أزمة الغاز الأوروبية تضع علاقة روسيا بالجزائر على المحك
قد تضطر الجزائر إلى الاختيار بين أوروبا وروسيا أثناء المواجهة

ترجمات - السياق
في الوقت الذي تترك فيه المخاوف من الغزو الروسي لأوكرانيا، الغرب في وضع بحث عن شحنات غاز طبيعي بديلة، يبدو أن بلدًا غنيًا بالطاقة على أعتاب أوروبا ميناء اتصال واضح.
ويمكن للجزائر، وهي مورد رئيس للغاز إلى إيطاليا وإسبانيا، وأكبر مصدر لواردات الاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، أن تكون قادرة على توفير الإغاثة التي تسعى إليها الولايات المتحدة وغيرها على الأقل، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.
وستؤدي هذه الخطوة، إلى زيادة خزائن الدولة المستنفدة الواقعة في شمال إفريقيا، ومنحها نفوذًا دبلوماسيًا في أوروبا، وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى اضطراب العلاقات المتنامية للجزائر مع روسيا .
وقال سيريل ويدرسهوفن، محلل الطاقة ومؤسس شركة استشارات المخاطر فيروسي، إنه موقف صعب بالنسبة للجزائر، فإن أرادت البلاد أن تظل مُصدِّرًا رئيسًا للطاقة، فإن مساعدة أوروبا أمر منطقي، لكن ذلك يخاطر بتقويض خطط إقامة علاقة أعمق مع موسكو.
وليس من الواضح، إمكانيات الإمداد التي يمكن أن توفرها دولة عضو في أوبك، حيث توقفت صادرات الطاقة بسبب نقص الاستثمار والطلب المحلي سريع النمو.
تنتهج الجزائر سياسة خارجية مستقلة، يقودها مسؤولون مدنيون وعسكريون، تمتد جذورهم إلى حرب الستينيات للتحرر من فرنسا، وهي الدولة التي تربطها بها نزاعات متكررة.
وتناقش الولايات المتحدة القضية، مع الشركات التي تعمل في الجزائر، ولكن ليس الشركات الجزائرية ولا الحكومة نفسها، وفقًا لشخص في واشنطن مطلع على الخطط.
ولم يستجب المسؤولون الجزائريون لطلبات متكررة للتعليق. تتزامن الأزمة الأوروبية، مع فترة تقلب تمر بها صناعة النفط والغاز الجزائرية، التي كانت ذات يوم مصدر دخل موثوق، سمح للبلاد -التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة- بدعم الغذاء والوقود وكبح المعارضة السياسية.
و أدى انهيار أسعار النفط عام 2014 إلى خروج ذلك كله عن مساره، حيث أدت سياسة شد الحزام الاقتصادي دورًا في إطلاق حركة احتجاجية جماهيرية، أجبرت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على التقاعد عام 2019.
كما أدى انتعاش أسعار الطاقة وتخفيض قيمة العملة، إلى استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، رغم أن ما تسمى حركة الحراك، واصلت الضغط للمطالبة بإزالة النخب، التي حكمت الجزائر منذ عقود التخفيضات، في فاتورة الدعم الحكومية البالغة 17 مليار دولار قد تبدأ هذا العام، وتحاول الحكومة تقليص مشتريات القمح من الخارج.
وذكرت "بلومبرج" أن كل ذلك لا يقدم الكثير لتغيير طبيعة الاقتصاد الجزائري المرتبط بالطاقة، البلد الذي حثه صندوق النقد الدولي على تنويع مصادر دخله.
ومع ذلك، فإن ارتفاع عائدات النفط والغاز، تزيد فرص تأجيل أي إعادة هيكلة شاملة، وفقًا لريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية.
وقال إن الجزائر -من خلال قمع الاحتجاجات واستهداف الجماعات الإسلاموية والانفصالية- "تمكنت مؤقتًا من تحييد التهديدات الرئيسة لاستقرار النظام، لكن من غير الواضح ما الذي يريد الرئيس والحكومة القيام به بعد ذلك".
العلاقات الروسية
قد لا تكون صادرات الطاقة ركيزة للاقتصاد فترة أطول، إذ سجل إنتاج الجزائر من الغاز أدنى مستوياته، منذ عشر سنوات على الأقل عام 2019، بحسب منتدى الدول المصدرة للغاز.
وفي الوقت نفسه، يستخدم المزيد من الوقود في محطات الطاقة المحلية، لتلبية حاجات الزيادة السكانية، ما يترك مجالًا أقل للتصدير.
وفقًا لسيريل ويدرسهوفن، محلل الطاقة ومؤسس شركة استشارات المخاطر فيروسي، هناك "معركة على الأقل لتحقيق الاستقرار في أحجام تصدير الغاز".
وقال: قد تزيد الجزائر إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، لكن الكميات المتاحة لن تقترب من سد الفجوة الناجمة عن أي تباطؤ كبير في التدفقات من روسيا.
العلاقات الخارجية أيضًا عامل مهم، فأواخر أكتوبر، أغلقت الجزائر خط أنابيب غاز إلى إسبانيا، كان يمر عبر المغرب، بعد تصاعد الخلاف مع المملكة المجاورة في شمال إفريقيا.
ومع ذلك، تمكنت الجزائر العاصمة من الحفاظ على استقرار الإمدادات إلى إسبانيا عبر طرق أخرى.
وأدى الخلاف إلى قطع الغاز الجزائري، الذي كان يستقبله المغرب، ما قد يؤدي إلى تحرير نحو مليار متر مكعب سنويًا.
وتعهدت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم والجزائر في سبتمبر، بالعمل معًا لإنتاج ونقل الغاز.
وتصدر الخبر صحيفة المجاهد الجزائرية الحكومية، التي وصفت الاجتماع بأنه "شراكة بين عملاقين". وأعلن المنتج الحكومي "سوناطراك" أن حقل الغاز الأصيل، مشروعها المشترك مع "غازبروم"، سيبدأ الإنتاج عام 2025.