هل تُشعل محطة زابوريزهزهيا النووية الحرب العالمية الثالثة؟
المحطات النووية المدنية في مناطق الحرب أصبحت قنابل إشعاعية موقوتة

ترجمات - السياق
تساءلت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، عن إمكانية أن تتسبب محطة زابوريزهزهيا النووية، في إشعال الحرب العالمية الثالثة، مشيرة إلى أن المحطات النووية المدنية في مناطق الحرب أصبحت قنابل إشعاعية موقوتة.
كان رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في زابوريزهزهيا، أوليكساندر ستاروخ، اتهم القوات الروسية بقصف الطريق المتفق عليه، لسير بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المحطة النووية.
وكتب ستاروخ -عبر "تليغرام"- إن "الروس يقصفون الطريق المتفق عليه لبعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى زابوريزهزهيا، ولا يمكن لفريق الأمم المتحدة مواصلة التحرك لأسباب أمنية"، حسبما نقلت وكالة أنباء يوكرين فورم الأوكرانية.
وأشار ستاروخ إلى أن أوكرانيا تواصل بذل الجهود لتنظيم الوصول الآمن للبعثة الدولية للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المحطة النووية، وكتب: "نطالب الاتحاد الروسي بوقف الاستفزازات وإتاحة الوصول -بلا عوائق- إلى المنشأة النووية الأوكرانية للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
كانت بعثة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وصلت إلى زابوريزهزهيا، لزيارة محطة الطاقة النووية.
وباتت زيارة الوفد إلى محطة زابوريزهزهيا ممكنة، بعد موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على مرور الوفد عبر الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف، متراجعًا عن مطلب موسكو بقدوم المفتشين عبر روسيا والأراضي التي تسيطر عليها شرقي أوكرانيا، ما كان سيضفي شرعية دولية على الوجود الروسي في هذه المناطق.
وعلى مدى أسابيع، اتهمت أوكرانيا وروسيا بعضهما بتعريض أمن مصنع زابوريزهزهيا للخطر، من خلال تفجيرات أو ضربات بطائرات من دون طيار، ما يخاطر بحدوث كارثة إشعاعية من نوع تشيرنوبيل.
قنابل إشعاعية
ورأت "ناشيونال إنترست" أنه في الوقت الذي تستعد فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المحطة، يتنفس المسؤولون الغربيون الصعداء مع شعورهم بقلق متزايد من كيفية تحول المحطات النووية المدنية في مناطق الحرب إلى "قنابل إشعاعية موقوتة" يمكن أن تشعل حربًا عالمية.
وأشارت إلى تصريحات أدلى بها رئيس اللجنة المختارة للدفاع في مجلس العموم البريطاني -الأسبوع الماضي- حذر فيها من أن "أي ضرر متعمد يتسبب في تسرب إشعاعي من المفاعل النووي الأوكراني سيكون انتهاكًا للمادة الخامسة لحلف الناتو، التي تلزم الأعضاء بالدفاع عن أي عضو آخر في الحلف إذا تعرض لهجوم مسلح".
وأوضحت المجلة، أنه حال توقف المولدات، التي تعمل على تبريد المفاعل النووي الخاص بمحطة زابوريزهزهيا عن أداء دورها، سيحدث تسريب إشعاعي.
وعن قرب حدوث إطلاق إشعاعي، بينت أن العالم تنفس الصعداء بعد إعادة التيار الكهربائي لمحطة زابوريزهزهيا النووية في أوكرانيا، بعد القصف الذي تعرضت له مؤخرًا، وهو ما كان قد يتسبب في كارثة نووية، بسبب احتمالات تسرب إشعاعي.
وأفادت بأن المصدر الوحيد للكهرباء كان مولدات الطوارئ التي تعمل بالديزل في المحطة، التي لم يكن لديها أكثر من خمسة أيام من الوقود لتشغيل مضخات المياه الكهربائية للسلامة الأساسية للمحطة وتبريد الوقود، مشيرة إلى أنه "لو نفد الوقود من هذه المولدات (الذي يمكن أن يتفاقم بسبب السرقة الروسية) ولم تتم إعادة توصيل خط الطاقة الوحيد المتبقي، لكان من الممكن أن يحدث فقدان في المبرد بنحو ثمانين دقيقة، ما يعني احتمال تسرب إشعاعي خطير.
وبينت المجلة، أن السلطات الأوكرانية كانت تتفهم ذلك جيدًا، لذلك وزعت -الأسبوع الماضي- أقراص اليود على الأوكرانيين، لتقليل سرطانات الغدة الدرقية، التي قد يتسبب فيها الإشعاع.
وفي رومانيا (إحدى دول الناتو) -حسب المجلة- دعا وزير الصحة، المواطنين للحصول على حبوب اليود مجانًا من الصيدليات المحلية، بينما استوردت مولدوفا مليون قرص من اليود.
وأضافت المجلة الأمريكية: "ما تقدره هذه الدول ليس فقط أن الحوادث ممكنة في الحرب، لكن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يُهاجم عمدًا المحطات النووية الأوكرانية ويحوِّلها إلى أسلحة نووية مركزة، إذ يمكن أن يؤدي تشتت النشاط الإشعاعي إلى إجبار حلف الناتو على التراجع عن دعم أوكرانيا".
ما يخيف الدول المجاورة أيضًا وأعضاء حلف شمال الأطلسي -حسب المجلة- أن محطة زابوريزهزهيا ليست الوحيدة التي تُشكل تهديدًا نوويًا، وإنما هناك 9 محطات طاقة يمكن أن تهاجمها القوات الروسية، غربي وجنوبي أوكرانيا.
رد واشنطن
وعن رد واشنطن على الأمر، بينت "ناشيونال إنترست" أن الإدارة الأمريكية ليست لديها أي خطة جدية للتعامل مع هذه الحوادث، إلا أنها دعمت فقط دعوة مفتشي الوكالة الدولية لزيارة المحطة الأوكرانية.
وأوضحت أن "إجراء الوكالة عمليات تدقيق نووية بين الحين والآخر، ليس لحماية المنشآت من الهجمات العسكرية، ولا تستطيع الوكالة المخاطرة بإبقاء موظفيها لتعطيل أي هجوم".
الفكرة الثانية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في مواجهة المخاطر النووية -حسب المجلة- تنبثق من برنامج الذرة من أجل السلام، أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، القائم على بناء محطات طاقة نووية في كل مكان، بما في ذلك بولندا ورومانيا وأوكرانيا، بشكل لا يصدق.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن مؤخرًا، عن مشروع من ستة مفاعلات مدعوم من الولايات المتحدة لبولندا، بعد ثلاثة أسابيع من قصف القوات العسكرية الروسية محطة زابوريزهزهيا واحتلالها.
ثم تبع ذلك إعلان وزارة الخارجية -في مايو- تفاصيل بناء مفاعل معياري صغير أمريكي ومحاكاة نووية ذات صلة بتمويل من دافعي الضرائب الأمريكيين في رومانيا.
وفي يوليو، أعلنت شركة وستنغهاوس، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها اتفاقية مشتركة مع المرفق النووي المملوك للدولة في أوكرانيا، لبناء مفاعلين على الأقل هناك.
محطات أخرى
وذهبت "ناشيونال إنترست" إلى حد التحذير من إمكانية إقدام بوتين على قصف محطات نووية أخرى، غير تلك الموجودة في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف هدد أوروبا مؤخرًا بشكل ضمني، ردًا على اتهام روسيا بإحداث خطر كارثة نووية، من خلال نشرها لقوات حول محطة الطاقة.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ميدفيديف، في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: "دعونا لا ننسى أن الاتحاد الأوروبي لديه أيضًا محطات طاقة نووية، ويمكن أن تقع الحوادث ومشكلات هناك أيضًا".
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن المفاعلات النووية الموجودة في كوريا الجنوبية واليابان وتايوان في خطر هي الأخرى، مشيرة إلى أنه منذ احتلال روسيا لزابوريزهزيا، زادت هذه الدول عمليات التخطيط والتدريبات، ضد التهديدات العسكرية الصينية والكورية الشمالية المحتملة لمحطاتهم النووية.
أمام هذه المخاطر، دعت المجلة الإدارة الأمريكية إلى ضرورة الانتباه لأي إجراء محتمل، واتخاذ خطوات جدية للحد من خطر المحطات النووية، ومن ذلك -حسب المجلة- إعادة التفكير في ما يخص تصدير المفاعلات إلى مناطق الحرب.
كانت أوكرانيا طالبت المجتمع الدولي بضرورة إغلاق الأجواء فوق محطة زابوريزهزيا، أي توفير دفاعات جوية قادرة على منع أي ضربات مباشرة للمنشأة، لكن يبدو أنه من غير المرجح أن يُفرض حظر جوي فوق المنشأة لأن الدول الداعمة لأوكرانيا تخشى أن تُفسِّر روسيا خطوة كتلك على أنها مشاركة مباشرة في الصراع.