بعد أسبوعين من الحرب.. هل فشلت خطة بوتين في أوكرانيا؟
يبدو أن الأسبوعين الماضيين من هذا الصراع ظهرا كأنهما فترة أبدية، من حيث الكيفية التي غيرا بها العالم، فبعد دقائق من خطاب بوتين الذي أعلن فيه عملية عسكرية خاصة، أضاءت السماء عندما سقطت الصواريخ البالستية على مطار بوريسبيل خارج كييف، وتدفقت القوات الروسية عبر الحدود

ترجمات - السياق
بعد مرور أكثر من أسبوعين على الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت الضربات الروسية أقل دقة، كما تعاني القوات البرية بشدة للاستيلاء على الأراضي، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وأضافت الشبكة، في تقرير بموقعها الإلكتروني، أنه عشية الهجوم الذي بدأ 24 فبراير الماضي، توقَّع بعض المسؤولين الأمريكيين سقوط كييف، في غضون 48 إلى 72 ساعة من بدء الأعمال العدائية، ومع ذلك، لا يزال علم أوكرانيا باللونين الأزرق والأصفر على مبانيها الرسمية، كما لا يزال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعلن تحديه لروسيا.
دولة منهارة
ورأت الشبكة أنه إذا لم تكن أوكرانيا دولة حقيقية، الأمر الذي يدعيه بوتين، فمن المؤكد أنها كانت ستصبح دولة منهارة الآن، ولكن حتى مع وجود 150 ألف جندي روسي داخل حدودها، وفقاً لتقديرات الولايات المتحدة، فإن هؤلاء الجنود يسيطرون على نحو 10% من أراضي البلاد فقط.
وتابعت: "لقد ظهرت مناطق دفاع خطيرة ونقاط تفتيش لا حصر لها حول كييف، وتصرفت القوات الأوكرانية، على نحو مفاجئ للعديد من المراقبين، بشكل ذكي وفعال، ضد الدروع الروسية التي كافحت لإحراز تقدم، إذ استطاعت الوحدات الصغيرة المتنقلة، التي تعرف المنطقة جيداً، قطع الطريق أمام القوافل البرية الروسية، كما انتشرت الأسلحة المضادة للدبابات، التي حصلوا عليها من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على الطرق في جميع أنحاء البلاد، ونُشرت طائرات مقاتلة من دون طيار، تركية الصنع، لإحداث تأثير دقيق في الميدان".
وأشارت الشبكة إلى أنه في المناطق القليلة التي احتلتها القوات الروسية، وحتى تلك التي يغلب على سكانها الناطقون بالروسية، هاجم مئات السكان الجنود الروس الذين باتوا في حيرة من أمرهم، إذ بنوا جبالاً من إطارات السيارات للدفاع عن مدنهم، ورفعوا لافتات في الشوارع للتعبير عن رفضهم للحرب.
وقالت "سي إن إن": هذا لا يعني أن الأوكرانيين لهم اليد العليا في هذه الحرب، إذ إنه لا يمكنهم هزيمة القوات الروسية المتفوقة بشكل كبير، لكن الأدلة -حتى الآن- تشير إلى أنهم ربما يحرمون بوتين من الانتصار، بالنظر لدعمهم بالأسلحة والمساعدات التي تتدفق عبر الحدود من بولندا.
أطول أسبوعين
ولفتت الشبكة إلى أنه يبدو أن الأسبوعين الماضيين من هذا الصراع ظهرا كأنهما فترة أبدية، من حيث الكيفية التي غيرا بها العالم، فبعد دقائق من خطاب بوتين الذي أعلن فيه "عملية عسكرية خاصة" عبر التلفزيون الروسي، أضاءت السماء عندما سقطت الصواريخ البالستية على مطار "بوريسبيل" خارج كييف، وتدفقت القوات الروسية عبر الحدود من شبه جزيرة القرم وبيلاروسيا وغربي روسيا.
وأضافت: "بعد ذلك لم يحدث شيء ضخم، إذ ظلت قافلة القوات الروسية التي يبلغ طولها 40 ميلاً، التي كانت قادمة من بيلاروسيا في مكانها، ولم تذهب إلى أي مكان، حيث قامت الدفاعات الجوية الأوكرانية بعمل أفضل من المتوقع، في التعامل مع الصواريخ والطائرات المقاتلة الروسية، كما فشلت جهود موسكو للاستيلاء على مواقع مهمة شمالي وجنوبي كييف، في الأيام الأولى من الحملة، وحتى جنوبي البلاد –حيث واجهت الوحدات الروسية مقاومة أقل- فإنها لم تستحوذ على ميناء ماريوبول، التي تقع على بُعد نصف ساعة بالسيارة من الحدود".
ووفقاً للشبكة، فإن بوتين كان يجادل في شرحه للغزو بأن أوكرانيا ستصبح مكاناً للغرب، يستطيع من خلاله غزو روسيا وتدميرها، لكنه ربما يكون أخطأ في تقدير الرد المحتمل على محاولته احتلال بلد، حسب رؤيته المظلمة للتاريخ، ليس له الحق في الوجود.
أصول الأوليجارشية
ورأت الشبكة أنه نادراً ما بدا حلف شمال الأطلسي (الناتو) شديد التركيز بهذه الطريقة، إذ بات بعيداً كل البعد عن النبرة التي كان يتبناها خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأصبحت الشاحنات المحملة بالأسلحة المضادة للدبابات تتدفق على الحدود الأوكرانية.
وذكرت "سي إن إن" أنه أثناء مناقشة مجموعة من العقوبات الدولية ضد روسيا -قبل هذا الغزو- كان الصقور يحلمون فقط بقطع المؤسسات الروسية عن النظام المصرفي الدولي، ومطاردة أصول الأوليجارشية الروسية، وإنهاء أو تقليص واردات النفط والغاز الروسيين وخط أنابيب نورد ستريم2، لكن كل ذلك حدث.
وتابعت: "لقد ضرب زيلينسكي، ومرونة أوكرانيا في مواجهة الصعاب الشديدة، على وتر حساس في جميع أنحاء العالم، إذ ظهرت ألوان علم أوكرانيا في ملاعب كرة القدم في جميع أنحاء أوروبا، كما أضيء برج إيفل باللونين الأزرق والأصفر، وأدت رسائل زيلينسكي إلى جلب الحشود إلى شوارع براغ وتبليسي واستقبل تصفيقاً حاراً في البرلمانات البريطانية والأوروبية، ولكن على النقيض من ذلك، بدا بوتين منعزلاً ثائراً في وجه موظفيه".
معاناة المدنيين
السؤال الكبير الآن هو ما إذا كان الزعيم الروسي الغاضب، سيضاعف الترسانة الهائلة الموجودة تحت تصرفه، من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، وأنظمة الصواريخ المدمرة والقنابل الحرارية، وهل يحوِّل كييف إلى غروزني أخرى، وهي عاصمة الشيشان التي دمرها خلال سنته الأولى في السلطة؟! حسب "سي إن إن".
ولفتت الشبكة إلى أنه في غضون ذلك تستمر المعاناة اليومية للمدنيين الأوكرانيين، إذ قُتل بعضهم في ضربات صاروخية دمرت المباني السكنية، بينما قُتل آخرون بسبب تلك الهجمات المدفعية الأقل دقة، قائلة إنه رغم عدم وجود حصيلة رسمية فإن العدد الفعلي يصل للمئات، كما فر مليونا شخص من البلاد، معظمهم من النساء والأطفال، وفي حال عادوا فإنهم لن يستطيعوا التعرف إلى مدن مثل خاركيف وسومي وماريوبول وتشرنيهيف.
ونهاية التقرير، قالت "سي إن إن": في غياب بعض الاختراقات في الأيام المقبلة، لا مفر من قائمة أطول بكثير من الضحايا الأوكرانيين.