العراق.. جولة ثانية من الحوار هل تؤدي إلى حل الأزمة؟

تلك الدعوة تعد الثانية من نوعها في أيام، بعد أن دعا الكاظمي القوى السياسية بالعراق في 16 أغسطس الماضي، إلى اجتماع وطني في قصر الحكومة ببغداد، لبدء حوار وطني، لإيجاد حلول للأزمة السياسية...

العراق.. جولة ثانية من الحوار هل تؤدي إلى حل الأزمة؟

السياق

أزمة سياسية متصاعدة يقف العراق على أبوابها، بعد أيام من تظاهرات حاشدة أوقعت قتلى وجرحى، إثر اشتباكات بين مؤيدين للتيار الصدري ومعارضين، ما دفع البلد الآسيوي إلى سيناريوهات وُصفت بـ«الخطيرة».

ومع تجدد المناكفات السياسية بين التيار الصدري الذي قرر اعتزال السياسة، وقوى الإطار التنسيقي، تدخلت الحكومة العراقية، في محاولة منها لتكون الوسيط، ولمنع انزلاق العراق إلى مربع العنف والاقتتال مرة أخرى.

تدخل الحكومة العراقية، كان عبر دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، القوى السياسية، لعقد جلسة حوارية ثانية -الاثنين المقبل- لبحث الأزمة التي تمر بها العراق، وسبل إيجاد حل توافقي بين جميع الأطراف.

تلك الدعوة تعد الثانية من نوعها في أيام، بعد أن دعا الكاظمي القوى السياسية بالعراق في 16 أغسطس الماضي، إلى اجتماع وطني في قصر الحكومة ببغداد، لبدء حوار وطني، لإيجاد حلول للأزمة السياسية، إلا أن التيار الصدري أعلن عدم مشاركته فيها، ما أفشل الحوار السياسي.

وفي محاولة من الحكومة العراقية لتجنُّب فشل سيناريو الجلسة الماضية، كشفت تقارير محلية أن الكاظمي حدد جدول أعمال للجلسة الثانية، يتضمن إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان، وهو أحد المطالب التي ينادي بها التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، إلا أنهما يختلفان في آلية التنفيذ.

فبينما يريد الصدر حل البرلمان أولًا وإجراء الانتخابات، يسعى الإطار التنسيقي إلى حل الحكومة الحالية أولًا، ومن ثم الاتجاه للانتخابات البرلمانية المبكرة. 

اشتراطات البرلمان

ودخل البرلمان العراقي (محل الخلاف) على خط الأزمة، عبر بيان لرئيسه محمد الحلبوسي عبر «تويتر»، أكد فيه أن جدول أعمال جلسات الحوار الوطني المقبلة يجب أن تتضمن جملة من الأمور التي لا يمكن أن تمضي العملية السياسية من دون الاتفاق عليها.

وقال الحلبوسي، في البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه يجب تحديد موعد للانتخابات النيابية المبكرة وانتخابات مجالس المحافظات في موعد أقصاه نهاية العام المقبل، وانتخاب رئيس الجمهورية، واختيار حكومة كاملة الصلاحية متفق عليها ومحل ثقة واطمئنان للشعب وقواه السياسية.

وطالب رئيس البرلمان العراقي بإعادة تفسير المادة 76 من الدستور، وإلغاء الالتفاف المخجل في التلاعب بحكم هذه المادة، الذي حدث بضغوط سياسية بعد انتخابات 2010.

وتنص المادة 76 من الدستور العراقي الخاصة بتشكيل الحكومة، على: أولاً: يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، بينما تنص الفقرة الثانية منها على: يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.

أما المادة الثالثة فتنص على: يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند الثاني من هذه المادة، بينما نصت المادة الرابعة على: يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة، أما المادة الخامسة فنصت على: يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحٍ آخر بتشكيل الوزارة، خلال خمسة عشر يوماً، حال عدم نيل الوزارة الثقة.

وبالعودة إلى رئيس البرلمان العراقي الذي طالب -كذلك- بضرورة إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية، وإبقاء أو تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، وتشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا وحسب المادة 92 من الدستور، وإعادة انتشار القوات العسكرية والأمنية بجميع صنوفها، على أن تتولى وزارة الداخلية حصرًا الانتشار وفرض الأمن في المدن كافة، وتكون بقية القوات في مكانها الطبيعي بمعسكرات التدريب والانتشار التي تحددها القيادة العسكرية والأمنية، مع توفير كل ما يلزم لتكون على أهبة الاستعداد لأي طارئ.

وشدد رئيس البرلمان العراقي على ضرورة العودة الفورية لجميع النازحين الذين هجروا من ديارهم ولم يتمكنوا من العودة إليها حتى الآن، وتنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان باتفاق معلن للشعب، لحين إقرار قانون النفط والغاز.

مركز حكم مستقر

نجاح تلك الجلسة الحوارية من شأنه أن يعيد للعراق استقراره، بحسب مايكل نايتس الزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وأحد مؤسسي منصة «الأضواء الكاشفة للميليشيات» التابعة للمعهد، الذي قال إن استقرار بغداد يتطلب –كذلك- مركز حكم مستقر.

وأوضح مايكل نايتس، في ورقة بحثية نشرها معهد سياسات الشرق الأدنى، أن قوات الأمن العراقية وقائدها العام رئيس الوزراء الكاظمي، يمتلكان صلاحية طلب خروج جميع الميليشيات والحراس الشخصيين الذين يكثر عددهم من المنطقة الدولية، مشيرًا إلى أن على المسؤولين الأمريكيين حث الكاظمي على ذلك.

وأشار إلى أنه من شأن اتخاذ هذه الخطوة التي وصفها بـ«المهمة»، المتمثلة في طرد الميليشيات من المنطقة الدولية، أن يقلل من خطر اندلاع اشتباكات جديدة، ونشر قوات أمنية أكثر خضوعاً للأوامر في المنطقة، وبدء استئصال ورم خبيث منذ فترة طويلة ينخر استقرار الحكومة والأمن الدبلوماسي.

وشدد الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى على أنه بصرف النظر عن المستقبل السياسي للكاظمي، فإن على المجتمع الدولي أن يذكّره بأنه لا يزال بإمكانه ترك إرث دائم في مجال واحد مهم، هو: إقامة مركز حكم تسيطر عليه قوات الأمن العراقية ويتمتع بالولاء للحكومة العراقية.

وحذر الباحث من أن عدم الامتثال لذلك، وترك المحرضين الذين تسببوا بمعركة الشوارع التي دارت هذا الأسبوع في مواقعهم، سيكون مؤشراً آخر على ضعف الحكومة وغياب الشركاء الخارجيين.