مصدر مطلع لـ فوربس: قطر عرضت على NSO ملايين الدولارات لشراء برنامج بيجاسوس
بيجاسوس... هل تجسَّست NSO على 50 ألفًا من السياسيين والنشطاء؟ وما علاقة قطر؟

ترجمات – السياق
بعد أيام من «تحقيق بيجاسوس» الذي كشف قائمة تضم 50 ألف رقم هاتف، بينهم صحفيون وسياسيون وبعض قادة العالم، زعم أنها كانت تحت مراقبة الحكومات، ردَّ شاليف هوليو المدير التنفيذي لشركة الأمن السيبراني الإسرائيلية NSO على ما وصفها بـ«الادعاءات المثارة» والتناقضات في التحقيق.
اختراق هاتف ماكرون
نفى هوليو، بشدة تورُّط NSO في محاولات اختراق هواتف المسؤولين الفرنسيين، بمن فيهم الرئيس إيمانويل ماكرون، ومقرَّبون من الصحفي جمال خاشقجي، قائلاً: «أؤكد أن الأمر لا علاقة له بـNSO، كما أؤكد أنه لا علاقة له ببيجاسوس، وهذا هو ما يمكنني تأكيده».
المدير التنفيذي لـ«NSO»، قال في مقابلة مع مجلة فوربس الأمريكية، إنه لا يمكن تحميل شركته المسؤولية، عن أي إساءة لاستخدام برامجها، مشيرًا إلى أن الشركة تبيع منتجاتها إلى الحكومات، إلا أنها ليس لديها وسيلة لمراقبة ما تفعله.
حجب الخدمة
ورغم ذلك فإن هوليو، قال إنه في حال أساءت أي من الحكومات استخدام أنظمتنا، فلدينا طريقة للتحقيق في الأمر، وحينها نقوم بحجب الخدمة عنه، مشيرًا إلى أن شركته «فعلت ذلك من قبل، وسنواصل القيام به، لكن لا يمكن لومنا على سوء استخدام بعض العملاء».
وأكد هوليو الذي شغل منصب رائد في وحدة البحث والإنقاذ التابعة للجيش الإسرائيلي، أنه لا داعي لشعور الأشخاص العاديين بالخوف من تقنيات الشركة، التي قال إنها توظفها ضد المجرمين الخطرين فقط.
وقال: الذين ليسوا مجرمين، أو أولئك الذين لا يشبهون أسامة بن لادن في العالم، ليس لديهم ما يخافونه، بل يمكنهم الوثوق تماماً بأمان وخصوصية أجهزة أبل وجوجل الخاصة بهم.
برامج ضرورية
هذه «الادعاءات» كما وصفتها مجلة فوربس، لا تفعل الكثير لتهدئة مخاوف النقاد أمثال إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، الذي فجَّر فضيحة برنامج التجسس الحكومي عام 2013، والذي يرغب في تطبيق حظر شامل، على أدوات مراقبة الهواتف الذكية أمثال منتجات NSO.
إلا أن هوليو، قال لـ«فوربس»: «لن أعلِّق على ما يقوله إدوارد سنودن، لكن برامج مثل بيجاسوس، ضرورية للغاية لإنقاذ الأرواح، وللحفاظ على سلامة الناس».
وأضاف أنه لا يوجد خادم واحد، يحتوي على قائمة بجميع الأهداف المحتملة لعملاء الشركة، مشيرًا إلى أن رقم 50 ألفًا الذي أثاره التحقيق يبدو جنونياً، بالنظر لأن متوسط عدد الأهداف لكل عميل من عملاء NSO يبلغ نحو 100، بينما تبيع الشركة برامجها إلى ما بين 40 و45 دولة فقط.
ويعتقد هوليو أن البيانات جاءت من خلال ما يُعرف ببحث Home Location Register (HLR)، وهو شكل من أشكال قواعد البيانات، التي تتحكَّم فيها شركات الاتصالات، لمعرفة ما إذا كان رقم هاتف محمول معين متصلاً بالشبكة أم لا، فضلاً عن معرفة الموقع التقريبي للهاتف.
الهجمات الإلكترونية
إلا أن «فوربس»، قالت إنه عادة ما تستعلم شركات الاتصالات في قاعدة البيانات هذه، للقيام بمهام عادية، مثل إرسال رسائل نصية قصيرة، لكن وفقاً لشركة أمن الاتصالاتAdaptiveMobile ، فإنه يمكن استخدامها كنقطة انطلاق للهجمات الإلكترونية، كما يمكن لشركات المراقبة السيبرانية، استخدام مزوِّد خدمة بحثHLR ، وهو ما يمكن إيجاده بسهولة على الإنترنت، لتطلب منه التحقُّق باستمرار مما إذا كان الجهاز المستهدف، متصلاً بشبكة، وقادراً على تلقي الرسائل النصية أم لا.
هوليو أصر في مقابلته مع المجلة الأمريكية، على قوله، إنه إذا كان لدى NSO سبب وجيه للاشتباه في إساءة استخدام «بيجاسوس» من قبل عملائها، فإنه يمكن للشركة التحقيق مع العميل، ومنعه من استخدام البرنامج.
هل هناك تناقض؟
ووفقًا للمجلة، فقد سعى هوليو خلال المقابلة، إلى شرح ما وصفته بـ«التناقض» في استجابة الشركة للتحقيق الخاص بـ«بيجاسوس»، مشيرة إلى أن NSO أكدت أنها لا تستطيع الوصول إلى البيانات المتعلِّقة باستخدامات العملاء لبرامجها، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تحدِّد -بشكل قاطع- ما إذا كان قد تم استخدام البرامج، أو عدم استخدامها على هواتف معينة.
ليرد هوليو، قائلا: «في حين أن NSO لا تراقب ما يفعله العملاء ببرامجها، فإنه يمكن للشركة الوصول إلى سجلات العملاء، عندما يكون لديها سبب للتحقيق، ما يسمح لمدقِّقي الشركة بالتحقُّق من الأرقام، التي تم اختيارها للمراقبة».
وتابع: «عندما تم تسليمنا معلومات عن محاولات اختراق لـ37 جهازاً محدداً، أجرت الشركة تحقيقاً، ووجدنا أن برامجنا لم تستهدف أياً من هذه الهواتف، لهذا السبب فإنني قادر على القول إن السياسيين الفرنسيين، وخطيبة خاشقجي لم يكونوا مستهدفين، لكن الشركة مازالت تواصل التحقيق في الأمر».
الهجمات الإرهابية
هوليو يدّعي، أنه بفضل برامج NSO تم منع أكثر من 15 هجوماً إرهابياً، والقبض على أكثر من 100 من المتحرِّشين بالأطفال في جميع أنحاء أوروبا، والتوصل إلى مجرمي الإنترنت، إلا أنه رفض تقديم تفاصيل ولا أدلة عن هذه البيانات، لأنه لا يستطيع الكشف عن عملاء محدَّدين.
وأشار إلى أنه، في الوقت نفسه، اضطرت الشركة، خلال السنوات الماضية، إلى التعامل مع إساءة استخدام برنامج «بيجاسوس»، من خلال وقف تقديم الخدمة للعملاء، لكنه رفض الكشف عن البلدان التي أساءت استخدامه.
وقالت «فوربس»، إنه رغم تفاخر هوليو بالمكاسب التي حقَّقتها شركته، فإنه ينأى بنفسه عن الحكومات التي تستخدم برامجه، بطرق مشكوك فيها أخلاقياً، مشبِّهاً NSO بشركة مصنِّعة للسيارات، قائلا: «إذا صدم سائق مخمور شخصاً، فإن اللوم يقع حينها عليه، وليس على صانع السيارة».
موجة صدمات
وكان تحقيقاً أجرته 17 مؤسسة إعلامية في العالم، بما في ذلك صحيفتا "ذا جارديان" البريطانية، و"واشنطن بوست" الأمريكية، بقيادة منظمة "Forbidden Stories" غير الهادفة للربح، ومقرها باريس، قد كشف عن قائمة تضم 50 ألف رقم هاتف، يُزعم أنها كانت تحت مراقبة الحكومات والمنظمات، في جميع أنحاء العالم، من خلال برنامج «بيجاسوس» التابع لـNSO، وتضمَّنت القائمة أرقام هواتف صحفيين ورجال سياسة بارزين وبعض رجال الأعمال.
«فوربس»، قالت إن نشر التحقيق، الذي يدَّعي اختراق «بيجاسوس» لهواتف الصحفيين والسياسيين البارزين، أثار موجة من الصدمات السياسية في جميع أنحاء العالم، إذ فتح أحد أهداف البرنامج المزعومين، وهو ماكرون، تحقيقًا في الأمر، كما تواجه الحكومتان الهندية والمكسيكية انتقادات شديدة، بسبب الاستخدام المزعوم للبرنامج، لمراقبة المعارضين والصحفيين والنشطاء.
دور قطر
ونقلت «فوربس» عن مصدر مطلع قوله: إن قطر عرضت على NSO دفع مئات الملايين من الدولارات، لشراء برامج التجسس الخاصة بها، لكن الشركة رفضت بسبب مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في الدوحة، وهي المزاعم التي وصفها متحدِّث باسم سفارة قطر في لندن بـ«السخيفة».
واعتبرت المجلة، أن ما يبدو محبطاً بالنسبة لمنتقديNSO ، هو ترك التحقيق مجالاً للمناورة، حيث يدَّعي هوليو أن القائمة المزعومة، التي تضم 50 ألف رقم هاتف لأهداف محتملة لعملاء NSO، تبدو غامضة، لأن مؤسسة «Forbidden Stories» أو شركاءها الإعلاميين لم يذكروا مصدر الحصول على القائمة، ولا سبب ارتباطها بـ NSO.
وتابعت المجلة الأمريكية، أن التقارير التي صدرت عن الأمر، جاءت بلغة غير واضحة، إذ لا تؤكد البيانات المتاحة هوية الأشخاص الذين يُزعم استهدافهم، بل إنها تقول إنه من المحتمل فقط أن يكونوا مستهدفين، كما أنه في كثير من الحالات لم يتم تأكيد ما إذا كان بيجاسوس قد حاول بالفِعل اختراق الهاتف، أو ما إذا كان قد نجح في الاختراق أم لا.
من هي NSO؟
مجموعةNSO، من أنجح شركات المراقبة الإلكترونية في إسرائيل، وتقدر قيمتها السوقية بأكثر من مليار دولار.
تأسست NSO عام 2010، كشركة ناشئة من أعمال شركة هوليو السابقةCommuniTake، التي أسسها مع صديقه وشريكه التجاري عمري لافي، وكان لدى الشركة برنامج يسمح لشركات الاتصالات، بالوصول عن بُعد إلى هواتف المستخدمين الذكية، حتى يتمكنوا من المساعدة في حل أي مشكلات فنية.
وعندما أخبرت وكالات إنفاذ القانون، التي تعمل مع أحد عملائها في شركات الاتصالات هوليو ولافي، أن برنامجها سيكون مفيداً للمساعدة في مراقبة المجرمين، فكرا في تحويله إلى وسيلة لاختراق الهواتف، وهي الفكرة التي لم يتم قبولها في CommuniTake، وهو ما دفع الصديقين إلى مغادرتها وتأسيس نشاطهما التجاري الجديد NSO.
وفي غضون سنوات، استحوذت شركة Francisco Partners على حصة كبيرة في الشركة عام 2014، ليتم بيعها إلى شركة Novalpina Capital عام 2019.
ويقول هوليو إن Novalpina تمتلك 70% تقريباً، بينما يمتلك هو ولافي نسبة أقل من 10%، وتعود النسبة المتبقية للموظفين.
وتعمل الشركة مع الحكومات، للمساعدة في القبض على المجرمين الأكثر خطورة، مثل الإرهابيين وأفراد العصابات والمتحرِّشين بالأطفال، باستخدام أدوات التجسس، التي يمكنها التقاط البيانات الموجودة على الهاتف في صمت، حتى من أحدث جيل من أجهزة آيفون، كما أن عملها يسير بشكل جيد، إذ إنها حقَّقت أرباحاً بلغت 120 مليون دولار عام 2020، بحسب «فوربس».