التئام الرباعي اليمني في عدن... صفعة جديدة للحوثي
لم تنتظر الحكومة كثيرًا لبدء إجراءات التخفيف عن المواطنين، فأقرت سريعًا مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2022، ووافقت على مشاريع موازنات الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة للعام نفسه.

السياق
التئام رباعية الدولة اليمنية في عدن، حدث يعد الأبرز منذ الانقلاب الحوثي قبل قرابة 8 سنوات، وضعت من خلاله الشرعية اليمنية أقدامها الأولى على طريق استعادة العاصمة صنعاء، من براثن المليشيا.
وتوافد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ورئيس ووزراء حكومة اليمن، ورئيس وأعضاء البرلمان ورئيس وأعضاء مجلس الشورى، الساعات الماضية إلى عدن، في حدث هو الأول من نوعه، منذ الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014.
وعقد المجلس الرئاسي ومجلسا النواب والشورى وأعضاء الحكومة، اجتماعات للمرة الأولى، مساء أمس الاثنين، في العاصمة المؤقتة عدن، في حدث وصفه مراقبون بأنه أول مسمار في نعش انقلاب مليشيات الحوثي.
الخطوات الأولى
انطلاقا من عدن، بمساندة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ومجلس التعاون الخليجي، وبدعم عربي ودولي كبيرين، خطا اليمنيون الخطوات الأولى على طريق استعادة البلد الآسيوي، الذي مزقته ممارسات وانتهاكات مليشيات الحوثي، إلى الحضن العربي والخليجي.
وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، خلال رئاسته الاثنين، اجتماعًا لمجلس الوزراء في العاصمة المؤقتة عدن، مؤكدًا مواصلة العمل وبدء مرحلة جديدة تحت قيادة مجلس القيادة الرئاسي، لتحقيق تطلعات الشعب اليمني في استكمال استعادة الدولة، وتوحيد الصفوف ضد المشروع الحوثي الإيراني.
وأكد عبدالملك، أن الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة خلال الفترة المقبلة، تحظى باهتمام كبير، موجهًا الوزارات الخدمية بإعداد خطط للنزول الميداني، للاطلاع على الخدمات ورفع مستواها.
إلا أن الخدمات المعنوية وخطة توحيد الصف، في إطار محاربة المشروع الحوثي الإيراني، لن تثني الحكومة عن العمل على نجاح الهدنة الأممية، التي تنظر إليها كفرصة للاتجاه نحو السلام الشامل والعادل، رغم الانتهاكات المتكررة لمليشيا الحوثي للهدنة، وسعيها إلى إفشالها، بحسب رئيس الحكومة اليمني.
مشروع الموازنة
ولم تنتظر الحكومة كثيرًا لبدء إجراءات التخفيف عن المواطنين، فأقرت سريعًا مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2022، ووافقت على مشاريع موازنات الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة للعام نفسه.
واعتمدت الحكومة اليمنية 5 ملايين دولار مساهمة حكومية سنوية لتشغيل مستشفى عدن العام، الذي أعيد تاهيله من قِبل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، كما أقرت عددًا من الخطط والإجراءات، لرفع مستوى الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن وتعزيز الوضع الأمني.
كما أعلنت حزمة من الدعم للقطاعات الخدمية، في المناطق المحررة والعاصمة المؤقتة عدن على وجه الخصوص، مؤكدة ضرورة التركيز على رفع وتحسين مستوى القطاعات الخدمية.
المشروع الحوثي
وفي محاولة من الحكومة اليمنية، لمواجهة المشروع الحوثي الإيراني، طالبت الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، بالتعامل بحزم مع الخروق الحوثية للهدنة، وممارسة الضغط لتنفيذ ما عليها من التزامات بموجبها، وعدم استغلالها لمزيد من الحشد وترتيب وضعها الميداني المتهاوي.
وحذرت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة، من أن التغاضي عن ذلك يهدد بانهيار وقف إطلاق النار والهدنة، وهو ما تحرص القيادة السياسية -ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة- على عدم حدوثه.
وأشارت الحكومة إلى الخروق الحوثية المتكررة للهدنة الأممية منذ إعلانها مطلع إبريل الجاري، ومتطلبات المحافظة عليها بتنفيذ مساراتها المختلفة، وفي المقدمة فتح طرق مدينة تعز المحاصرة من مليشيا الحوثي منذ سبعة أعوام.
وأشادت بنجاح المشاورات اليمنية، التي عُقدت تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومخرجاته التي ستكون موجهة للعمل خلال الفترة المقبلة، لهزيمة المشروع الإيراني في اليمن عبر وكلائه من مليشيا الحوثي، الذي يمثل خطرًا وجوديًا على الخليج والمنطقة العربية والملاحة الدولية.
دعم الأشقاء
وثمَّنت الحكومة، الدعم المقدم للاقتصاد اليمني بـ 3 مليارات دولار، منها ملياران دولار مناصفة بين المملكة والإمارات، دعماً للبنك المركزي اليمني، ومليار دولار من المملكة منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و 400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية.
وأعربت عن تطلعها إلى أن تتخذ بقية دول مجلس التعاون وشركاء اليمن في التنمية، مواقف مماثلة لدعم الاقتصاد اليمني، ومساندة الحكومة للقيام بواجباتها والتزاماتها، في تخفيف معاناة الشعب اليمني.
قوبلت اجتماعات وقرارات الحكومة اليمنية بالترحاب، من المواطنين المؤيدين لعودة الشرعية، والمطالبين بدحر المشروع الحوثي الإيراني، الذي اتخذ من بلادهم نقطة انطلاق لتوسعه في المنطقة.
عدن عاصمة القرار
وتصدر وسم «#عدن_عاصمة_القرار»، مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، خلال الساعات الماضية، أعلن فيه اليمنيون تأييدهم أولى خطوات استعادة الشرعية، ودحر الانقلاب الحوثي.
من جانبه، قال أحمد الصالح مدير مركز عدن للأبحاث في واشنطن، المتحدث الرسمي لملتقى شباب الجنوب في أمريكا، عبر «تويتر»: لا خيار أمامنا في مواجهة الحوثي إلا النصر أو النصر فقط، مشيرًا إلى أن المشروع الحوثي غير قابل للحياة.
وأشاد السياسي اليمني بدور السعودية التي تقف خلف اليمن، مشيرًا إلى أن تقف إلى جوارك دولة ذات دور محوري وشقيقة وجارة، أمر ليس بالهين، ومن المفترض أن يؤدي إلى إنجاز المعركة.
وقالت هدى الكازمي، الإعلامية والمديرة العامة لمكتب الإعلام بعدن، عبر «تويتر»: ديمومة السياسة بدأت تتضح بوادرها من عدن، مشيرة إلى أن وصول القائد عيدروس الزبيدي للعاصمة عدن، وقبله الحكومة ومجلسي النواب والشورى، يشير إلى أن ما نسعى إليه آت لا محالة.
وطالبت الإعلامية اليمنية مواطنيها، بالاصطفاف والثبات والتريث، في ما يأمل القائد الزبيدي تطبيقه على أرض الواقع، مشيرة إلى أن عدن -التي احتضنت كل الطوائف والأديان- ستنهض إن وجدت نية حسنة لدى كل الأطراف.
ارتياح شعبي
بدوره، قال أحمد المسيلي مستشار وزير الإعلام اليمني، عبر «تويتر»: هناك ارتياح شعبي لوصول أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والنواب والشورى والحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، معبرًا عن أمله بأن يلمس المواطنون تحسنًا كبيرًا في حالتهم المعيشية والصحية والخدماتية، وأن تكون هذه الخطوة بداية للتحرير الشامل، عقب تعنُّت الحوثيين ورفضهم للسلام.
وقال صالح البيضاني، عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل باليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، عبر «تويتر»: بعد كسر مدينة عدن للغزو الحوثي عام 2015، ها هي تستعد اليوم لتكون أيقونة للسلام أو منطلقًا لهزيمة المشروع الإيراني في اليمن.
وأشار إلى أن مدينة عدن متسامحة، تتسامى على جراحها، وتلملم أحزانها المبعثرة على الشواطئ والجبال.
وقال الصحفي اليمني مصطفى غليس، إن اليمنيين يحدوهم الأمل بمستقبل أفضل، يبدأ بعودة المجلس الرئاسي والحكومة للمدينة التي يستحق أبناؤها وكل اليمن حياة آمنة وكريمة، مشيرًا إلى أن عدن أصبحت عاصمة القرار، وينبغي أن تكون أرقى نماذج المدن المحررة.