هل تتعلم الصين من حرب أوكرانيا قبل غزو تايوان؟

شدة تأثر روسيا بأدوات الغرب الاقتصادية العقابية، ستؤثر في كيفية تحرك الصين إلى الأمام نحو غزو تايوان

هل تتعلم الصين من حرب أوكرانيا قبل غزو تايوان؟

ترجمات – السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن ما تتعلمه الصين من الغزو الروسي لأوكرانيا، سيساعد في صُنع القرار الخاص بتايوان، مشيرة إلى أن تأثير الحرب في أوكرانيا كان محسوسًا بشدة خارج أوروبا، خصوصًا في جزيرة تايوان التي انتاب مواطنيها خوف من أنهم قد يعانون غزوًا مماثلًا من قِبل جارة أكثر قوة، في إشارة إلى بكين.

وأشارت إلى أنه بينما تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها السابع، أصبحت الصين أكثر عدوانية تجاه تايوان، مع التدريبات العسكرية الكبيرة الأخيرة حول الجزيرة، وعبور الطائرات المقاتلة بشكل منتظم للخط الأوسط، الذي يقسم مضيق تايوان.

وشددت المجلة الأمريكية على أن الدروس التي يتعلمها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم من غزو موسكو لأوكرانيا سيفيد بصُنع القرار في بكين، بشأن غزو تايبيه.

أكثر استبدادية

ووصفت "فورين بوليسي" الصين، بأنها أكثر عدوانية، خصوصًا خلال العقد الماضي، موضحة أن الولايات المتحدة تدفع ثمن سذاجتها السابقة وميلها نحو استرضاء بكين.

وأشارت إلى أنه منذ أن تبنى الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين شراكة "بلا حدود" عشية الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت هناك مخاوف من أن تغتنم بكين اللحظة لغزو تايوان وضمها.

وأوضحت أنه رغم ضعف احتمالات الغزو الفوري، مع تشتيت انتباه الصين في الداخل، بسبب الأزمة الاقتصادية والاستعداد للمؤتمر العشرين للحزب الحاكم في نوفمبر المقبل، فإن التهديد لا يزال قائمًا.

ورأت المجلة أن هناك أربعة عوامل يفكر فيها "شي" والحزب الشيوعي الصيني وهم يراقبون التطورات في أوكرانيا.

العامل الأول -حسب المجلة- مدى صمود الدولة المستهدفة، واستشهدت بالأوضاع في أوكرانيا وصمود الأوكرانيين حتى الآن، لافتة إلى أن عدم قدرة بوتين على تحقيق نصر سريع في أوكرانيا، يدل على أن دولة أصغر قد تسود في القتال بإمدادات ومعنويات كافية، ومن ثمّ فإن تايوان -على غرار أوكرانيا- قد تقاوم أمام الصين، ما يضع التنين الصيني في موقف حرج.

ولكن لتحقيق ذلك، رأت المجلة الأمريكية، أنه "يجب على تايوان -بمساعدة الغرب- أن تضيف على الفور إلى ترسانتها أنظمة الأسلحة الرئيسة، بما في ذلك صاروخ نافال سترايك، وهو سلاح مضاد للسفن يمكن إطلاقه من البحر أو الأرض ويبلغ مداه 100 ميل بحري.

وبينت أنه "إذا تم تركيب هذه الصواريخ على المركبة التكتيكية الخفيفة المشتركة، ستكون فعّالة جدًا في مهام إطلاق النار والدفع السريع".

إضافة إلى ذلك -حسب المجلة- فإن اللغم البحري "كويك ستريك" الذي يتم إسقاطه جوًا، أو غيره من تقنيات الألغام البحرية المتقدمة من الولايات المتحدة، إذا نُشر بكميات كبيرة، يمكن أن يحقق نتائج كبيرة ضد القوات الصينية البرمائية.

رشحت المجلة، أيضًا، استخدام صاروخ غافلين المشهور المضاد للدبابات، مشددة على أنه سيكون مفيدًا جدًا في التعامل مع الدروع الصينية مرة واحدة، لافتة إلى أن صاروخ ستينغر المضاد للطائرات يمثل أيضًا خطرًا على أسطول الأجنحة الدوارة الصيني.

أخيرًا ، سيكون نظام الدفاع "أندوريل آنفيل" المضاد للطائرات من دون طيار فعالًا أيضًا ضد الاستخدام الواسع المتوقع للجيش الصيني لهذه الطائرات الصغيرة.

 وشددت المجلة على أن هذه الأسلحة ليست منصات مُعقدة التركيب أو الاستخدام، مشيرة إلى أن إظهار صواريخ غافلين وستينغر قدرة فعّالة للغاية في أوكرانيا، يؤكد أن هذه المنصات، عند نشرها بكميات كافية، يمكن أن تدمر قوة غازية أفضل تجهيزًا.

ورأت "فورين بوليسي" أن هناك طرقًا يمكن لتايوان من خلالها تحسين احتياطيها العسكري في المدى القريب، من دون أن يتضرر اقتصادها، منها تنظيم "نوادي الرماية" "التي تنتشر بصورة أكبر في دول البلطيق وبولندا، لتعريف شعوبها باستخدام الأسلحة النارية والسلامة في القتال تحسبًا لأي حرب محتملة. 

القوة الغازية

العامل الثاني -حسب المجلة الأمريكية- قدرة القوة الغازية، مشيرة إلى أن الجيش الروسي أثبت أنه أضعف بكثير مما توقعه المحللون العسكريون، خصوصًا في عمليات الأسلحة والمناورة المشتركة، مضيفة: "يجب أن يكون هذا الإدراك -ضعف الجيش الروسي- قد هز شي".

ولتأكيد تصورها، أفادت المجلة، بأن الجيشين الصيني والروسي يجريان تدريبات عسكرية مشتركة، بينما اشترت الصين أيضًا أو طورت نسخًا محلية من المعدات العسكرية الروسية، التي لا تعمل بالشكل المعلن.

وبينت أنه على عكس روسيا، التي دخلت في عقود من الحروب المستمرة في الشيشان وأوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وسوريا وليبيا، كان آخر نزاع مسلح للصين عام 1979 ضد فيتنام، وهو ما يدل على (قلة خبرات الجيش الصيني في الحروب).

وأشارت إلى أن الصين كانت تعتمد على شريكتها الأكثر خبرة، روسيا، لتدريب قواتها على القتال في تدريبات مشتركة ضخمة تجرى إلى حد كبير من خلال منظمة شنغهاي للتعاون على مدى السنوات الماضية، ومن ثمّ اعتقدت أنها كانت تمارس أحدث التقنيات، إلا أن ما ظهر على الأرض في أوكرانيا يكشف عكس ذلك، إذ لا تبدو التكتيكات والتقنيات والإجراءات الروسية وترتيب المعركة بالشكل المتوقع، لذلك هناك مخاوف جدية بشأن جودة المعدات الروسية. 

رد الفعل

العامل الثالث -حسب "فورين بوليسي"- رد فعل دول المنطقة على العدوان، مشيرة إلى أن توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) السريع بعد غزو أوكرانيا أدى إلى تغيير قواعد اللعبة.

وأوضحت أن الصين اهتزت جراء ذلك -توسع الناتو- ووصفت انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف بأنه عودة إلى عقلية "الحرب الباردة".

وأشارت إلى أنه حينما غزا بوتين أوكرانيا كان متوقعًا أن يدق إسفينًا في التحالف، لكن بدلاً من فصل ألمانيا وإيطاليا والمجر عن الحلفاء الغربيين التاريخيين -الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا- اكتسب "الناتو" عضوين جديدين ، بينما اكتسبت روسيا أكثر من 800 ميل من الجبهة الإضافية مع الحلف.

ورأت المجلة، أن توسع "الناتو" مصدر قلق خطير للصين، التي تدين أي محاولة للتعددية الأمنية بين جيرانها، خصوصًا عندما تطلبها واشنطن.

وأفادت بأنه "حتى لو نجح غزو تايوان، قد يؤدي إلى مزيد من التحالفات الأمنية في المنطقة، بدلاً من توجيه ضربة كارثية لقوة الولايات المتحدة في آسيا، بينما في المقابل، سيكون أي هجوم فاشل أكثر تدميرًا للطموحات الصينية".

العقوبات الاقتصادية

العامل الرابع الذي يفكر فيه "شي" -حسب "فورين بوليسي"- العقوبات الاقتصادية التي قد تُفرض على المعتدي حال الغزو، إلا أنها رأت أن هذا العامل يُمثل إشكالية بالنسبة للغرب، إذ إن تطور وتنفيذ العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا -ردًا على حربها العدوانية- كان بطيئًا وغير فعّال.

وأشارت إلى أن هناك بعض الأدلة على أن الدعاية الصينية الداخلية تقلل من أهمية العقوبات في محاولة لتشويه سمعة الغرب، مضيفة: "ربما لا تزال الصين مهتمة بالعقوبات الثانوية المحتملة التي تؤثر في الشركات الصينية، لكن الخوف لا ينشأ إلا إذا كانت صفقات النفط والغاز الصينية الضخمة مع روسيا مستهدفة بالعقوبات الغربية"، لافتة إلى أنه "حتى الآن لم يحدث شيء في هذا الأمر، بل تستمر أوروبا -بعد أكثر من ستة أشهر من الحرب- في ضخ ما يقرب من مليار يورو يوميًا في الاقتصاد الروسي من خلال مشترياتها من الوقود".

ورغم ذلك -حسب المجلة- فإن "شي" لا يمكنه تحمل التعرض لعقوبات شاملة من أوروبا والولايات المتحدة، حال الغزو الصيني لتايوان، مشددة على أنه رغم أن الحزب الشيوعي الصيني ينفذ سياسات تهدف إلى جعل الصين أكثر اعتمادًا على الذات، فإنه ليس مستعدًا للانفصال عن الغرب.

ووفقًا للمجلة الأمريكية، فإن شدة تأثر روسيا بأدوات الغرب الاقتصادية العقابية، ستؤثر في كيفية تحرك الصين إلى الأمام نحو غزو تايوان.