تباين في مواقف الأوروبيين بشأن منع دخول السياح الروس

طالب الرئيس فولوديمير زيلينسكي الغربيين بإغلاق حدودهم أمام الروس

تباين في مواقف الأوروبيين بشأن منع دخول السياح الروس

السياق

أبعاد كثيرة وجوانب مختلفة، تأثرت بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما لحقها من سيل عقوبات غربية فُرضت على موسكو من الاقتصاد حتى الفن والرياضة. 
هذه العقوبات كانت الدول الغربية تبدو متحدة بشأنها، كما كان موقفها لا لبس فيه بإدانة الحرب والاستمرار في دعم كييف ماديًا وعسكريًا، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت تلوح في الأفق بوادر تفكك، وظهرت رؤى عدة ومتباينة بخصوص الموقف من الحرب الدائرة. آخر هذه الاختلافات الأوروبية ظهرت، بعدما دعت كييف الأوروبيين إلى حظر دخول السياح الروس، في سياق العقوبات المفروضة على موسكو إثر غزو أوكرانيا، غير أن هذا الإجراء ليس موضع إجماع، ويتعارض مع الخط الذي تتبعه الـ27 دولة -حتى الآن- على صعيد العقوبات.
وستتم مناقشة هذا الموضوع، خلال اجتماع يعقده وزراء خارجية التكتل نهاية أغسطس في براغ.
طلب غير عقلاني

أعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن "الروس يدعمون بكثافة الحرب، يصفقون للضربات الصاروخية على المدن الأوكرانية ولقتل أوكرانيين... دعوا إذًا السياح الروس يتمتعون بروسيا".
وطالب الرئيس فولوديمير زيلينسكي الغربيين بإغلاق حدودهم أمام الروس الذين يتعين عليهم "العيش في عالمهم الخاص إلى أن يبدلوا فلسفتهم"، وفق ما قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة واشنطن بوست في 8 أغسطس، وهو طلب عدَّه الكرملين "غير عقلاني".

موقف أوروبي موحد
تقدمت بلدان عدة سواها في اتخاذ تدابير بهذا الصدد، لكنها تدعو إلى موقف أوروبي موحّد.
من هذه البلدان فنلندا التي تعالج عادة قرابة ألف طلب تأشيرة دخول في اليوم، فقررت الحد من عدد التأشيرات الممنوحة للسياح الروس، من الأول من سبتمبر إلى 10% مما هي عليه.
ومنذ إغلاق المجال الجوي الأوروبي على روسيا، ردًا على شن هجومها على أوكرانيا، يسعى عدد متزايد من الروس لدخول هذا البلد، للانتقال منه إلى دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، بفضل تأشيرات شنغن لإقامة قصيرة قدرها تسعون يومًا من أصل 180 يومًا.
ورأت رئيسة الوزراء الفنلندية سنا مارين أنه "ليس من العدل أن يكون بوسع الروس دخول أوروبا، إلى فضاء شنغن والقيام بجولة سياحية، في حين أن روسيا تقتل أشخاصًا في أوكرانيا".
وأوضح سيريل بريت من معهد جاك دولور أن هذا الإجراء الذي سيكون غير مسبوق "من غير المرجح أن يقره الاتحاد الأوروبي، لكن لا بدّ أنه سيحظى بتأييد قسم كبير من الآراء العامة، بما يتخطى الدول التي تتبنى تاريخيًا موقفًا حذرًا من روسيا".

تأشيرات شنغن 
تلقت دول فضاء شنغن الـ26 (22 دولة من الاتحاد الأوروبي والنروج وإيسلندا والسويد وليشتنشتاين) ثلاثة ملايين طلب تأشيرة دخول عام 2021، بينها 536 ألف طلب من روس رفضت نحو 3% منها.
وينبغي إدراج أسباب قرارات رفض طلبات التأشيرات التي يمكن الطعن فيها، سواء كانت تشكل خطرًا على الأمن أم النظام العام أم العلاقات الدولية لأي من البلدين.
وانتقدت إستونيا عجزها عن منع دخول "أشخاص يحملون تأشيرة دخول من دولة أخرى من فضاء شنغن" وقالت رئيسة الوزراء كايا كالاس: "زيارة أوروبا امتياز وليست حقًا إنسانيًا".
وستدرج الجمهورية التشيكية التي تتولى حالياً رئاسة الاتحاد الأوروبي، هذه المسألة على جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في 30 و31 أغسطس في براغ.
وأكد وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي، الذي توقفت بلاده عن منح تأشيرات دخول للمواطنين العاديين "في هذه الفترة من العدوان الروسي الذي يعمد الكرملين إلى تصعيده بصورة مستمرة، لا يمكن للروس القيام بجولات سياحية كما في الظروف العادية".
وعلى غرار براغ، شددت دول البلطيق وبولندا -منذ بدء الغزو- نظام منح تأشيرات دخول للروس، سواء بوقفها تمامًا أم رفضها للسياح العاديين، مع بعض الاستثناءات للحالات الإنسانية ومتابعة الدراسة والعمل.

تحييد الشعب الروسي 
يرى المستشار الألماني أولاف شولتس، أن الحد من تأشيرات الدخول السياحية سيعاقب "كل الذين يفرون من روسيا لأنهم غير متفقين مع النظام الروسي".
وتشدد البرتغال على أن العقوبات يجب أن تهدف أولًا إلى "معاقبة الآلة الحربية الروسية وليس الشعب الروسي".
وشدد الخبير في معهد جاك دولور على أن "الاتحاد الأوروبي سوف يناقض نفسه. هذا الإجراء مخالف لحرية الحركة ولسياسة العقوبات المتبعة حتى الآن".
من جهتها تشدد المفوضية الأوروبية على ضرورة حماية المعارضين والصحفيين والأسر الروسية لأسباب إنسانية، مشيرة إلى وجوب النظر في كل طلب على حدة.
ويندرج اقتراح العقوبات ضمن صلاحيات المفوضية الأوروبية، التي تبقى أولويتها وحدة صف التكتل بمواجهة الكرملين، ويتطلب إقرارها إجماع الـ27 دولة.

عقوبات سارية
عمد الاتحاد الأوروبي -منذ بدء النزاع- إلى تعليق قسم من تسهيلات منح تأشيرات الدخول لإقامات قصيرة عملًا باتفاق أوروبي روسي، من خلال منع دخول بعض الفئات المرتبطة بالنظام، مثل الوفود الرسمية وأعضاء الحكومة وحاملي جوازات سفر دبلوماسية ورؤساء شركات وسواهم.
وتدعو هلسنكي إلى تعليق هذا الاتفاق، كما أعلن الاتحاد الأوروبي 1214 مسؤولًا روسًيا -بينهم الرئيس فلاديمير بوتين- أشخاصًا غير مرغوب فيهم.