بيان حاسم للجنة العسكرية وحشد لمليشيات طرابلس.. ماذا يحدث في ليبيا؟
يؤكد المحلل السياسي الليبي محمد يسري، في تصريحات لـ السياق، إمكانية تنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة، بعد أن نجحت الأخيرة في إزالة الألغام من الطريق الطريق الساحلي، وإعادة فتحه، إلا أنه قال إن ملف المرتزقة يتطلب جهودًا من الحكومة المؤقَّتة والمجلس الرئاسي ومجلس النواب.

السياق
بعد عشر سنوات من إطاحة النظام السابق، ما زالت ليبيا في مفترق طرق، تتقاذفها الأمواج، محاولة إرساء شراعها، إلا أن المليشيات المسلحة والنظام التركي، يقفان لكل تلك المحاولات بالمرصاد.
فالبلد الذي أنهكته الصراعات، يحاول تلمُّس الضوء من النفق الذي يمكث فيه، خوفًا من إطالة أمد المرحلة الانتقالية، التي من المقرَّر أن تنتهي في 24 ديسمبر المقبل، وسط سعي وُصف بـ"الجاد" من اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، التي أنهت مساء السبت، اجتماعًا، خرجت فيه ببعض البنود التي –إن نُفِّذت- ستؤسس لمرحلة جديدة في ليبيا.
وختمت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (المشكلة من اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في 23 أكتوبر 2020 بجنيف) مساء السبت، اجتماعها السابع، الذي جاء ببعض البنود التي قال مراقبون إنها "لافتة".
تجميد الاتفاقيات
وطالبت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، المجلس الرئاسي والحكومة الليبية، بتجميد أي اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع أي دولة، في إشارة إلى الاتفاقيات الموقَّعة بين الحكومة السابقة والنظام التركي، التي أبطلها البرلمان الليبي في وقت لاحق.
وأكدت اللجنة العسكرية، في البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، وضع تدابير محدَّدة وخطة مستعجلة، لإخراج المرتزقة والأجانب، من دون استثناء في أسرع وقت، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على تبادل عدد جديد من المحتجزين بين الطرفين، في الأيام المقبلة.
وبينما طالبت الحكومة بسرعة تعيين وزير للدفاع، أكدت أن ملتقى الحوار السياسي الليبي، حال فشله في صياغة قاعدة دستورية للانتخابات، سيؤدي إلى عواقب، بينها خرق وقف إطلاق النار الموقَّع في 23 أكتوبر2020.
مصالح حزبية
بيان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، تزامن مع بيان للبعثة الأممية في ليبيا، اتهمت فيه أعضاء ملتقى الحوار الليبي، بأنهم يتبعون مصالحهم الحزبية والخاصة، مشيرة إلى أن ما يقومون بعمله يعكس انقسامات المجتمع الليبي العريض، عوضا عن العمل من أجل التوصل إلى حل وسط، بما يتماشى مع خارطة الطريق.
وقالت البعثة الأممية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: على ملتقى الحوار السياسي الليبي وأعضائه، وكذلك المؤسسات الأخرى ذات الصلة، أن يحترموا، في ما يقدِّمونه من أطروحات، وما يقدمون على عمله، طموحاتهم التي عبَّـروا عنها في خارطة الطريق، المرتكزة على العمل من أجل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.
وأكدت أنه لا ينبغي قبول المقترحات، التي لا تؤدي إلى إجراء انتخابات في الموعد المحدَّد، متعهدة بمواصلة العمل من أجل إجراء الانتخابات، مشيرة إلى أنها تخطِّط لعقد وإدارة الاجتماع المقبل لملتقى الحوار السياسي الليبي.
بيان لافت
إلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي فوزي الحداد -في تصريحات لـ«السياق»- إن بيان اللجنة العسكرية كان «لافتًا»، مشيرًا إلى أنه رغم أن توجيه الحوار أو التحذير لملتقى الحوار خارج عن اختصاصات اللجنة العسكرية، فإنه قال إن ملتقى الحوار السياسي لم يعد هو، خاصة بعد فشله في إرساء القاعدة الدستورية، التي على ضوئها ستجرى انتخابات 24 ديسمبر.
وأشار إلى أن ما أنجزته اللجنة العسكرية، من فتح الطرق وإزالة الألغام والأسرى، يُعَدُّ تقدُّمًا جيدًا، ينبغي عليهم مواصلة السير في هذا الاتجاه، حفاظًا على أهم اتفاق وقِّع بينهم، وهو وقف إطلاق النار.
وعن مطالبة اللجنة بتعيين وزير للدفاع، قال فوزي الحداد: إن الدفاع وزارة خلافية حتى الآن، فلم يحسم أمرها بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى أنها كانت تُسند إلى الجنوب الليبي، إلا أن الوضع صعب حاليًا، في ظِل انقسام المؤسسة العسكرية.
مماطلة إخوانية
المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، أكد في تصريحات لـ«السياق»، أن تحقيق المطالب التي نادت بها اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، سيكون وفق ما يجري على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن ملتقى الحوار السياسي الليبي، يماطل في إقرار قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.
وأشار إلى أن تحقيق تلك المطالب، يبدو بعيد المنال، فاللجنة العسكرية الليبية المشتركة، لا تستطيع فِعل ذلك، كونها لجنة فنية مهمتها حلحلة بعض القضايا، والعمل على تطبيق وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الأخيرة منحازة لمطالب الشعب الليبي، بضرورة إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع تركيا.
المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك أجزاء في هذا البيان، من الممكن تحقيقها، لكن هناك جزئيات من الصعب تحقيقها، وهي صيغت لإثبات الموقف ولتأكيد أن اللجنة العسكرية، لجنة وطنية بامتياز.
صعبة التحقيق
وأشار إلى أن إخراج المرتزقة، وتجميد الاتفاقيات العسكرية، من الصعب مكان تحقيقه حاليًا، إلا بعد قيام الدولة وانتخاب رئيس من الشعب، الذي بإمكانه أن يبت في تلك الأمور، وأن يفرض إراداته على المجتمع الدولي.
فالانتخابات أو العودة للمربع الأول، خياران تقف ليبيا في مفترق الطرق بينهما، يقول الفيتوري، مشيرًا إلى أن الكل يترقبون، لكن المعوَّل ليس فقط على المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة، بل على أبناء ليبيا، في حل مشكلاتهم.
المحلل السياسي الليبي محمد يسري، أكد في تصريحات لـ«السياق»، إمكانية تنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة، بعد أن نجحت الأخيرة في إزالة الألغام من الطريق الطريق الساحلي، وإعادة فتحه، إلا أنه قال إن ملف المرتزقة يتطلب جهودًا من الحكومة المؤقَّتة والمجلس الرئاسي ومجلس النواب.
وطالب يسري، في حال تعثُّـر ملتقى الحوار -الذي وصفه بأنه «أصبح مكانًا لعمل الصفقات والالتفافات والمحاصصات»، بإعطاء مسؤولياته إلى اللجنة العسكرية، في بعض البنود الخاصة بها، وفرض شرعية دولية، على مخرجات اللجنة العسكرية، ودعمها من مجلس الأمن، كونها الكتلة الأكثر توافقًا ونظامًا.
وأشار إلى أن اللجنة العسكرية المشتركة، تحتاج إلى مزيد من فرض نفوذها، لكي تكون نتائجها أكثر إلزامًا، خاصة على الصعيد الخارجي، في ما يتعلق بملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
تحذير عاجل
المحلل السياسي الليبي مختار الجدال حمَّل، في تصريحات لـ«السياق»، ملتقى الحوار الليبي، مسؤولية إيجاد حل في ليبيا، محذِّرًا من أن أي تأخير سيتسبَّب في خرق وقف إطلاق النار.
وحذَّر الجدال، من أن أيدي المليشيات المسلَّحة غربي ليبيا على الزناد، مشيرًا إلى أن سلاح المليشيات جاهز، كما الخطط، التي لا ينقصها إلا وليمة تنتهي بحرب، على حد قوله.
وأشار إلى أن المليشياوي عماد الطرابلسي، دخل العاصمة الليبية طرابلس على رأس 200 آلية، ليحتل غرب المدينة، بينما المجلس الرئاسي والحكومة لا يهمهما الأمر.
الوضع محتدم
وأكد أن الأمر محتدم في الغرب الليبي، فالاستعدادات في الزاوية على قدم وساق، لقص شريط المواجهة بين المليشيات المتقاتلة في ليبيا، محذِّرًا من أنه حال نشوب القتال، لن يتمكَّن أحد من إطفاء نيرانه.
وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، قائلا في تصريحات لـ«السياق»، إن الحل في ليبيا لا يزال بعيد المنال، ونحن نشاهد أرتالًا عسكرية من المليشيات تتجمع في العاصمة، ربما يستعدون لإشعال فتيل الحرب.
تحشيدات ميليشياوية
تلك التحذيرات توافقت مع تحذير، أطلقه عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، في مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، قائلًا في تصريحات صحفية، إن التحشيدات الميليشياوية، التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس، مقدِّمة لمعركة كبرى جديدة، للسيطرة على الغرب الليبي.
وأضاف البرلماني الليبي، أن «التحركات والتحشيدات، التي تشهدها العاصمة، ليست كسابقاتها، وتنبئ بسخونة المعركة المقبلة»، مشيرًا إلى أن هدف هذه التحشيدات، القضاء على ميليشيات طرابلس، بينها الميليشيات المنضوية ضمن جهاز حفظ الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، الذي يقوده الميليشاوي عبدالغني الككلي الشهير بـ«غنيوة»، والميليشيات التي يحرِّكها قائد ميليشيا ثوار طرابلس السابق هيثم التاجوري وغيرها.