غارديان: إيطاليا بعد دراغي... المشكلات والديون تحاصر البلاد

رحيل دراغي المبكر كرئيس لوزراء إيطاليا، الذي يحتم إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر، يهدد بإحياء شياطين ديون الماضي

غارديان: إيطاليا بعد دراغي... المشكلات والديون تحاصر البلاد
رئيس الوزراء الإيطالي المستقيل ماريو دراغي

ترجمات - السياق 

سلَّطت صحيفة غارديان البريطانية، الضوء على استقالة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، مشيرة إلى أن روما قد تواجه بعض المشكلات الاقتصادية جراء الديون، والأزمات التي تضرب أوروبا مؤخرًا.

وقالت في افتتاحيتها: إنه في يوليو 2012 قال ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي آنذاك، إنه سيفعل "كل ما يتطلبه الأمر" للدفاع عن اليورو ضد عمليات المضاربة.

وبينت الصحيفة، أن تدخل دراغي عبر طمأنة الأسواق وحل أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو ، أنقذ إيطاليا -حينها- من تكاليف الاقتراض الإضافية، التي كان من الممكن أن تغرق اقتصادًا كان "أكبر من أن يفشل" ويعرِّض العملة الأوروبية الموحدة للخطر.

والآن -تضيف الصحيفة- بعد 10 سنوات، فإن رحيل دراغي المبكر كرئيس لوزراء إيطاليا، الذي يحتم إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر، يهدد بإحياء شياطين ديون الماضي، جنبًا إلى جنب مع المشكلات الأخرى، التي تتزامن مع الأزمات التي تعيشها أوروبا، جراء الحرب في أوكرانيا.

تهديد لأوروبا

ورأت "غارديان" أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن انتخابات الخريف سوف تقدم الحكومة اليمينية الأكثر تطرفًا في أوروبا الغربية، التي تضم حزب إخوان إيطاليا المتطرف بزعامة جورجيا ميلوني، والرابطة القومية، وحزب فورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برلسكوني كشريك صغير.

وقالت الصحيفة إن ميلوني -التي تشبه سياساتها غير الليبرالية إلى حد كبير سياسات رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان- ستكون الأقرب لتولي منصب رئيس الوزراء، بصفتها زعيمة لأكبر حزب في البلاد.

وهو ما وصفته الصحيفة البريطانية بالقول: "سيكون هذا الاحتمال مثيرًا للقلق في أي سياق"، مشيرة إلى أنه على خلفية قارية متأزمة من حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، وأزمة الطاقة ذات الصلة وخطر الركود، فإنها تشكل تهديدًا للوحدة الأوروبية على جبهات عدة.

وأوضحت أنه في ما يتعلق بقضايا مثل الهجرة وحقوق المثليين، من المرجح أن يصطف محور ميلوني-سالفيني إلى جانب دول مثل بولندا والمجر في تحدي المعايير الأوروبية.

وذكرت بأن "ميلوني دعت، بعدما رددت الحجج على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى إعادة تأكيد سيادة الدستور الإيطالي على قانون الاتحاد الأوروبي، وسياسة (الإيطاليون أولًا) بشأن الوصول إلى خدمات ومزايا الرعاية الاجتماعية".

أما في ما يتعلق بأوكرانيا، فأشارت الصحيفة، إلى أن دراغي أصبح شخصية محورية في الحفاظ على الوحدة الغربية ودعم كييف، ردًا على العدوان الروسي.

وأضافت: "لكن سجل اليمين الإيطالي المؤيد لبوتين لا يوحي بالثقة بأن هذا النهج من شأنه أن ينجو من فصل الشتاء الذي تهيمن عليه أزمة الطاقة التي تتلاعب بها موسكو"، مشيرة إلى أنه عام 2019، وصف زعيم حزب الرابطة، ماتيو سالفيني، الرئيس الروسي بأنه أفضل رجل دولة على وجه الأرض.

الدين العام

وترى "غارديان" أن أهمية بوليصة التأمين الأوروبية ضد "الميل المزعزع للاستقرار" لليمين القومي على وجه التحديد، تكمن في الهشاشة الاقتصادية المستمرة في إيطاليا.

وحسب الافتتاحية فإنه أيًا كان الفائز في انتخابات سبتمبر، يتعين عليه التفاوض على تمديد دين عام بـ 200 مليار يورو بحلول نهاية العام.

وأوضحت أنه مع ارتفاع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، وتوجه تكاليف الاقتراض الإيطالية نحو ذلك النوع من المستويات التي شوهدت آخر مرة عام 2012، فقد تحتاج روما -مرة أخرى- إلى الاعتماد على سخاء البنك المركزي الأوروبي في شراء السندات.

وأضافت: "كما يجب على الحكومة الجديدة أن تدافع عن موقفها لتلقي الشريحة التالية من أموال صندوق التعافي في الاتحاد الأوروبي، التي تبلغ قيمتها 190 مليار يورو، والتي تفاوض عليها دراغي في الأصل، ولن يغفر لأي حكومة مستقبلية أن تفسد ذلك، وقد تملي البراغماتية الاقتصادية بناء الجسور مع بروكسل وفرانكفورت بدلاً من حرقها".

ويرأس دراغي ائتلافًا يضم شريحة عريضة من الأحزاب منذ فبراير 2021، وهي غالبًا لا تتعاون معًا، لكنها تجمعت لإظهار الوحدة وسط جائحة كورونا.

ومع ذلك تعرض هذا التعاون لضربة مؤخرًا عندما رفض حزب حركة خمس نجوم الشعبوي التصويت على إجراء بشأن مساعدات للشركات والأسر التي تتضررت من الحرب في أوكرانيا.

وكان يُنظر إلى القرار كتصويت على الثقة، ويعني إضرارًا بالائتلاف الذي ترددت حزب حركة خمس نجوم فيه، في توجيه انتقاد شديد لروسيا لغزوها أوكرانيا.

ورأت الصحيفة البريطانية، أن دور حزب خمس نجوم غير المنتظم في سقوط دراغي، ربما أفسد إمكانية تحالف انتخابي جديد، ما مهد الطريق لميلوني وحلفائها إلى السلطة.

وأشارت إلى أنه عام 2019 ، دفعت أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لندن إلى أول انتخابات شتوية منذ مائة عام، لافتة إلى أن انتخابات سبتمبر، تعد أول حملة انتخابية صيفية في إيطاليا منذ قرن من الزمان، التي ستجرى في ظل ظروف طارئة، قد تؤدي إلى نتائج تخريبية مماثلة.