في يومها الرابع عشر.. ما تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية؟
الأزمة التي دخلت أسبوعها الثالث، مرت بمنعطفات خطرة، إلا أن وقف إطلاق النار الذي أبدى نوعًا من التماسك خلال الساعات الماضية، سمح بإجلاء آلاف المدنيين الأوكرانيين، من المناطق التي تشهد قصفًا روسيًا متصاعدًا.

السياق
سريان وقف إطلاق النار في بعض المناطق، ومزيد من القرارات الغربية لمعاقبة روسيا، ووقف أوكرانيا تصدير بعض السلع الاستراتيجية، تطورات على طريق الأزمة الأوكرانية المعبد بـ«الأشواك»، وسط نهاية غامضة للأحداث الأسوأ والأكثر تأثيرًا خلال الأعوام الماضية.
فالأزمة التي دخلت أسبوعها الثالث، مرت بمنعطفات خطرة، إلا أن وقف إطلاق النار الذي أبدى نوعًا من التماسك خلال الساعات الماضية، سمح بإجلاء آلاف المدنيين الأوكرانيين، من المناطق التي تشهد قصفًا روسيًا متصاعدًا.
واتفق الروس والأوكرانيون -الأربعاء- على احترام وقف لإطلاق النار يفترض أن يسمح بإجلاء المدنيين من مناطق عدة، قُصفت في اليوم الرابع عشر، من غزو هذا البلد، بينما قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، في مؤتمر صحفي الأربعاء: «أحرزنا بعض التقدم" في المفاوضات الرامية «لإنهاء إراقة الدم العبثية ومقاومة القوات الأوكرانية في أسرع وقت ممكن»، مؤكدة أن روسيا لا تسعى إلى إطاحة الحكومة الأوكرانية.
وأعلنت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية إيرينا فيريشتشوك، أن موسكو أكدت موافقتها على احترام هدنة من الساعة 09.00 حتى 21.00 (من 07.00 حتى 19.00 ت غ) بشأن ست مناطق تشهد منذ أيام معارك، ما يدفع المدنيين إلى الاختباء في الطوابق السفلية.
ممرات إنسانية
وأكدت المسؤولة الأوكرانية، أن الجيش الأوكراني وافق على وقف إطلاق النار 12 ساعة مع روسيا، الأربعاء، للسماح للمدنيين بالفرار عبر الممرات الإنسانية، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء دينيس شميجال سيتحدث إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن الطرق المقترحة لوقف إطلاق النار، التي تمتد من 9 صباحًا حتى 9 مساءً بالتوقيت المحلي.
وسلَّطت فيريشوك الضوء على طريقين على وجه الخصوص، لإجلاء المدنيين من مدينتي ماريوبول الساحلية وفولنوفاخا الشرقية، المحاصَرتين من القوات الروسية قبل أيام، كاشفة عن عملية خاصة لإخلاء دار أيتام بالقرب من كييف، في ضاحية فورزيل.
وأوضحت تحديد ممرات لإجلاء المدنيين، خصوصًا من إنرغودار إلى زابوريجيا (جنوب) ومن إيزيوم إلى لوزوفا (شرق) ومن سومي إلى بولتافا (شمال شرق) حيث سمح ممر بإجلاء آلاف المدنيين الثلاثاء.
كان آلاف المدنيين استطاعوا الفرار من مدينة سومي شمالي شرق أوكرانيا، بينما تحدث نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو عن إجلاء أكثر من خمسة آلاف شخص حتى الآن، من مدينة سومي الواقعة على بعد 350 كيلومترًا شمالي شرق كييف.
وتمكنت قرابة ستين حافلة في قافلتين، من نقل هؤلاء المدنيين ومعظمهم من والنساء والأطفال وكبار السن، بحسب تيموشنكو الذي لم يذكر أرقامًا.
ورغم وقف إطلاق النار، فإن مدنًا تعرضت مرة أخرى لهجمات روسية مساء الثلاثاء؛ ففي سيفيرودونتسك شرقي البلاد قُتل عشرة أشخاص في قصف، بحسب رئيس منطقة لوغانسك الإدارية.
وفي منطقة جيتومير غربي كييف، قُتل تسعة أشخاص في غارات جوية، وفي كييف، أطلقت صافرات الإنذار أربع مرات في الليل.
قلق بشأن تشرنوبيل
ذلك القصف المستمر، دفع شركة أوكرينيرغو الأوكرانية المشغلة للمحطات النووية إلى التعبير عن قلقها بشأن محطة تشرنوبيل وتجهيزاتها، التي انقطع عنها التيار الكهربائي.
وقالت عبر "فيسبوك" إن تشرنوبيل التي شهدت أسوأ كارثة نووية في تاريخ البشرية عام 1986، «مفصولة عن شبكة الكهرباء بسبب عمليات عسكرية للمحتل الروسي، ولم يعد الموقع يتلقى التيار الكهربائي».
وهو ما حذرت منه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أعلنت الثلاثاء أنّ الأنظمة التي تتيح إجراء عمليات مراقبة عن بُعد للمواد النووية في تشرنوبيل، المنشأة النووية القريبة من كييف والخاضعة حالياً لسيطرة القوات الروسية، توقّفت عن إرسال البيانات إليها.
ولا يزال أكثر من مئتين من الفنيين والحراس عالقين في الموقع وهم يعملون منذ 13 يوماً متواصلاً تحت مراقبة روسية. وطلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من روسيا السماح لهؤلاء الموظفين بالعمل بالتناوب والخلود للراحة وبالعمل لعدد محدد من الساعات، مشيرة إلى أن هذه الشروط ضرورية لضمان سلامة الموقع.
وقالت الولايات المتحدة إنها تخشى أن تتمكن القوات الروسية من السيطرة على منشآت للأبحاث البيولوجية في أوكرانيا ومصادرة مواد حساسة.
وأكدت فكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأميركي، أن الأمريكيين يبحثون مع الأوكرانيين عن طرق لتجنُب وقوع هذه المواد المتعلقة بالبحث في أيدي القوات الروسية إذا اقتربت منها.
ارتفاع عدد اللاجئين
وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في مؤتمر صحافي بستوكهولم، إن هناك لاجئين فارين من أوكرانيا يوميًا منذ بدية الغزو الروسي في 24 فبراير، يتراوح عددهم بين 2.1 و2.2 مليون شخص.
وأوضح المسؤول الأممي، أن بولندا وحدها استقبلت 150 ألفًا يوميا فقط، مشيرة إلى أن الأمر يجري بسرعة كبيرة، ولا نرى إشارة إلى إمكانية توقف هذه الحركة.
تلك الأحداث المتصاعدة، التي دفعت الأوكرانيين إلى مغادرة بلادهم، كانت من الجهة الأخرى دافعًا للحكومة الأوكرانية، التي قررت وقف تصدير السلع الزراعية الرئيسة، بما في ذلك القمح والذرة والحبوب والملح واللحوم.
وفقًا لقرار مجلس الوزراء الأوكراني، فإنه يُحظر تصدير الشوفان والدخن والحنطة السوداء والسكر والملح والقمح واللحوم، وكذلك الماشية ومشتقاتها من أوكرانيا.
وقال وزير السياسة الزراعية والغذاء الأوكراني رومان ليشينكو إن هذه الخطوة لمنع حدوث أزمة إنسانية في أوكرانيا، وتلبية حاجات السكان للمنتجات الغذائية.
إلا أن العقوبات الغربية لم تتوقف لحظة على روسيا، فبعد الحظر الأمريكي على واردات النفط الروسية، التي عدَّتها موسكو حربًا اقتصادية شنتها أمريكا عليها، تواصل الشركات الدولية فك الارتباط مع موسكو بعد غزوها المستمر لأوكرانيا.
شمل ذلك عددًا من الشركات الاستشارية العالمية، بما في ذلك أكبر أربع شركات في جميع أنحاء العالم: Deloitte و Ernst & Young و KPMG و PricewaterhouseCoopers.
وأعلنت شركة Deloitte أنها ستتوقف عن العمل في روسيا وبيلاروسيا، بينما قالت EY، المعروفة أيضًا بـ Ernst & Young، إنها ستزيل ممارساتها الروسية من شبكتها العالمية الرسمية، لكنها ستسمح لها بمواصلة العمل مع العملاء كمجموعة مستقلة من شركات التدقيق والاستشارات.
وقالت شركة الاستشارات والمحاسبة KPMG International إن شركاتها في روسيا وبيلاروسيا ستترك شبكة KPMG، مشيرة إلى أنها قررت إنهاء العلاقة مع أكثر من 4500 شخص في روسيا وبيلاروسيا، يعملون لديها.
وتتعرض شركات عدة لضغوط الرأي العام. وستغلق سلسلتا المطاعم الأميركيتان ماكدونالدز وستاربكس مؤسساتها في روسيا، بعد قرار مماثل للمجموعة العملاقة لمستحضرات التجميل العالمي لوريال، كذلك أعلنت شركة كوكاكولا تعليق عملياتها في البلاد.
عقوبات غربية
واتفق دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، على توسيع نطاق حزمة ثالثة من العقوبات ضد روسيا، لتستهدف المزيد من كبار المسؤولين والشخصيات، على خلفية غزو البلاد لأوكرانيا.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، أن الإجراءات تستهدف أولئك المتورطين في العدوان الروسي على أوكرانيا، مشيرة إلى أن الجولة الثالثة من العقوبات ضد روسيا، وهي الأكبر منذ الغزو، ستشمل تجميد أصول البنك المركزي الروسي في التكتل، وفرض حظر على وسائل الإعلام الموالية للكرملين في الاتحاد الأوروبي.
ونصت العقوبات على استبعاد ثلاثة بنوك بيلاروسية من نظام «سويفت»: (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، وهو نظام للربط بين البنوك وأسواق المال)، بعد استبعاد سبعة مصارف روسية من النظام.
تلك العقوبات والنزوح المستمر للشركات الدولية، دفعا البنك المركزي الروسي لإعلان إجراء جديد للدفاع عن اقتصاده، مع تعليق بيع العملات الأجنبية حتى التاسع من سبتمبر.
تخلف وشيك
وخفضت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» مرة أخرى علامتها للدين السيادي لروسيا، في خطوة تعني أن خطر التخلف عن السداد في نظرها «وشيك».
وسيكون تخلف موسكو عن السداد الأول منذ الأزمة المالية الكبرى عام 1998، إلا أنها لتبرير قرارها أشارت وكالة فيتش إلى مرسوم رئاسي صدر في الخامس من مارس الجاري، قد يسمح لروسيا بتعويض دائني بعض البلدان بالروبل بدلاً من العملات الأجنبية.
وأشارت الوكالة إلى قرار من البنك المركزي الروسي بتقييد تحويل بعض السندات إلى غير المقيمين، بحسب صحيفة كومرسانت الروسية، التي عبرت عن مخاوفها من نفاد الأدوية قريبًا.
وقالت الصحيفة، إن الصيدليات الروسية تفتقد الأنسولين ومضادات السكري المصنوعة في الخارج، مشيرة إلى أن الدبلوماسية ستحاول العمل مجددًا عبر اجتماع أعلن عنه في تركيا لوزيري خارجية روسيا وأوكرانيا سيرغي لافروف ودميترو كوليبا بحضور نظيرهما التركي مولود تشاوش أوغلو.