أجراس انتخابات ليبيا تدق من دون ناخبين.. فما مصير الاستحقاق الدستوري؟
لم يكن الدبيبة وحده، أحد أسباب إرجاء قائمة المرشحين، بل إن سيف الإسلام القذافي كان سببًا ثانيًا، خاصة بعد أن جددت المحكمة الجنائية الدولية مطالبتها بضرورة تسليمه، وهو ما سيجعل ليبيا في حالة عزلة دولية، إن فاز القذافي الابن برئاسة ليبيا

السياق
بعد 5 أيام، تدق أجراس الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، لتأذن بالموعد الرسمي المحدد لإجراء أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، إلا أنه حتى اللحظة لا تلوح في الأفق، سوى بوادر التأجيل أو الإلغاء.
وبينما لم يخرج أي جسم سياسي معني بالانتخابات الليبية، يؤكد أو ينفي إجراءها في موعدها، انطلقت تصريحات من هنا وهناك، تؤكد فرضية التأجيل، بل وضعت سيناريوهات للفترة المقبلة.
ورغم ذلك فإن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أعلنت أنها ليست لديها أي مشكلة فنية، في إجراء الانتخابات بموعدها، مؤكدة أنه حال فرض سيناريو التأجيل، فإن الطرف المعني بإعلان ذلك هو البرلمان الليبي.
وقال رئيس المفوضية، في تصريحات صحفية: «ليس من اختصاصنا إعلان التأجيل»، مشيرًا إلى أن مَنْ أصدر أمر التنفيذ هو مَنْ يصدر أمر الإيقاف، وهو مَنْ يقرر يوم الاقتراع، فما بالك بقرار التأجيل؟
سيناريو التأجيل
تصريحات رئيس المفوضية، ألقت بالكرة في ملعب مجلس النواب الليبي، الذي لم يكشف -حتى اللحظة- موعد إجراء الانتخابات، ولم يحدد جلسة لمناقشتها، إلا أن رئيس لجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب سليمان الحراري، عرض قبل أيام سيناريو تأجيل الاستحقاق الدستوري، داعيًا السلطات الليبية -وأبرزها مجلس النواب- إلى تحمُّل مسؤولياتها، والتحدث بشكل صريح وحاسم إلى الشعب الليبي، بعدم إمكانية إجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر الجاري، في موعدها.
وأضاف البرلماني الليبي، أن الحكومة ووزير داخليتها مطالبان بالإقرار بـ«تقصيرهما الكبير»، في ما يتعلق بتأمين العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن ما تعرَّضت له المحاكم من اعتداء، وإغلاق مراكز الاقتراع في الأيام الماضية، دليل على هذا «التقصير»، مؤكدًا أن على وزير الداخلية توضيح أن الوزارة غير قادرة على تأمين الانتخابات المقبلة وضمان نزاهتها .
تصريحات البرلماني الليبي، التي تحدثت عن سيناريو التأجيل، أكدها فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، قائلًا إنه سيتم قريبًا إعلان الموعد الجديد للانتخابات، مشيرًا إلى أنها لن تعقد في 24 ديسمبر الجاري، كما كان مقررًا بسبب الصعوبات.
إلا أن تلك الصعوبات، لم يتحدث عنها ولم تكشف هويتها أية جهة حتى اللحظة، ما دفع عضو مجلس النواب سعد الجازوي، إلى مطالبة المسؤولين بالإفصاح عن أسباب عدم إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها وعدم تكرار الأخطاء، مشيرًا إلى أن التأجيل فترة قد تصل 6 أشهر، تُجرى بعدها انتخابات برلمانية ورئاسية، أصبح السيناريو الأرجح.
وهو ما أكده رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان قائلًا، إن من حق الشعب الليبي أن يعلم مستجدات العملية الانتخابية، وألا يتم «تضليله وتغييب الحقائق عنه»، داعياً المجتمع الدولي لاحترام إرادة الشعب الليبي، وتقديم العون لإجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية.
فاصل زمني
ورغم الفاصل الزمني القصير على الموعد الرسمي لإجراء الانتخابات، فإنه حتى اللحظة، لم تعلن القوائم النهائية للمرشحين إلى الانتخابات الرئاسية، ما يضع علامات استفهام بشأن أسباب التأخير، إلا أن مراقبين أكدوا أن هناك «أزمة»، في بعض المرشحين الذين أعلنت أسماؤهم في القائمة الأولية، وغيرهم ممن تم إقصاؤهم.
وأكد المراقبون، أن وجود رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة ضمن قوائم المرشحين الأولية، وتجاوزه مرحلة الطعون، أثار الكثير من الجدل، خاصة أن الأخير خالف نصين صريحين، أحدهما قانون الانتخابات الرئاسية، الذي تنص المادة 12 منه على أن «المرشح للرئاسة عليه أن يستقيل من عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات»، وهو ما لم يحدث، أضف إلى ذلك، مخالفة الدبيبة للتعهد الذي قطعه أمام ملتقى الحوار السياسي في جنيف، بألا يترشح لأي مناصب في السلطة الجديدة، وهو ما مثل إحراجًا للبعثة الأممية في ليبيا.
وبحسب المراقبين، فإن أزمة تزوير المؤهل الجامعي لرئيس حكومة تصريف الأعمال، التي ظهرت على السطح في الأيام الماضية، وضعت المفوضية في حرج كبير، رغم عدم الفصل حتى الآن في حقيقتها.
أزمات سياسية
لم يكن الدبيبة وحده، أحد أسباب إرجاء قائمة المرشحين، بل إن سيف الإسلام القذافي كان سببًا ثانيًا، خاصة بعد أن جددت المحكمة الجنائية الدولية مطالبتها بضرورة تسليمه، وهو ما سيجعل ليبيا في حالة عزلة دولية، إن فاز القذافي الابن برئاسة ليبيا.
هذه الأسباب، دفعت البرلمان الليبي، إلى تشكيل لجنة قبل أيام، لتذليل أية عراقيل أمام المفوضية، بينما سلَّمت الأخيرة الأسبوع الماضي، تقريرها إلى اللجنة المشكلة من أعضاء مجلس النواب، المعنية بمتابعة العملية الانتخابية.
وقالت المفوضية، في بيان، إن السايح سلَّم رئيس اللجنة التقرير الذي كان قد طلبه مجلس النواب من المفوضية، متضمناً بيانات وتفاصيل ملف الطعون الانتخابية الخاصة بالمرشحين لمنصب رئيس الدولة، وفقاَ لمواد القانون رقم (1) لسنة 2021، واللوائح التنفيذية المنبثقة عنه.
موقف المرشحين
تلك الأحداث، أثارت السؤال عن موقف المرشحين للرئاسة، من تأخر إعلان القوائم النهائية، وسبب صمتهم، وما إذا كان هناك تواصل من البرلمان مع المرشحين أم لا.
إلا أنه يبدو أن الإجابة كانت حاضرة لدى المرشحين، فالمرشح سلامة الغويل، قال إن سبب تأخر إعلان القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة «الصراع بين الأوساط السياسية».
وتحدث وزير الدولة لشؤون الاقتصاد الليبي، عن سيناريو تأجيل الانتخابات الرئاسية أشهرًا عدة، قائلًا، إن هناك «صعوبات» تقف حائلًا أمام إجرائها، بينها تشابك القوانين.
ورغم تأكيده تأجيل الانتخابات، فإنه قال إن بلاده بحاجة إلى إجراء الانتخابات، لإنتاج سلطة سياسية موحدة، لإنقاذ البلاد من الوضع الحالي.
المرشح الرئاسي عبدالحكيم بعيو، لم يطرح سيناريو بعيدًا هو الآخر، عما كشف عنه الغويل، إلا أنه تحدث عن مصير السلطة التنفيذية الحالية، متوقعًا التمديد لها بضغط من الأمم المتحدة، حتى الموعد الجديد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي توقع إرجاءها إلى يونيو 2022.
السلطة التنفيذية
مصير السلطة التنفيذية، الذي أثاره بعيو، تردد في الأوساط الرئاسية، خلال لقاء جمع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، قبل يومين، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش مشاركته في القمة الثالثة للشراكة التركية الإفريقية.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، إن أردوغان أكد ضرورة احترام مخرجات الحوار السياسي، واستمرار السلطة التنفيذية في مهامها، حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وفقاً لقاعدة دستورية يتفق عليها الليبيون.
الأمر ذاته، أكده المنفي، في كلمته بالملتقى، مشيرًا إلى أن بلاده في مرحلة حساسة، تستدعي بذل مزيد من الجهد لتعزيز استقرار ليبيا، من خلال دعم السلطة السياسية المؤقتة القائمة، والممثلة في المجلس الرئاسي، لإنجاز الاستحقاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية المنوطة به، وفقًا لخارطة الطريق المعتمدة من لجنة الحوار السياسي في جنيف.