احتجاجات عبادان تطوق 9 مدن إيرانية... والاعتقالات مصير المتظاهرين
في محاولة من السلطات لتهدئة المحتجين، اعتقلت رئيسي بلدية عبدان الحالي والسابق وتسعة آخرين، منهم موظفون في البلدية ومشرفون على هذا المشروع، الذي انهار مخلفًا عشرات القتلى والجرحى

السياق
بشعار «الموت لخامنئي»، انتفض المحتجون الإيرانيون في شوارع البلد الآسيوي، للتعبير عن غضبهم من النظام وتفشي الفساد، بينما قوبلت تلك التظاهرات بحملة اعتقالات، وبإطلاق الرصاص الحي.
تلك الاحتجاجات انطلقت شرارتها الأولى من مدينة عبدان جنوبي غرب إيران، بعد انهيار مبنى متروبول المكون من عشرة طوابق، الاثنين الماضي، ما أدى إلى قتل 26 شخصًا وإصابة وفقدان العشرات، بحسب أرقام نشرتها وسائل الإعلام الرسمية، شكك فيها مواطنون ووسائل إعلام معارضة.
ونكأ انهيار برج متروبول والخسائر المفجعة في أرواح وممتلكات المواطنين التي صاحبته، جراح الإيرانيين، وأعاد إليهم سلسلة من الحداد والتنهدات والألم، التي تتكرر بين الفينة والأخرى.
وما إن انهار المبنى حتى انتفض المحتجون في مدينة عبدان و10 مناطق أخرى، ملقين باللوم في انهيار المبنى على تفشي الفساد في البلد الآسيوي، مطالبين بمحاسبة النظام.
شعارات مناهضة للحكومة
وردد المحتجون شعارات مناهضة للحكومة، بينها «الموت لخامنئي» عبَّروا فيها عن غضبهم من علي خامنئي، بحسب مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضرم محتجون النار بمتجر في عبدان لمالك المبنى المنهار، بحسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات أنباء محلية، وسط اتهامات بتجاهل معايير السلامة، بينما نظمت مسيرات تضامنية في مناطق مجاورة بمحافظة خوزستان المنتجة للنفط جنوبي غرب إيران وكذلك شاهين شهر، وسط إيران، ومدينة شيراز الجنوبية، وأصفهان وبوشهر وماهشهر والأهواز واميدية وباغملك ويزد.
واحتشد أهالي عبدان للاحتجاج على الفساد والجريمة، بينما ردد المواطنون الغاضبون بماهشهر شعارات منها «الموت لهذا النظام لارتكابه جرائم في السنوات الماضية».
ورفع المواطنون في شاهين شهر، شعارات منها «عار على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون»، و«سأقتل مَنْ قتل أخي» و«اتركوا سوريا وفكروا في حالنا»، وفي مدينة بوشهر أعلن المواطنون تضامنهم مع المواطنين في عبدان.
وانطلقت تظاهرة أهالي خرمشهر تضامنًا مع أهالي عبدان بشعار «عبد الباقي (مقاول المبنى المنهار) يجرم والمسؤولون يدعمونه»، كما خرج أهالي مدينة شاهين شهر بشعار «سأقتل مَنْ قتل أخي» و«استقل يا رئيسي»، وطالب المتظاهرون في خرمشهر المواطنين بالنهوض ضد النظام.
كما شهدت مدينة بندرعباس مراسم عزاء، للتضامن مع أهالي عبدان، بينما ظهرت حشود ضخمة في خرمشهر بمقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تردد هتافات تدعو لرحيل الملالي.
تهدئة المحتجين
وفي محاولة من السلطات لتهدئة المحتجين، اعتقلت رئيسي بلدية عبدان الحالي والسابق وتسعة آخرين، منهم موظفون في البلدية ومشرفون على هذا المشروع، الذي انهار مخلفًا عشرات القتلى والجرحى.
وقال النائب الأول للرئيس محمد مخبر، إن المسؤولية عن كارثة المبنى تقع على عاتق أولئك الذين «استهانوا بحياة الناس لكسب المزيد من المال، وينبغي عدم العفو عنهم، بل التصدي لهم لتلقين الآخرين درسًا».
وحاول المسؤول الإيراني إلقاء اللوم، في كارثة مبنى عبدان، على الفساد الذي قال إنه «واسع النطاق بين المقاول ومن نفذ البناء والهيئات الإشرافية»، مؤكدًا «تجاهُل معايير السلامة».
انقطاع الإنترنت
وبالتزامن مع تلك الاحتجاجات، انقطع الاتصال بالإنترنت في عبدان وبعض مناطق مدينة الأهواز، بينما دعا صادق جعفري تشغني، النائب العام ومدعي محاكم الثورة في الإقليم، الأهالي إلى عدم الاهتمام بما وصفها بـ«الأخبار والمعلومات الكاذبة والشائعات التي ترددت في الأيام الماضية بالفضاء الإلكتروني».
من جهة أخرى، حاولت السلطات القضائية ترهيب المواطنين، لمنعهم من مشاركة أخبار الاحتجاجات، في محاولة للتعتيم على تلك التظاهرات التي تحرج النظام الإيراني.
تحذير للمتظاهرين
وقال القضاء في إقليم عربستان (خوزستان) إن «نشر أي أخبار كاذبة عن عبدان يعد جريمة»، محذرًا من أن أي جهة تنشر الإشاعات، التي تسعى إلى استغلال الوضع «سيكون التعامل معها بصرامة».
من جانبها، قالت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية: «تحية لأهالي خرمشهر وبندر عباس وبهبهان وشاهين شهر، الذين انتفضوا لنصرة عبدان وأهلها».
وأضافت أن كارثة عبادان تعكس 43 عامًا من حكم نظام لم يجلب سوى الجريمة والفساد والسرقة، مشيرة إلى أن هتافات الأهالي المتضمنة «خامنئي قاتل وحكمه باطل، ورئيسي اخجل واترك السلطة وسأقتل مَنْ قتل أخي» لسان حال الشعب الإيراني الذي يطالب بإسقاط نظام ولاية الفقيه.
وأشارت إلى أن نظام الملالي «عدو الإيرانيين»، مشيدة بدور النساء «في خرمشهر بالدفاع عن أهل عبدان» إذ كانت شجاعتهن نموذجًا للإيرانيات.
وبعد أيام من الانهيار المفاجئ للبرج السكني على رؤوس المشاة والمقيمين، كشف الإيرانيون أدلة تفضح على الملأ دور وكلاء السلطة، حتى إن سكان الحي توجهوا -أثناء الكارثة- إلى رئيس البلدية وألقوا باللوم عليه، بينما تفيد أدلة المواطنين بأنه أحد مرتكبي هذه الجريمة.
فضح السلطة
وقبل عام، جرى تحذير رئيس البلدية والقائيمن على بناء هذا البرج، من عدم مراعاة المعايير اللازمة في بنائه، خاصة بعد إضافة 3 طوابق إليه، بشكل فوضوي من دون مراعاةٍ لأي منهج يتعلق بالهندسة المعمارية.
وبحسب مجلس المقاومة الإيرانية، فإن قوات حرس نظام الملالي متورطون في هذه القضية بشكل مباشر، حتى إنهم عند إنشاء البرج وبدء استخدامه، وصفوه بأنها نتاج خدماتهم.
وأوضح مجلس المقاومة الإيرانية أنه عندما يكون الشغل الشاغل للسلطة، منح الأولوية للميزانية والسياسة والاقتصاد ودور حكومتها، للحفاظ على بقائها وهيمنتها الشمولية والاحتكار، فإن علاقتها تكون مع الخاضعين لهذه السيطرة فقط، من خلال اختلاق الأزمات للمواطنين.