زلزال سياسي تونسي.. هل وصلت النهضة إلى نقطة اللاعودة مع المكوِّنات السياسية؟

بدأت الأزمة، مع اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد، قرارات استثنائية، استنادًا إلى ما خوَّله له الفصل 80، المندرج ضمن القسم الأول من الباب الرابع بدستور البلاد، والمتعلِّق بصلاحيات رئيس الجمهورية.

زلزال سياسي تونسي.. هل وصلت النهضة إلى نقطة اللاعودة مع المكوِّنات السياسية؟

السياق

تواجه تونس أزمة، يصفها مراقبون بالمعقَّدة، منذ اندلاع ما يعرف بـ "الربيع العربي"، الذي أطاح -قبل عشر سنوات- نظام الرئيس زين العابدين بن علي، واستبدله بنظام منتخب، سيطرت جماعة الإخوان عليه، عبر أغلبية البرلمان ورئاسته، متمثِّلة في راشد الغنوشي.

بدأت الأزمة، مع اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد، قرارات استثنائية، استنادًا إلى ما خوَّله له الفصل 80، المندرج ضمن القسم الأول من الباب الرابع بدستور البلاد، والمتعلِّق بصلاحيات رئيس الجمهورية.

هذا "الزلزال السياسي" الذي تمثَّل في تجميد سُلطات مجلس النواب، وتولي قيس سعيد رئاسة الوزراء، بعد إعفاء هشام المشيشي من منصبه، وإطاحة وزيري الدفاع والداخلية، فضلًا عن فرض حظر تجول، اعتبارًا من 26 يوليو ولمدة شهر، رأى مراقبون، أنه استهداف لحركة النهضة الإخوانية وحلفائها.

ورغم اتجاهات التصعيد، من جانب حركة النهضة، على المستويين الشعبي والسياسي، وما تضمَّنه من مخاوف تهديد السِّلم والأمن الأهليين، يظل هناك تساؤل مهم: هل يمكن أن تصبح النهضة الإخوانية جزءًا من حل الأزمة، لكونها عاملًا محوريًا في اندلاعها؟

 

إجراءات استثنائية

محمد الصافي جلالي، سياسي تونسي دستوري مستقل، قال في تصريح خاص لـ "السياق": إن الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، وآخرها تعطيل العمل بالوزارات والإدارات المركزية والمحلية 48 ساعة، بداية من الثلاثاء، طبيعية ضمن الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس، لحفظ السِّلم الأهلي، بحسب ما خوَّله الفصل 80 من الدستور التونسي.

وتوقَّع جلالي، المتحدِّث السابق باسم حزب المبادرة الدستورية التونسي، أن تتبعها إجراءات تطبيقية سريعة، تضمن عودة الحياة إلى الشارع التونسي بشكل طبيعي.

واعتبر أن فرض حظر التجول، إجراء استثنائي طبيعي في الوقت نفسه، وسبق أن طُبِّق لحفظ السِّلم الأهلي، مثلما حدث وقت انتشار وباء كورونا في البلاد.

وكشف جلالي، أن هذا الإجراء مؤقَّت، اتخذه قيس سعيد، للانتقال السلس بين مرحلة وأخرى، ضاربًا مثلًا بالتجربة المصرية، عقب سقوط نظام الإخوان هناك.

وفي الوقت الذي رحب الشارع التونسي بالقرارات الرئاسية، وساندها هشام المشيشي، رئيس الوزراء الذي تم إعفاؤه من منصبه، قائلًا في بيان رسمي: "لا يمكن -بأي حال من الأحوال- أن أكون عنصرًا معطّلًا أو جزءًا من إشكال يزيد وضع تونس تعقيدًا، ومحافظة على سلامة التونسيين، أعلن أنّني أصطفّ -كما كنت دائمًا- إلى جانب شعبنا واستحقاقاته، وأعلن عدم تمسُّكي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة"، إلا أن الطرف الرئيس في الأزمة الحالية أبى الاستسلام، ممثلًا في راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، حيث دعا أنصاره إلى الاحتشاد أمام البرلمان، في محاولة للتصادم مع قوات الأمن.

 

جزء من الأزمة

"النهضة ستظل جزءًا من الأزمة في تونس"، كما يرى جلالي، الذي شارك في وضع دستور البلاد.

وقال إن قرار سعيد، يُعَدُّ نقطة اللاعودة، في الحوار مع حركة النهضة الإخوانية، التي لها الأغلبية البرلمانية ورئاسة مجلس نواب الشعب، لذا استبعد استئناف الحوار بينهما وقال: "لن يعودا للجلوس معًا مرة أخرى على طاولة الحوار".

ولفت جلالي، إلى أن الرئيس التونسي، حمَّل حركة النهضة "بشكل غير مباشر، وعبر تلميحات يفهمها الشارع التونسي"، مسؤولية حماية الفساد، وترهيب المشهد السياسي، والوضع في البرلمان، الذي وصفه بالتعيس، الذي ملأ العنف أروقته، موضحًا رؤيته بأن مهلة الشهر التي كفلها الدستور لتطبيق القرارات الاستثنائية، فترة كافية، ستتضح خلالها تطورات العلاقة بين رئاسة الجمهورية و "النهضة" التي تخلَّت الأحزاب عنها وتبرأت منها، وحمَّلتها مسؤولية الأوضاع التي آلت إليها تونس.

وأرجع جلالي، مسئولية ما تعيشه تونس، من فساد ومشهد سياسي مضطرب، إلى حركة النهضة، التي تشارك في السلطة في السنوات العشر الأخيرة، منذ 23 أكتوبر 2011.

وتابع: "الشعب التونسي مستمر في إجراءاته ولن يتراجع، وقد نتفق أو نختلف مع القرارات الرئاسية، لكننا نرى أنها بداية النهاية للأزمة السياسية، التي نعيشها منذ عقد من الزمن.

وألمح جلالي، إلى أن الدول الداعمة لحركة النهضة، والإخوان بشكل عام، مثل تركيا وقطر، لن تستطيع إعادة العجلة إلى الوراء، مطالبًا الدول الأخرى بمساندة تونس، للخروج من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.