لماذا لا تزال طالبان تفضل التفجيرات الانتحارية؟

من الواضح أن شغف طالبان بالعمليات الانتحارية لم ينته بانتصارهم العسكري الصيف الماضي، إذ يبدو أن حبهم لهذه التفجيرات، يأخذ منعطفاً جديداً، فيمجد مسؤولو الحركة هذا التكتيك والعاملين عليه علناً، في محاولة واضحة لتطبيعه على نطاق مجتمعي أوسع

لماذا لا تزال طالبان تفضل التفجيرات الانتحارية؟

ترجمات - السياق

بعد فترة وجيزة من سيطرتها على الحكم في أفغانستان، منتصف أغسطس الماضي، عرضت حركة طالبان، أدواتها الانتحارية في التلفزيون الوطني، متمثلة في "ترسانتها من السترات الانتحارية، والسيارات المفخخة الانتحارية، والعبوات الناسفة"، وعزف أغنية لتمجيد هذه العمليات والمفجرين المرتبطين بها، بحسب مجلة فورين بوليسي.

وذكرت المجلة، في تقرير، أنه في مناسبة منفصلة، أحيت طالبان أيضاً ذكرى انتحاريين بفندق إنتركونتيننتال في كابل، وهذه المرة، خاطب وزير الداخلية سراج الدين حقاني، مئات الرجال الذين يمثلون أفراد عائلات المفجرين الانتحاريين، وفي أكتوبر الماضي، وسط تصاعد التوترات مع طاجيكستان، أعلنت الحركة نشر 3 آلاف انتحاري على الحدود بين البلدين.

 

تفجيرات انتحارية

وقالت المجلة: من الواضح أن شغف طالبان بالعمليات الانتحارية لم ينته بانتصارهم العسكري الصيف الماضي، إذ يبدو أن حبهم لهذه التفجيرات، يأخذ منعطفاً جديداً، فيمجد مسؤولو الحركة هذا التكتيك والعاملين عليه علناً، في محاولة واضحة لتطبيعه على نطاق مجتمعي أوسع.

ورأت المجلة أنه بعدما تحولت طالبان، من مجرد حركة تمرد إلى نظام مُكلَّف بإدارة البلاد، قد يبدو من الغريب، إن لم يكن غير المنطقي على الإطلاق، أن تستمر الحركة في الترويج بقوة، لاستخدام أحد أكثر أشكال العنف السياسي إثارة للقلق والأكثر تدميراً.

وتابعت: "صحيح أن التفجيرات الانتحارية قد تكون فعالة في زعزعة استقرار الحكومة، حينما تقود الحركة تمرداً ضدها، لكن الوضع يكون مختلفاً، عندما تكون الحركة هي نفسها الحكومة، التي يتعين عليها تنظيف الفوضى بعد ذلك، كما أن التفجيرات الانتحارية لا تكون مفيدة في تحقيق الاستقرار، في بلد اقتصاده في حالة سقوط حر، أو في التفاوض بشأن اتفاقيات تجارية مع دول أجنبية، أو في التعامل مع جائحة مستمرة، وهي كلها قضايا مُلِحة بالنسبة لحكومة طالبان.

وأضافت: "ومع ذلك، فإن إلقاء نظرة فاحصة على علاقة طالبان بالتفجيرات الانتحارية، وكيف تطورت منذ أن تبنت الحركة هذا التكتيك أول مرة عام 2003، يشير إلى أسباب استراتيجية واجتماعية أعمق، لاستمرارها في التشبث بها، رغم مكانتها الجديدة في البلاد".

 

طابع مؤسسي

وأشارت المجلة، إلى أن السبب الأول لتمسك طالبان بالتفجيرات الانتحارية، هو إضفاء الطابع المؤسسي على هذه التفجيرات داخل الوحدات المسلحة للحركة، كما أن استمرار عمل الفيلق الانتحاري وتزويده بشكل جيد، يضمن احتفاظ الحركة بالقدرة على تنفيذ مثل هذه الهجمات عند الضرورة إذا لزم الأمر، وثانياً، فإن تمجيد التفجيرات الانتحارية، يخدم ديناميكيات القوة داخل طالبان نفسها، حسب المجلة.

وأضافت المجلة، أن دراسة أدبيات طالبان الخاصة بالتفجيرات الانتحارية، تكشف أن مثل هذا الشغف يُشكل التنشئة الاجتماعية الأساسية للحركة على العنف، فقد ثبت أن استيعاب الحركة السريع للتفجيرات الانتحارية وتطبيعها، كان ضرورياً بالنسبة لتمردها، إذ إنه بعد تبني هذا التكتيك عام 2003، سرعان ما أصبحت طالبان من الجماعات الرائدة التي تبنت معظم التفجيرات الانتحارية، حيث أعلنت الحركة مسؤوليتها عن أكبر عدد من الهجمات الانتحارية، التي نفذتها أي منظمة إرهابية على الإطلاق.

ووفقاً للمجلة، فإنه الآن قد بات لدى طالبان أفضل الظروف لبيع رواياتها الخاصة بالتفجيرات الانتحارية على نطاق مجتمعي أوسع، إذ إنها ترى أن ذلك يعد أمراً أساسياً لنمو مشروع التفجيرات الانتحارية الخاص بها، للأغراض المحلية أو الإقليمية أو العالمية المحتملة، وكذلك لتخدير المجتمع بشكل منهجي، إزاء اليأس والقمع والهمجية والعنف.

 

عدم الصمت

وطالبت "فورين بوليسي" المجتمع الدولي، بألا يلتزم الصمت حيال مثل هذا السلوك المتشدد من قِبل طالبان تجاه مواطنيها، قائلة إنه يجب بدلاً من ذلك التعامل مع الحركة وتحميلها المسؤولية.

وقالت: "ينبغي عدم تحديد حقوق ومسؤوليات نظام طالبان السيادية فقط، من خلال النظر لتهديده لأمن العالم، سواء بشكل مباشر أو من خلال صلاته بشبكات إرهابية إقليمية وعالمية أخرى، بل يجب أن يتم تحميله المسؤولية عن حرمان عشرات الملايين من الناس تحت حكمه من الحاجات الإنسانية الأساسية، كما يجب التعامل مع عدم رغبة النظام أو عدم قدرته على توفير الضمانات والحريات الأساسية، التي يحق للبشر في الحياة المعاصرة التمتع بها، على أنه انتهاك لحقوق الشعب الأفغاني".