بوركينا فاسو على خُطى جيرانها.. احتجاز الرئيس وتقارير متضاربة عن انقلاب عسكري
تصاعد الإحباط في بوركينا فاسو في الأشهر الأخيرة، بسبب القتل المتكرر للمدنيين والجنود، على أيدي متشددين بعضهم على صلة بتنظيمي داعش والقاعدة.

السياق
بعد إطلاق نار كثيف حول منزله مساء الأحد في العاصمة واغادوغو، قالت أربعة مصادر أمنية ودبلوماسي من غرب إفريقيا، اليوم الاثنين، إن جنودًا متمردين احتجزوا رئيس بوركينا فاسو روش كابوري في معسكر للجيش.
وقالت «سي إن إن»، إن اعتقال رئيس بوركينا فاسو، يأتي بعد إطلاق نار من معسكرات في الدولة الواقعة غربي إفريقيا، مشيرة إلى أن الجنود طالبوا بمزيد من الدعم في قتالهم ضد المتشددين الإرهابيين.
وبينما نفت الحكومة أن يكون الجيش قد استولى على السلطة، لم يعرف مكان كابوري ولا وضعه على وجه التحديد، مع تداول تقارير متضاربة بين مصادر أمنية ودبلوماسية.
وشوهدت عربات مدرعة تابعة للأسطول الرئاسي بالقرب من مقر إقامة الرئيس، كانت إحداها ملطخة بالدماء، بينما أفاد سكان حي الرئيس بإطلاق نار كثيف خلال الليل.
تصاعد الإحباط
وتصاعد الإحباط في بوركينا فاسو في الأشهر الأخيرة، بسبب القتل المتكرر للمدنيين والجنود، على أيدي متشددين بعضهم على صلة بتنظيمي داعش والقاعدة.
وخرج المتظاهرون لدعم المتمردين، ونهبوا مقر الحزب السياسي الذي ينتمي إليه كابوري، بينما أعلنت الحكومة حظر تجول جزئي حتى إشعار آخر، وأغلقت المدارس يومين.
وبوركينا فاسو من أفقر بلدان غربي إفريقيا، رغم أنها منتجة للذهب، بحسب «سي إن إن»، التي قالت إن جيشها تكبد خسائر فادحة، على أيدي متشددين يسيطرون على أجزاء من البلاد، وأجبروا سكان تلك المناطق على الالتزام بنسختهم المتشددة من الشريعة الإسلامية.
ويسلِّط الاضطراب الضوء على العواقب السياسية للتمرد المتزايد، في جميع أنحاء منطقة الساحل، إلا أن تمرد الأحد جاء بعد يوم من المظاهرة الأخيرة التي دعت إلى استقالة الرئيس روش مارك كريستيان كابوري، حيث تصاعد الغضب من تعامل الحكومة مع المتمردين.
ودوى إطلاق نار في ساعة متأخرة من مساء الأحد، بالقرب من منزل رئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري، ما أثار شبح احتمال أن يكون هناك انقلاب عسكري، بعد أن استولى جنود متمردون على قاعدة عسكرية.
إضرام النار
وسعى المسؤولون الحكوميون إلى طمأنة الناس، بأن الوضع تحت السيطرة حتى مع دوي طلقات نارية في قاعدة الجيش، لكن بحلول نهاية الأحد، أضرم المتظاهرون المناهضون للحكومة المؤيدون للمتمردين، النار في مبنى لحزب كابوري.
ولم يُعرف على الفور ما إذا كان كابوري في المنزل، لكن العديد من الأشخاص في المنطقة قالوا لوكالة أسوشيتيد برس إنه إضافة إلى إطلاق النار، يمكنهم سماع طائرات هليكوبتر تحلق في سماء المنطقة. كما أخبر جندي متمرد وكالة أسوشييتد برس -عبر الهاتف- أن قتالًا عنيفًا يدور بالقرب من القصر الرئاسي.
وأصدرت الكتلة الإقليمية لغرب إفريقيا، المعروفة بإيكواس، التي علقت بالفعل مالي وغينيا في الأشهر الـ 18 الماضية بسبب الانقلابات العسكرية، بيانًا لدعم رئيس بوركينا فاسو المحاصر وحثت على الحوار مع المتمردين.
وقال وزير الدفاع أيمي بارتيليمي سيمبور لقناة RTB الحكومية، إن عددًا قليلاً من الثكنات تأثر بالاضطرابات، ليس فقط في العاصمة واغادوغو لكن في مدن أخرى أيضًا، إلا أنه نفى أن يكون المتمردون قد احتجزوا الرئيس، رغم أن مكان كابوري لا يزال مجهولاً.
وأضاف سيمبور: «إنها بضع ثكنات، ليس هناك الكثير، في بعض هذه الثكنات، عاد الهدوء بالفعل، وهذا كل شيء في الوقت الحالي، كما قلت، نحن نراقب الوضع».
لكن في ثكنات لاميزانا سانغول العسكرية بالعاصمة، أطلق جنود غاضبون النار في الهواء، موجهين غضبهم لسقوط ضحايا من الجيش على الرئيس.
تأييد المتمردين
غادرت القاعدة نحو 100 دراجة نارية، مرددة هتافات مؤيدة للمتمردين، لكنها أوقِفت عندما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع.
وفوَّض الجنود رجلاً، قال لوكالة أسوشيتيد برس، إنهم يبحثون عن ظروف عمل أفضل لجيش بوركينا فاسو، وسط القتال المتصاعد ضد المسلحين، مشيرًا إلى أن الجيش يطالب بزيادة القوة البشرية في المعركة ضد المتطرفين، وتحسين رعاية الجرحى وعائلات القتلى.
وأكد أن الجنود يريدون أيضًا استبدال التسلسل الهرمي للجيش والاستخبارات، بينما ظهرت دلائل على أن مطالبهم حظيت بدعم كثيرين بين المواطنين، الذين يشعرون بقلق متزايد من الهجمات، التي ألقي باللوم فيها على تنظيمي القاعدة وداعش، ما أدى إلى مقتل الآلاف في السنوات الأخيرة من تلك الهجمات، ونزوح نحو 1.5 مليون مواطن.
وبينما كان يحاول تجنُّب الغاز المسيل للدموع في شوارع واغادوغو، قال ساليف سوادوغو: نريد أن يتولى الجيش السلطة، مشيرًا إلى أن «ديمقراطيتنا ليست مستقرة».
وتولى كابوري منصبه عام 2015، وفاز في الانتخابات التي أجريت بعد إطاحة الرئيس بليز كومباوري فترة طويلة في انتفاضة شعبية.
معارضة متزايدة
واجه كابوري معارضة متزايدة، منذ إعادة انتخابه في نوفمبر 2020 مع تفاقم أزمة التطرف، والشهر الماضي، أقال رئيس وزرائه واستبدل معظم أعضاء الحكومة، لكن منتقديه استمروا في المطالبة باستقالته.
وقال المتظاهرون الذين أيدوا تمرد الجيش، إنهم سئموا كابوري رغم أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تنتهي حتى عام 2025.
وقال المتظاهر إيمي بيربا، إن العنف في عهد كابوري لم يكن مثل أي شيء شهدته بوركينا فاسو، خلال ما يقرب من ثلاثة عقود كانت كومباوري في السلطة، مضيفًا: نحن نعيش في شكل آخر من أشكال الديكتاتورية (..) الرئيس الذي لا يستطيع اتخاذ إجراءات أمنية لتأمين شعبه، ليس رئيساً جديراً بهذا الاسم.
السلطات كانت قد ألقت القبض على مجموعة من الجنود، بتهمة المشاركة في محاولة انقلاب فاشلة، بينما لم يعرف على الفور ما إذا كانت هناك أي صلة بين هؤلاء الجنود وأولئك الذين قادوا تمرد الأحد.
انقلابات عسكرية
وشهدت منطقة غرب إفريقيا سلسلة من الانقلابات العسكرية على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية، ما دفع الإيكواس إلى تعليق عضوية دولتين عضوين في وقت واحد لأول مرة منذ عام 2012.
وفي أغسطس 2020 ، أدى تمرد في ثكنة عسكرية في مالي، إلى اعتقال الرئيس المنتخب ديمقراطياً، وأعلن في وقت لاحق استقالته عبر التلفزيون الوطني، بينما لا يريد زعيم المجلس العسكري هناك انتخابات جديدة لمدة أربع سنوات أخرى.
وفي سبتمبر 2021، أطيح رئيس غينيا من قِبل المجلس العسكري، الذي لا يزال في السلطة حتى يومنا هذا، بينما شهدت بوركينا فاسو أيضًا نصيبها من محاولات الانقلاب والاستيلاء العسكري.
وعام 1987، جاء كومباوري إلى السلطة بالقوة، وعام 2015، حاول جنود موالون له إطاحة الحكومة الانتقالية، التي تشكلت بعد إطاحته، وتمكن الجيش نهاية المطاف من إعادة السلطات الانتقالية إلى السلطة، التي قادت مرة أخرى حتى فاز كابوري في الانتخابات وتولى منصبه.