ترقب دولي للرد الأمريكي.. هل تخضع إدارة بايدن للشروط الإيرانية بشأن الاتفاق النووي؟

أكد لبيد لشولتس، ضرورة نقل رسالة حادة وواضحة من أوروبا، مفادها عدم تقديم المزيد التنازلات للإيرانيين

ترقب دولي للرد الأمريكي.. هل تخضع إدارة بايدن للشروط الإيرانية بشأن الاتفاق النووي؟

السياق
وسط ترقب دولي للرد الأوروبي الأمريكي، على ما قدَّمته طهران -الاثنين الماضي- بشأن مسودة الاتحاد الأوروبي لمفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، التي وصفها دبلوماسيو الاتحاد بأنها نهائية، وإما رفضها وإما قبولها من دون أي إضافات أو حذف، جددت إيران تلمحياتها للدخول في جولة جديدة من المفاوضات، إذ أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ستدخل مرحلة جديدة إذا احترمت الخطوط الحمراء، وأن بلاده جدية ولديها حسن نية للتوصل لاتفاق دائم. 
تصريحات وزير الخارجية الإيراني تتماشى مع الرد الذي قدَّمته بلاده للاتحاد الأوربي، الذي جاء في ما سُرب منه، أنها تطالب بضمانات تمنع أي رئيس أمريكي مستقبلي من الخروج منه بشكل أحادي، كما فعل ترامب قبل 4 سنوات، وأن يكون هناك ثمن لذلك، وهو ما عدَّه الأمريكيون الرافضون للعودة للاتفاق خيانة، إذا تمت الموافقة عليه. 

تل أبيب تعارض
إسرائيل هي الأخرى دخلت مجددًا على خط الأزمة، وطالبت الأوروبيين بعدم تقديم المزيد من التنازلات لإيران، وأن تكون هناك معارضة لأسلوبها المماطل، بينما أشارت مصادر إسرائيلية مطلعة إلى نية تل أبيب مواصلة العمل ضد البرنامج النووي الإيراني وعدم التزامها بأي اتفاق، إضافة إلى تأكيد يائير لابيد رئيس الوزراء الإسرائيلي معارضته للاتفاق، خلال حديث مع المستشار الألماني أولاف شولتس. 
وأكد لبيد لشولتس، ضرورة نقل رسالة حادة وواضحة من أوروبا، مفادها عدم تقديم المزيد التنازلات للإيرانيين، وأنه يتعين على أوروبا معارضة أسلوب المماطلة الذي تتبعه إيران في المفاوضات.
وكرر لبيد معارضة إسرائيل إحياء الاتفاق النووي عام 2015، برفع عقوبات عن إيران مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. 
وتشارك ألمانيا بشكل مباشر في المحادثات متعددة الأطراف، لإحياء الاتفاق التاريخي في مفاوضات 5+1 "إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين". 

اتفاق على كل شيء
وأكد وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان -في اتصال هاتفي بنظيره العماني بدر البوسعيدي- أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق ما لم يتم الاتفاق على كل شيء، وأن بلاده تنتظر الرد الأمريكي للدخول في مرحلة جديدة من المفاوضات، حال الحصول على تطمينات بضمان المزايا الاقتصادية من الاتفاق النووي واحترام خطوطهم الحمراء، وفقًا لما وصفه بيان الخارجية الإيرانية.
ووفقًا للبيان فإن البوسعيدي أعرب عن أمنياته بالتوصل إلى نتيجة مرضية، بتعاون مشترك بين جميع الأطراف. 
جاء الاتصال بين الوزيرين بعد سلسلة اجتماعات حضرها عبداللهيان -على مدى يومين- جمعت مسؤولين من المجلس الأعلى للأمن القومي ووزارة الخارجية ونواب البرلمان الإيراني، لدراسة نص الاتفاق المحتمل، بعد يوم من الرد الإيراني على المقترح المطروح من الاتحاد الأوروبي الوسيط الأساسي لمحادثات فيينا. 
وأعلنت الخارجية العمانية –الخميس- أن البوسعيدي أجرى اتصالاً هاتفياً بالمبعوث الأميركي الخاص بشؤون إيران روبرت مالي، بحث خلاله المواضيع ذات الاهتمام المشترك والجهود الرامية إلى استئناف العمل بالاتفاق النووي.
وأكد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن الردّ يخضع للتقويم، ورفضا تحديد أي إطار زمني للرد على الحزمة الإيرانية. 
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أكد تلقي بلاده رد إيران من خلال الاتحاد الأوروبي ومشاركة وجهة النظر مع الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج إلى وقت لدراسة ما قُدِّم، وأن بلاده لن تناقش علنًا تفاصيل رد إيران.

3 شروط
وأفادت وكالة إرنا الإيرانية الرسمية بأن أمريكا أوضحت لفظيًا مرونتها في قضيتين من 3 قضايا تضمنها الرد الإيراني، لكن طهران تشدد على ضرورة إدراج تلك المرونة في نصوص الاتفاق. 
وأشارت الوكالة إلى أن القضية الثالثة التي لم تبدِ فيها واشنطن مرونة كافية، تتعلق بضمان استمرار الاتفاق مع أي رئيس أمريكي مستقبلي، وهو الشرط الذي تعدُّه إيرانيا ضروريًا للغاية وأساسيًا.   

خيانة أمريكا
في الوقت نفسه تواجه إدارة بايدن هجومًا عنيفًا من الداخل الأمريكي، وأكد جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، الذي عمل مع الرئيس السابق دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018، أن عقد بايدن لأي صفقة تتضمن ضمانات بألا يخرج أي رئيس قادم من الاتفاق خيانة لأمريكا.  
وأضاف، على هامش مؤتمر منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة، أن الإدارة الجمهورية القادمة ستسعى -بلا شك- إلى إلغاء أي اتفاق مع إيران، وأن أي محاولات لتقييد خيارات الرئيس المستقبلي تجاه صفقة متجددة، ستضر حتماً بالولايات المتحدة، فلا يهم ما تقوله هذه الإدارة، إذا أراد رئيس مستقبلي الانسحاب، فسوف ينسحب. 
وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق أن الأصوات المعارضة للصفقة تتزايد في معسكر الديمقراطيين بشكل يفوق معارضة الديمقراطيين أنفسهم للصفقة الأولى عام  2015 وقت إبرام الرئيس الأسبق باراك أوباما الاتفاق. 
ولاتزال الكلمة الأخيرة للصفقة الحالية في يد إدارة بايدن، الذي يترقب العالم رده على إيران والشروط الجديدة التي وضعتها، في ما يتعلق بالحرس الثوري، الذي أكد الاتحاد الأوروبي وأمريكا أن إزالة اسم التنظيم من قوائم الإرهاب قضية منفردة لا تتضمن مفاوضات الاتفاق النووي. 

 الحرس الثوري 
بالمقابل، أكد مسؤول أوروبي أن طلب طهران إزالة «الحرس الثوري» من قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية الأجنبية لم يعد مطروحاً، لكنّ مسؤولاً إيرانياً كبيراً قال لوكالة رويترز، أثناء الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا هذا الشهر، إن بلاده قدمت مقترحات مثل رفع العقوبات المفروضة على «الحرس» تدريجيًا، الأمر الذي تصفه إيران بمرونتها في التفاوض. 
ونقلت «وول ستريت جورنال» أمس، عن دبلوماسيين غربيين تحذيرهم من أن الجانبين قد لا يتوصلان إلى اتفاق إذا لم تُظهر إيران مرونة أكبر، وأبلغ مسؤولون أوروبيون الصحيفة بأن الرد الإيراني «قد يكون أساساً لبعض التسويات، في الوقت نفسه نوه تقرير إلى أن إصرار إيران الحصول على ضمانات بعدم الخروج الأحادي يعيق الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي، وأن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين في حالة من عدم اليقين بإمكان التوصل إلى صفقة. 
وبحسب مسؤولين إيرانيين، كانت إحدى النقاط الأساسية التي طالبت بها طهران، إنهاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية العثور على آثار لمواد نووية في مواقع لم تصرّح إيران بأنها شهدت أنشطة نووية، وهي مسألة أثارت توتراً بين الطرفين.

تحقيق اليورانيوم
في السياق، قال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، إن دبلوماسيين من الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يتوسطون في محادثات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، في محاولة لحل مشكلة التحقيق، لكن هذه المناقشات مستمرة على مسار منفصل، وليس هناك ما يضمن أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية -التي تعمل كمدقق نووي مستقل- ستوافق على حل وسط.
ويُظهر مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 60% وهو مستوى يقول مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يمكن تمييزه تقنياً عن درجة تصنيع الأسلحة، بينما تكرر إيران أن برنامجها سلمي، حيث سعت القوى العالمية إلى اتفاق 2015 للتحقق من هذا الادعاء.
ومنح الاتفاق النووي لعام 2015 إيران إعفاءً من العقوبات الاقتصادية، بما في ذلك على مبيعات النفط، مقابل قيود على برنامجها النووي، لكن الاتفاق انهار بعد خروج إدارة ترامب منه قبل أربع سنوات.
وقال عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، النائب محمد رشيدي، لصحيفة فرهيختغان المتشددة أمس، إن الفريق المفاوض النووي الإيراني «كانت لديه ملاحظات على المسودة الأوروبية الأميركية، وأرسل تلك الملاحظات إلى أوروبا وأمريكا». وقال: «الآن ننتظر ردهم، إذا جرى رفع الإشكاليات، ويمكن التحقق من الاتفاق النووي، ورفع العقوبات والاستثمار، من المؤكد سيتوجه المفاوضون الإيرانيون إلى الاتفاق».
ولم يبتعد ما قاله النائب رشيدي عن تعليقات صدرت من البرلمانيين الإيرانيين –الأربعاء- عقب جلسة مغلقة بين الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، وفريق وزارة الخارجية وعلى رأسه عبداللهيان. 
وأظهرت التعليقات تمسك إيران بطلبات الضمانات والتحقق من رفع العقوبات، وكذلك إبقاء العمل بـ«قانون الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات» الذي أقره البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر 2020، واتخذت طهران بموجبه مرحلة ثانية من التخلي عن التزامات الاتفاق النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، في خطوة كبيرة تقربها من نسبة 90 في المئة المطلوبة لتطوير أسلحة نووي