احتجاجات إيران.. اعتقالات في صفوف الجيش وإلغاء شرطة الأخلاق
في محاولة لنزع فتيل أزمة الاحتجاجات ومنع تمددها، أعلن المدعي العام في إيران، إلغاء ما تعرف بشرطة الآداب والأخلاق

السياق
بينما تستمر الاحتجاجات في إيران، للشهر الثالث على التوالي، وسط فشل النظام الإيراني في قمعها، تفتش السلطات في دفاترها عن وسائل جديدة لتهدئة التظاهرات، التي أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، وأدت إلى فرض عقوبات على طهران.
تلك الوسائل كان بعضها تقليديًا، كالترهيب بالإعدام واستمرار الاعتقالات، بينما كان البعض الآخر خارج الصندوق، بينها إلغاء ما تعرف بشرطة الآداب والأخلاق، التي كان تعاملها العنيف مع الشابة الكردية مهسا أميني سببًا في وفاتها، 16 سبتمبر الماضي، واندلاع التظاهرات التي لم تهدأ حتى اليوم.
وبينما تسير إيران، في خطوط متوازية، لتحقيق هذه الوسائل، أضافت إليها خطوتين: مناقشة تخفيف قواعد الحجاب، واعتقال 115 عسكريًا في النظام الإيراني لتضامنهم مع الاحتجاجات، ما يكشف عمق الأزمة التي يعانيها النظام في إيران.
أبرز التطورات
نظم طلاب جامعة خوارزمي بطهران، السبت، تجمعات احتجاجية، طالبوا فيها بالإفراج عن زملائهم المعتقلين، بينما أعلن طلبة جامعة «علوم تحقيقات» الأهلية بطهران، أنهم سينظمون احتجاجات 7 ديسمبر الجاري، تزامنًا مع يوم الطالب في إيران.
وإضافة إلى طلاب جامعة خوارزمي، امتنع طلاب كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران عن المحاضرات، احتجاجًا على الأجواء الأمنية في الجامعة وقمع الطلاب.
واعتصم طلاب جامعة كردستان، احتجاجًا على اعتقال الأستاذ الجامعي بهروز تشمن آرا، وهو إيراني ألماني، ما أثار مخاوف من تكرار أخذ الرهائن، في سيناريو يجيد النظام الإيراني العزف على وتره. ويطالب الطلاب الجامعيون -في احتجاجاتهم- بعودة الأساتذة وزملائهم المفصولين والمعتقلين إلى الجامعة.
احتجاجات حاشدة
يأتي ذلك، بينما يستعد المتظاهرون لاحتجاجات حاشدة في 5 و 6 و7 ديسمبر الجاري، إذ أعلنت مجموعة «شباب الثورة الإيرانية»، أنها ستنظم تجمعات في هذه الأيام الثلاثة من الساعة 10:00 صباحًا، كما أصدرت مجموعة «شباب أحياء سنندج» نداءً مماثلاً، طالبت فيه بمواصلة «النضال» لإسقاط النظام الإيراني.
مجموعة «شباب أحياء الأهواز» أعلنت بدورها تنظيم إضراب عام في 5 و6 و7 ديسمبر الجاري، قائلة إنه «من خلال اتحاد الشعب، ستتم إطاحة نظام الجمهورية الإيرانية قريبًا».
وبينما طلبت مجموعة «شباب أحياء أردبيل» من البازارات وسائقي الشاحنات وسائقي سيارات الأجرة وسائقي الحافلات، الإضراب في 5 و6 و7 ديسمبر، أكدت مجموعة «شباب أحياء كركان»، شمالي إيران، توجيه دعوة إلى الإضرابات والاحتجاجات في مدن محافظة كلستان، بالتزامن مع تلك التي دُعي إليها في جميع أنحاء البلاد.
انشقاقات واعتقالات
استمرار الاحتجاجات يتزامن مع تواصل انشقاق أنصار النظام الإيراني، فمحمد علي أبطحي، الناشط الإصلاحي، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، قال إن على السلطة أن تحاول تكوين مجموعة (وسیطة) بينها وبين هذا الجيل المتمرد، مشيرًا إلى أن «أفضل خيار لها الإصلاحيون، لكنهم دمروا هذا الخيار».
وأضاف أنه عندما وصف الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي في بيانه الأخير، إطاحة النظام بأنه أمر مستحيل وغير مرغوب فيه، فإنه تعرض للشتم.
وكشفت وثائق مسربة من وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري، أن النظام الإيراني اعتقل 115 عسكريًا، لتضامنهم مع الاحتجاجات الشعبية.
ووفقًا لهذه الوثائق، فإن واحدًا بالمئة من عدد المعتقلين خلال الاحتجاجات، من جنود النظام.
وفي محاولة لنزع فتيل أزمة الاحتجاجات ومنع تمددها، أعلن المدعي العام في إيران، محمد جعفر منتظري، في تصريحات على هامش ندوة بمدينة قم وسط إيران عن الاحتجاجات الأخيرة وأسبابها، إلغاء ما تعرف بـ«شرطة الآداب والأخلاق».
وقال منتظري، إن شرطة الأخلاق جرى إغلاقها من الجهة التي أعلنت تأسيسها، في إشارة إلى وزارة الداخلية التي تدير هذه الشرطة، مشيرًا إلى أن القضاء يواصل مراقبة التصرفات السلوكية على مستوى المجتمع، لكنه لا علاقة له بدورية الشرطة والآداب والأخلاق.
مراجعة قانون الحجاب
وفي خطوة جديدة نحو تهدئة وتيرة الاحتجاجات، أعلن المدعي العام، أن البرلمان والسلطة القضائية في إيران يجريان مراجعة للقانون، الذي يفرض على النساء وضع غطاء للرأس، والذي كان سببًا في إطلاق شرارة الاحتجاجات.
وقال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إن «البرلمان والسلطة القضائية يعملان على هذه القضية»، بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «إسنا»، بينما لم يكشف ما يمكن تعديله في القانون.
من جانبه، دعا حزب اتحاد شعب إيران الإسلامي، المقرّب من الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي، السلطات إلى تحضير الأسباب القانونية التي تمهّد الطريق لإلغاء قانون إلزامية الحجاب، مطالبًا بإعلان وقف أنشطة شرطة الأخلاق، والسماح بتنظيم تظاهرات سلمية.
وللمرة الأولى، أعلن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده، قتل أكثر من 300 شخص في إيران منذ اندلاع الاحتجاجات على وفاة أميني.
بينما تقول منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها أوسلو، إن قوات الأمن قتلت -حتى الآن- 448 متظاهرًا على الأقل، معظمهم في سيستان بلوشستان جنوبي شرق إيران، عند الحدود مع باكستان وأفغانستان.
كان المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك قال -الأسبوع الماضي- إن 14 ألف شخص بينهم أطفال أوقفوا في حملة قمع الاحتجاجات.
خطر الإعدامات
يأتي ذلك، بينما قالت منظمة العفو الدولية إن بين من اعتُقلوا خلال الاحتجاجات، 28 إيرانيًا على الأقل، 3 أطفال، يتعرضون لخطر الإعدام باتهامات بينها: «الإفساد في الأرض، والحرابة».
وقالت «العفو الدولية»، إنه حتى الآن حُكم على 6 أشخاص على الأقل، ممن قُبض عليهم خلال احتجاجات إيران، بالإعدام في محاكمات صورية، مشيرة إلى أن السلطات تستخدم عقوبة الإعدام كأداة «للقمع السياسي لبث الرعب بين المواطنين وإنهاء الانتفاضة الشعبية».
ودعت منظمة العفو الدولية، العالم، لكتابة رسائل إلى سفارة إيران في الاتحاد الأوروبي ببروكسل، والمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، مشيرة إلى أن 15 شخصًا حوكموا بتهمة «الحرابة» في محكمة كرج الثورية بمحافظة البرز، بينهم: زوجان باسم فرزانة وحميد قره حسنلو، و3 أولاد يبلغون من العمر 17 عامًا: أمين محمد (مهدي) شكر اللهي، وأمير محمد (مهدي) جعفري، وأرين فرزام نيا.
وأكدت "العفو الدولية" أن هؤلاء الأطفال الثلاثة يحاكمون أمام محاكم الكبار، خلافًا لاتفاقية حقوق الطفل، التي صدقت عليها إيران، مشيرة إلى أن سلطات النظام الإيراني تسعى أيضًا إلى إصدار عقوبة الإعدام بحق أكبر غفاري، ومجيد رضا رهنورد، اللذين تجرى محاكمتهما في محافظتي طهران وخراسان رضوي.
وأشارت إلى تعذيب المتهمين واستخدام الاعترافات القسرية تحت التعذيب كدليل، مؤكدة أن العديد من المعتقلين كانوا ولا يزالون محرومين من الحق في الاتصال بمحام يختارونه، ومن محاكمة عادلة.
إعدام 4 أشخاص
واستيقظ الإيرانيون، الأحد، على إعدام 4 أشخاص، اتهمهم النظام الإيراني بالتعاون والتخابر مع إسرائيل، بحسب موقع ميزان أونلاين التابع للسلطة القضائية، الذي قال إن «هذا الصباح، نُفّذت الأحكام الصادرة بحق أربعة من الأعضاء الرئيسين في مجموعة من المارقة مرتبطة بأجهزة استخبارات النظام الصهيوني».
وقال المركز الإعلامي للسلطة القضائية الإيرانية، إنه جرى «شنق أعضاء شبكة البلطجية والغوغاء المرتبطين بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن المتهمين لهم تاريخ من البلطجة، بينما كان الأعضاء الرئيسون في هذه العصابة على علم بأنهم يتلقون أوامر بأفعالهم من أشخاص خارج إيران، وأنهم حاولوا زعزعة أمن البلاد مقابل المال.