كهرباء العراق... هل أموال الحشد الشعبي مقدَّمة على حل الأزمة؟!
ميزانية العراق لعام 2021، رصدت لميليشيا الحشد الشعبي، 3 تريليونات دينار -ما يوازي ملياري دولار-، رغم انتفاء الحاجة الموضوعية لوجود الحشد، بعد انتهاء القتال مع تنظيم داعش الإرهابي، بحسب مراقبين عراقيين.

السياق
كهرباء العراق... هل أموال ميلشيا الحشد الشعبي مقدَّمة على حل الأزمة؟!
إعلان السلطات العراقية، إحباط محاولتين لتفجير أبراج للطاقة الكهربائية في مقاطعتي نينوى وديالي، كانتا ستتسببان في قطع الخدمة عن آلاف العراقيين، سلَّط الضوء على الأزمة التي يعانيها البلد الآسيوي، وأثار تساؤلات عن الميزانية المخصَّصة للقطاع الحيوي.
وكان البرلمان العراقي، وافق في الأول من أبريل الماضي، على ميزانية 2021 التي بلغ حجمها 130 تريليون دينار عراقي (89.65 مليار دولار)، إلا أن توزيع المخصَّصات في تلك الميزانية، شابه ما وُصف بـ«الخلل».
3 تريليونات دينار
فميزانية العراق لعام 2021، رصدت لميليشيا الحشد الشعبي، 3 تريليونات دينار (ما يوازي ملياري دولار)، رغم «انتفاء الحاجة الموضوعية لوجود الحشد، بعد انتهاء القتال مع تنظيم داعش الإرهابي»، بحسب مراقبين عراقيين.
وللمفارقة، فإن ميزانية ميليشيا الحشد الشعبي، كادت تقترب من ميزانية وزارة التجارة في العراق، التي بلغت 3.5 تريليون دينار، وهي الوزارة المعنية بشكل أساسي بتوفير الدعم للبطاقة التموينية، لملايين القابعين تحت خط الفقر، ما يثير تساؤلات عن الأولويات لدى البلد الآسيوي: السلاح أم توفير الخدمات للمواطنين؟!
من جانبه، قال البرلماني العراقي كاطع الركابي، إنه في ظِل الموازنة، التي يميل ميزانها لمصلحة الميليشيات، لا يزال واقع القطاع الكهربائي يراوح مكانه.
وأوضح البرلماني العراقي، في تصريحات صحفية، أنه لا يمكن أن يشهد أي تحسُّن في غياب حل جذري، كاشفًا عن خلل في عمليات ربط محطات الكهرباء بين المحافظات، ما قد يؤثِّر في بقية المحطات، وفي عملية نقل الطاقة، التي تؤدي بدورها إلى انقطاعات متكرِّرة للخدمة.
إعادة تخصيص الأموال
وطالب عراقيون، بضرورة إعادة تخصيص الأموال المقطوعة لميليشيا الحشد الشعبي إلى وزارة الكهرباء، التي تئن تحت ضغط الانقطاعات والاستهدافات المتكرِّرة للكهرباء، في الصيف الذي ألهب مواطني البلد الآسيوي وزاد معاناتهم، بسبب تردي الخدمة.
وترصد موازنة العراق لعام 2021 نحو 11 تريليون دينار (ما يعادل 7.5 مليار دولار) لوزارة الكهرباء، التي تواجه تحديات جمة، فاقمتها الأعمال الإرهابية المتكرِّرة على خطوط الكهرباء، فضلاً عن تحكُّم إيران في الخدمة بالعراق، عبر منحها أو منعها إمدادات تشغيل المحطات الكهربائية.
وبحسب خبراء عراقيين، فإن ملف الكهرباء، لم يشهد أي تقدُّم منذ سنوات الحصار الاقتصادي، الذي فُرض إبان حرب الخليج عام 1991 حتى اليوم، رغم إنفاق مبالغ ناهزت 81 مليار دولار، كانت من الممكن أن تؤدي لإقامة محطات كهرباء جديدة.
انتعاش سوق المولدات
وبسبب الأزمة، لجأ المواطنون إلى المولدات الكهربائية، التي انتعشت أسواق إصلاحها من جديد، بعد انقطاع التيار الكهربائي، الذي ألقى بثقله على العديد من المولدات الكهربائية الأهلية، التي خرج العديد منها من الخدمة، بسبب تقادم السنين وطول فترة العمل.
واعتبر الأربعيني العراقي حسام، صاحب محل صيانة المولدات الكهربائية المنزلية، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، وقت الصيف موسماً للربح، بعد انقطاع وبرود العمل في تصليح وصيانة المولدات الكهربائية المنزلية، خصوصاً في الآونة الأخيرة.
وتابع: نادراً ما كانت تردنا قطعة للتصليح، وغالباً ما تكون لأحد محال السوق، وعملنا توقف بشكل كبير، إلا أن مهنة صيانة وتصليح المولدات الكهربائية المنزلية، انتعشت مجدداً، بعد أن حوَّلتها أزمة انقطاع الكهربائي إلى عمل مثمر ومربح في الوقت نفسه.
ثقل على المواطن
كاظم فيصل، ناشط مدني يقول، إن المولدات المنزلية أضافت ثقلاً على كاهل المواطن، بسبب لجوئه إلى شراء البنزين أو الجاز، إضافة إلى زيوت المحركات، ما جعل إبعادها عن العمل أمراً مستحسنا، إلا أن انقطاع الكهرباء أعادنا إليها مكرهين.
ويقول عراقي يدعى حسن، ينتظر تصليح المولد الخاص به: بعد انقطاع التيار الكهربائي، حاولنا تشغيل المولد، لكنه لم يعمل بعد أن تركناه أكثر من عام.
وتشهد تجارة المولدات الكهربائية المنزلية وموادها الاحتياطية وقطع غيارها، انتعاشاً ملحوظاً، بحسب حسين عيسى، صاحب محل بيع أدوات احتياطية للمولدات الكهربائية المنزلية، الذي أكد تزايد الطلب على قطع غيار ومواد المولدات الكهربائية وأدواتها الاحتياطية، من أجل تصليح وصيانة المولدات المتعطلة عن العمل، بسبب ارتفاع أسعار الجديدة منها.
ويفضِّل كثيرون التغاضي عن الأصوات المزعجة لمولدات الكهرباء المنزلية، مقابل الانتفاع بهواء مروحة تدور في سقف غرفة، لتحريك الفراغ الملتهب بالحرارة، أو الانتعاش بهواء مبردة لعلها تخفِّف وطأة حرارة يوليو الجاري.
إجراءات حكومية
وفي محاولة من الحكومة العراقية، لتخفيف حدة الأزمة على المواطنين، في ذلك التوقيت شديد الحرارة، قرَّرت وزارة النفط، زيادة حصة وقود المولدات السكنية في المحافظات إلى 40 لتراً بدلا من 25 لترًا.
بينما وجَّه أمين بغداد، المعمار علاء معن، باستنفار جميع الدوائر والأقسام البلدية، لمواجهة النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية، لمشاريع الماء والصرف الصحي.
إلغاء الاستثناءات
وجَّهت وزارة الكهرباء العراقية، الأسبوع الماضي، بإلغاء استثناءات تجهيز الطاقة الممنوحة لبعض الجهات، مبقية عليها فقط لمحطات الماء والمجاري والمستشفيات والأماكن الدينية والسجون.
كما وجَّهت بتوزيع الطاقة الكهربائية، بصورة عادلة ومتساوية لجميع المناطق، لكون الخدمة حقًا لجميع المواطنين، ومن الواجب أن يتم توزيعها بالتساوي بين شرائح المجتمع، بينما لوَّحت بمعاقبة المخالفين لتعليماتها.
اعترافات حكومية
ورغم أن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، اتخذ خطوات عدة وُصفت بـ"العاجلة"، لضمان معالجة سريعة لأزمة الكهرباء، فإنه أشار إلى أن كل خطوة لحل مشكلة الكهرباء، تتطلب سنوات، لأن العراق لم يبدأ بأي خطوة طوال السنوات السابقة، قائلاً: لو استثمرنا في الطاقة الشمسية، لأصبحت قضية الكهرباء اليوم خلفنا، ولو استثمرنا في المحطات غير الغازية، لأصبح العراق اليوم قادراً على توفير الكهرباء، ولو استثمرنا في إصلاح شبكات نقل الكهرباء، لما حدثت أزمة، ولو استثمرنا بالربط الكهربائي مع كل جيراننا، لتمكنا من معالجة الأزمات الطارئة وسد النقص، خصوصاً في الصيف.