وأوضحت أنه بشكل جماعي، تمكنت الحكومات الأوروبية من الاتفاق على إجراءات لعزل الاقتصاد الروسي، لم يكن من الممكن تصوره، بما في ذلك فرض حظر على معظم النفط الخام، الذي تبيعه روسيا إلى أوروبا، لكن الآراء منقسمة بشدة بشأن مخاطر الحرب وفرص أوكرانيا في الصمود.

وحسب الصحيفة الأمريكية، تشير تصريحات قادة فرنسا وألمانيا وتعليقات مسؤولي تلك الدول، إلى أنهم متشككون في قدرة كييف على طرد الغزاة، ودعوا إلى وقف إطلاق النار عن طريق التفاوض، ما أثار شكاوى من مسؤولي أوكرانيا، بأن هناك ضغطًا عليهم لتقديم تنازلات لروسيا.

مقابل ذلك -تضيف الصحيفة- يجادل القادة في دول البلطيق وبولندا وأماكن أخرى، بأن إمداد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة متطورة بشكل متزايد، أمر بالغ الأهمية ليس فقط للبقاء على خط المواجهة، لكن لوقف التقدم الروسي وتوجيه رسالة شديدة إلى موسكو، من شأنها ردع الرئيس فلاديمير بوتين، عن أي عملية عسكرية أخرى في المستقبل.

واستشهدت الصحيفة، بتصريحات لوزير الدفاع اللاتفي أرتيس بابريكس، بأن "الهجوم على أوكرانيا غير مسبوق، ومن ثمّ فإن فهمنا، الذي يستند إلى تاريخ طويل من التفاعلات مع روسيا، يجعلنا نرى أن هذا الهجوم مجرد مقدمة لمزيد من التوسع الإمبريالي الروسي".

 

طريق مسدود

وترى "وول ستريت جورنال" أنه أمام هذه المخاوف، تفقد بعض دول أوروبا الغربية شهيتها لمواصلة حرب، تعتقد أنه لا يمكن الفوز بها، خصوصًا أنها وصلت إلى طريق مسدود دموي، يستنزف الموارد الأوروبية ويؤدى إلى تفاقم الركود الذي يلوح في الأفق، مشيرة إلى أنه على النقيض من ذلك، فإن بولندا ودول البلطيق، التي عاشت تحت إمرة الكرملين، تعد نفسها التالية في خطة التوسع الإمبريالي الروسي.

وأشارت إلى أن تدفق ملايين اللاجئين الأوكرانيين إلى تلك البلدان، أدى إلى جعل الحرب أقرب بكثير إلى حياة المواطنين العادية، بينما بالنسبة لألمانيا والنمسا وإيطاليا، فإن الصراع محسوس في المقام الأول، من خلال ارتفاع تكاليف الطاقة.

ونقلت عن مسؤول تشيكي رفيع قوله: "في كل مكالمة هاتفية، يزداد غضب الوزراء من شمال ووسط أوروبا"، محذرًا من أن ذلك يدمر وحدة الغرب، مشيرًا إلى أن ما يريده بوتين هو ما يقدمه له الفرنسيون والألمان.

وحسب الصحيفة، على عكس قادة بريطانيا وبولندا ودول البلطيق والعديد من دول أوروبا الوسطى، فإن القادة الفرنسيين والألمان لم يزوروا كييف.

بينما حذر المستشار الألماني أولاف شولتز -مرارًا وتكرارًا- من أن الصراع قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة وإبادة نووية، مشددًا على أن الهدف من المشاركة الغربية، هو منع روسيا من تحقيق الانتصار في أوكرانيا.

وبينت الصحيفة الأمريكية، أن ألمانيا لم ترسل دبابات إلى أوكرانيا، بينما وافقت على شحن سبع قطع من المدفعية الثقيلة، مشيرة إلى أنه -حتى الآن- أرسل أكبر اقتصاد في أوروبا، حيث يتجاوز عدد سكانه 83 مليون نسمة، مساعدات عسكرية تبلغ قيمتها نحو 200 مليون يورو، وفقًا لتقديرات الحكومة، وهي مساعدات أقل من إستونيا، التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلاً على مليون نسمة، بينما أرسلت فرنسا 12 مدفع هاوتزر إلى كييف، لكنها لم ترسل أي دبابات أو دفاعات جوية.

وأضافت الصحيفة أن بولندا سلمت أكثر من 240 دبابة T72 السوفيتية التصميم إلى أوكرانيا، إلى جانب طائرات من دون طيار وقاذفات صواريخ وعشرات من مركبات قتال المشاة وشاحنات محملة بالذخيرة، بينما شحنت جمهورية التشيك طائرات هليكوبتر حربية ودبابات وأجزاء لازمة للحفاظ على تحليق القوات الجوية الأوكرانية.

وتبرع -حسب الصحيفة- المواطنون العاديون في ليتوانيا وجمهورية التشيك بعشرات الملايين من اليورو، لحملات الدعم الجماعي، لشراء طائرات من دون طيار تركية وأسلحة من الحقبة السوفيتية لأوكرانيا.

 

الدعم الألماني

وترى "وول ستريت جورنال" أنه لا يزال على ألمانيا أيضًا استبدال معدات ألمانية الصنع بالدبابات البولندية والتشيكية، التي جرى إرسالها إلى أوكرانيا، حيث وافقت على ذلك كجزء من عملية مبادلة.

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن ذلك يرجع إلى الإجراءات المطولة بما في ذلك الصيانة، بينما شجب بعض مسؤولي وزارة الدفاع الافتقار إلى الإرادة السياسية للعمل بمزيد من السرعة.

وتعليقًا على ذلك، قال أندري ميلنيك، سفير أوكرانيا في برلين: "إنه لأمر مخيب للآمال ألا تتحلى الحكومة الفيدرالية ولا المستشار الألماني بالشجاعة، للتحدث عن انتصار لأوكرانيا، والتصرف وفقًا لذلك في دعم أوكرانيا بأسلحة ثقيلة حديثة".

وبينت الصحيفة الأمريكية أن نحو 70% من الألمان يؤيدون السياسة الحذرة لشولتز، بحسب استطلاع رأي، أوائل مايو الجاري.

وأظهر الاستطلاع أن 46% من الألمان يخشون أن تزيد شحنات الأسلحة الثقيلة خطر انتشار الحرب خارج أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة أن استطلاعات رأي أخرى أظهرت مخاوف مماثلة في إيطاليا وفرنسا.

في المقابل، يرفض المسؤولون الفرنسيون والألمان الاتهامات بأنهم يفعلون القليل جدًا، أو أنهم يدفعون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تقديم تنازلات، إذ قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وشولز ، اللذان يتحدثان بانتظام مع الرئيس الأوكراني ونظيره الروسي، مرارًا وتكرارًا: "إن كييف ستقرر شروط أي اتفاق سلام".