اتفاق تصدير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا... هل يحل الأزمة؟

الاتفاق ينص على تفتيش السفن التجارية، لضمان عدم نقل أسلحة بواسطة السفن التي ستبحر إلى مدينة أوديسا لشحن الحبوب

اتفاق تصدير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا... هل يحل الأزمة؟

ترجمات - السياق

رغم دخول الحرب الأوكرانية شهرها السادس، فإنها لم تضع أوزارها، مخلفة أزمة أمن غذائي، ضربت العالم كله، وعرضت الملايين لخطر الجوع، بعد أن ارتفعت أسعار المواد الغذائية نتيجة كثرة الطلب وشح المعروض.

إلا أن تلك الأزمة الغذائية يبدو أنها أبصرت طريقها نحو الحل، فمكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال إن روسيا وأوكرانيا وتركيا ستجتمع –الجمعة- لتوقيع اتفاق اقترحته الأمم المتحدة، لتحرير صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا المحاصرة على البحر الأسود.

وبينما قال المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كالين، عبر "تويتر" إنه سيتم توقيع اتفاقية تصدير الحبوب، ذات الأهمية الحاسمة للأمن الغذائي العالمي، في اسطنبول، الجمعة، كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يعمل على خطة من شأنها أن تمكن أوكرانيا من تصدير ملايين الأطنان من مخزونات الحبوب، التي كانت عالقة في موانئ أوكرانيا على البحر الأسود بسبب الحرب، وهي خطوة يمكن أن تخفف أزمة الغذاء العالمية.

ضوابط مشتركة

ما لا يقل عن 22 مليون طن من الحبوب عالقة في أوكرانيا، إلا أنه بموجب الخطة، التي وافقت عليها روسيا وأوكرانيا، سيتم وضع ضوابط مشتركة للسفن، عند مغادرتها ووصولها إلى موانئ البحر الأسود، وآلية لضمان سلامة طرق النقل، إضافة إلى إنشاء مركز تنسيق لشحن الصادرات في اسطنبول.

وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، إنه مع تزايد أزمة الغذاء العالمية، فإن التوصل إلى اتفاق «يمكن أن ينقذ مئات الآلاف، وربما الملايين من الناس، من الحصول على أغذية بأسعار بعيدة عن متناولهم».

وبينما أدى النقص العالمي في الحبوب الأوكرانية، منذ العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير الماضي إلى تعرض الملايين لخطر الجوع، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تعد صفقة إلغاء حظر موانئ أوكرانيا أمرًا بالغ الأهمية.

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في خطابه الذي ألقاه في ساعة متأخرة من الليل، إن كييف تنتظر أنباء تتعلق بفتح موانئنا، لكن نائبًا أوكرانيًا قريبًا من المحادثات أعرب عن حذره بشأن الصفقة.

ورحبت وزارة الخارجية الأمريكية بالاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، لكنها قالت إنها تركز على محاسبة روسيا على تنفيذه.

وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس: «ما كان يجب أن نكون في هذا الموقف في المقام الأول، كان ذلك قرارًا متعمدًا من الاتحاد الروسي لتسليح الطعام».

ويقول دبلوماسيون إن الخطة تشمل السفن الأوكرانية، التي توجه سفن الحبوب إلى داخل وخارج مياه الموانئ الملغومة.

اتهامات متبادلة

وفي مقال موجَّه إلى الصحف في إفريقيا، ألقى وزير الخارجية سيرجي لافروف، باللوم على الغرب وأوكرانيا في مزاعم «لا أساس لها على الإطلاق» بأن روسيا تصدر الجوع. وأشاد بـ«الموقف المتوازن للأفارقة في ما يتعلق بما يحدث في أوكرانيا وما حولها».

لكن أوكرانيا تقول إن البحرية الروسية تمنعها من شحن الحبوب وغيرها من الصادرات، وتتهم القوات الروسية بسرقة الحبوب من المزارع الأوكرانية.

وإذا استمر التوقيع كما هو مخطط له، سيكون أول اتفاق مهم بين روسيا وأوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية، إلا أن سيرجي كيسليتسيا، السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة، قال إن «الشيطان سيكون في تفاصيل الصفقة، التي تعمل عليها جميع الأطراف».

وأكد الدبلوماسي الأوكراني، أنه إذا تم توقيع الصفقة وتنفيذها، فإنها «ستضمن أن عددًا كبيرًا من السفن يمكنها الاقتراب من الموانئ الأوكرانية أو مغادرتها، ويمكننا تصدير قرابة 20 مليون طن من الحبوب الجاهزة للتصدير».

تحديات ومشكلات

ورغم أن الآمال تصاعدت بإحداث اتفاق تصدير الحبوب انفراجة، فإن «وول ستريت جورنال»، قالت إنه ستواجهه تحديات ومشكلات.

وبينما قالت الصحيفة الأمريكية، إن الاتفاق ينص على تفتيش السفن التجارية، لضمان عدم نقل أسلحة بواسطة السفن التي ستبحر إلى مدينة أوديسا لشحن الحبوب، شددت على أنه يهدف إلى إعادة استخدام البحر الأسود عبر ممرات مؤمنة، ووقف لإطلاق النار في مناطق العبور.

وشددت «وول ستريت جورنال» على أن معضلة إزالة الألغام في الموانئ وتوفير ممرات آمنة لسفن الشحن، من التحديات التي تواجه الاتفاق المتوقع، مطالبة بضرورة ضمان تلك النقاط، كونها أمرًا أساسيًا لضمان نجاح أي اتفاق يسمح بتصدير الحبوب.

وحذرت الصحيفة الأمريكية من إحجام شركات الشحن والملاحة البحرية وشركات التأمين، عن نقل أي شحنة من المؤانئ الأوكرانية، إذا لم يتم توفير الممرات الآمنة لها لسلوك ذلك الدرب الملبد بالألغام البحرية.

وبينما قالت إن البلدين المتصارعين روسيا وأوكرانيا، زرعتا ألغامًا بحرية في البحر الأسود، في أمر قد يشكل خطرًا على حركة السفن في المنطقة، أكدت أن كييف زادت في الفترة الأخيرة عدد الألغام قرب موانئها في الأسابيع الماضية، لصد هجمات روسية محتملة.

وبحسب «فرانس برس»، فإن دبلوماسيًا لم تكشف هويته، قال إن واشنطن وعدت بضمانات لتتمكن شركات نقل من أن تؤمن لروسيا سفنًا ذات حمولة كبيرة، لتصدير حبوبها وأسمدتها، من دون أن تؤثر العقوبات في هذا الأمر.

وأكد مصدر مسؤول مطلع على المباحثات، لـ«وول ستريت جورنال»، أن أوكرانيا طالبت بضمانات أمنية دولية أولًا، قبل إزالة الألغام، منعًا لحدوث أية هجمات روسية على موانئها، مشددًا على أن كييف حثت على ضرورة تفتيش السفن الخاصة، للتأكد من أنها لا تحمل معدات عسكرية.

استراتيجية حربية

إلا أن مسؤولين أمريكيين بينهم وكيل وزارة الخارجية الخارجية الأمريكي، خوسيه فرنانديز، قالوا إن الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية ومنشآت تخزين الحبوب، تندرج ضمن «الاستراتيجية الحربية» لموسكو، مضيفين: «رأينا كيف يستخدم بوتين الغذاء كسلاح».

ومن المتوقع أن يوضح الاتفاق طريقة عمليات تفتيش السفن العابرة وضمانات مرورها الآمن، بعد أن وضعت موسكو عمليات التفتيش كشرط مسبق، لأنها تسعى لمنع المعدات العسكرية من الوصول إلى أوكرانيا.

وتعمل الأمم المتحدة وتركيا -منذ شهرين- للتوسط في ما سماها غوتيريش صفقة شاملة، لاستئناف صادرات الحبوب في البحر الأسود بأوكرانيا، وتسهيل شحنات الحبوب والأسمدة الروسية.

وقال نائب وزير الزراعة الأوكراني تاراس فيسوتسكي –الخميس- إن أوكرانيا يمكن أن تستأنف الصادرات بسرعة، مضيفًا أن أغلبية البنية التحتية لموانئ أوديسا الأوسع -هناك ثلاثة منها- لا تزال قائمة، لذا فالمسألة تستغرق أسابيع، في حال وجود ضمانات أمنية مناسبة.

وألقى المسؤولون الروس والأوكرانيون باللوم على بعضهم، في منع شحنات الحبوب، واتهمت موسكو أوكرانيا بالفشل في إزالة الألغام البحرية في الموانئ للسماح بشحن آمن، كما أصرت روسيا على حقها في فحص السفن المقبلة بحثًا عن أسلحة.

وسعت أوكرانيا للحصول على ضمانات دولية، بأن الكرملين لن يستخدم الممرات الآمنة لمهاجمة ميناء أوديسا الرئيس على البحر الأسود في أوكرانيا.

كما اتهمت السلطات الأوكرانية روسيا بسرقة الحبوب من مناطقها الشرقية لبيعها، وقصف الحقول الأوكرانية عمدًا لإشعال النار فيها.