في طريق البحث عن استقرار ليبيا.. هل تولد حكومة ثالثة؟
يمكن إيجاد حل في ليبيا للخروج من المأزق المؤسسي، يتمثل في حكومة ثالثة تكون مهمتها الوحيدة بناء المسار الانتخابي

السياق
مع انسداد المسار السياسي في ليبيا، و«عجز» حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، عن بسط سيطرتها على البلد الإفريقي، بسبب تعنُّت سلفه عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة، أصبح النقاش عن حكومة ثالثة حديث الساعة في ليبيا.
ذلك النقاش فُرض على الساحة الليبية خلال الأيام الماضية، بعد رؤى إيطالية تحدثت عن ذلك الخيار كونه الأمثل لحل أزمة وجود حكومتين في ليبيا، إحداهما «عاجزة» عن الحكم، والأخرى متعنتة في تسليم السلطة.
يأتي ذلك بينما يجري رئيسا البرلمان الليبي عقيلة صالح وما يعرف بـ«الأعلى للدولة» خالد المشري، مشاورات في القاهرة لحل ذلك الانسداد السياسي، وسط ترجيحات من مصادر «السياق»، بأن يكون خيار الحكومة الثالثة على الطاولة، رغم تأييد البرلمان لباشاغا.
حكومة ثالثة
وعن فرص تشكيل حكومة ثالثة، قال الخبير الإيطالي دانييلي روفينيتي -في تصريحات لموقع «ديكود 39» الإيطالي- إنه يمكن إيجاد حل في ليبيا للخروج من المأزق المؤسسي، يتمثل في حكومة ثالثة تكون مهمتها الوحيدة بناء المسار الانتخابي، مرجحًا التوصل لذلك الاتفاق بين نهاية أغسطس وبداية سبتمبر.
الخبير الإيطالي يرى أن السيناريو الذي يجب بناؤه يتمثل في طريق ثالث هو حكومة مصغرة يمكنها التغلب على المأزق بين حكومة الوحده برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة المكلفة بقيادة فتحي باشاغا، مشيرًا إلى أن القاهرة وأنقرة أظهرتا رغبتيهما في تهدئة العلاقات المتبادلة، بينما يعد الملف الليبي اختبارًا لعلاقة البلدين، لأنه يمثل مصلحة مباشرة لهما.
روفينيتي قال إن العمل التركي المصري قد يضفي شرعية على الحل الجديد قيد الإنشاء، لأن العديد من الفاعلين الليبيين يعدون البلدين مرجعية، مشيرًا إلى أنه حتى أجزاء من العالم الغربي قادرة على المشاركة في هذا الخيار للتغلب على الجمود الذي كشف أسوأ جوانبه لاسيما ما حدث من اشتباكات مسلحة في العاصمة طرابلس.
الحل الأخير
الخبير الإيطالي أشار إلى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بدأ أيضًا اتخاذ الاحتياطات ضد باشاغا، الذي كان قد دعم حصوله على ثقة البرلمان، موضحًا أنه في ضوء هذه الديناميكيات يكمن الحل الثالث في حكومة مصغرة وظيفية للتغلب على الكتل التي نشأت بسبب الخطابات السياسية الداخلية.
يأتي ذلك، بينما رأى رئيس تيار «يا بلادي» نوري أبو سهمين، أن ولادة حكومة ثالثة في البلاد مضيعة للوقت، مشيرًا إلى أنها «وسيلة تحايل التجديد للأطراف والأجسام منتهية الولاية».
رؤية أشار إليها عضو ما يعرف بـ«الأعلى للدولة» عادل كرموس بقوله إن الحديث عن أي خيار ثالث القصد منه إطالة عمر حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية.
وعبَّر عضو «الأعلى للدولة» عن استغرابه من أن يُعرض هذا الأمر على مجلس النواب، الذي اختار حكومة باشاغا، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي مبرر للمجلس يجعله يعدل عن قراره إلى خيار آخر.
محاولة تسويقية
وحاولت «السياق» استطلاع آراء محللين ليبيين لذلك الخيار ونجاعته، فقال عضو المجلس الانتقالي السابق مختار الجدال، إن اختيار حكومة ثالثة، محاولة تسويقية من إيطاليا، لكنها غير ذات جدوى.
وأوضح المحلل الليبي أن الحل في ليبيا لا يأتي من خلال تأزيم الوضع بحكومة ثالثة، محذرًا من إقدام «النواب» و«الأعلى للدولة» على تكليف حكومة ثالثة كبديل للدبيبة وباشاغا، كون هذا السيناريو سيؤدي إلى «انهيار ما تبقى من الدولة الليبية، وإعادة شبح الحرب».
عقبات أمام التشكيل
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تشكيل حكومة ثالثة بديلة لحكومتي الدبيبة وباشاغا، غير مطروح لاعتبارات عدة، أبرزها أن البرلمان -حال تخليه عن حكومة باشاغا في هذا التوقيت- سيصعب عليه تسمية حكومة ثالثة تنال الثقة والإجماع الذي حصلت عليه هذه الحكومة، إضافة إلى أن التضحية بهذه الحكومة ستضعف موقف البرلمان، وستجعل قراراته كأن لم تكن، ولن يستطيع فرض الحكومة الجديدة.
أما عن تحديات المرحلة المقبلة، فقال المحلل السياسي الليبي إن هناك تحديين رئيسين، الأول يكمن في إنهاء الانقسام وتمكين حكومة باشاغا، بينما الثاني الملف الدستوري الذي تقف فيه بعض النقاط عائقًا أمام استكماله، في إشارة إلى شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.