إصرار مصري على حل أزمة دستور ليبيا... كواليس اجتماع ثلاثي نادر
تعمل العاصمة المصرية على مسار ثانٍ، للدفع بالوسائل الممكنة لإخراج ليبيا من -عنق الزجاجة-، يتمثل في استضافة اجتماع ثلاثي خلال ساعات، بين رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي والنواب عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري.

السياق
أزمة سياسية حادة ما زالت تعانيها ليبيا، كشفت مخاوف تواجه البلد الإفريقي، وسط تسارع الخطى لحلحلتها، قبل وصولها محطة الاقتتال الداخلي ومربع العنف.
تلك الخطى المتسارعة تقودها جمهورية مصر العربية، ذلك البلد الذي يعد ليبيا عمقًا استراتيجيًا وأحد محاوره الأمنية، لذا كثف وتيرة جهوده، خلال الأيام الماضية، أملًا في أن يخرج الحل –كما هو المعتاد- من أراضيه.
وتمثلت تلك الخطى في محاور عدة، أحدها استضافة مشاورات الجولة الثالثة والأخيرة من المسار الدستوري، التي انطلق اليوم الجمعة، سادس أيام اجتماعاتها، لمناقشة أزمة المسار الدستوري، والمواد الخلافية في مشروع الدستور.
من جانبها، دعت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، إلى مواصلة العمل نحو التوافق، داعية إياهم إلى الوفاء بواجبهم تجاه الشعب الليبي، الذي أظهر الرغبة في الانتخابات من خلال التسجيل بالملايين للتصويت والمشاركة في الانتخابات.
نقاط عالقة
وبحسب مصادر «السياق»، فإن من أبرز النقاط التي لا تزال عالقة، مسألة ترشح العسكريين للحكم، وآلية انتخاب الرئيس، وما إذا كانت عن طريق الانتخاب المباشر من الشعب أم عبر مجلس النواب، إضافة إلى مقر المؤسسة التشريعية.
ثلاث نقاط خلافية تقف حجر عثرة في طريق التوافق، إلا أن مسألة شائكة أخرى تسببت في خلاف داخل المشاورات، هي مصير القاعدة الدستورية التي من المقرر أن تتمخض الاجتماعات عنها، بحسب المصادر التي أكدت أن آلية تنفيذها كانت محل خلافات بين اللجنتين.
وفي محاولة من الأمم المتحدة، لجعل هذه المشاورات الأخيرة، وتخطي عقبة المسار الدستوري، عقدت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، اجتماعًا مساء الخميس، مع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، بمقر إقامته في العاصمة المصرية، لبحث سير أعمال لجنتي مجلس النواب ومجلس الدولة ضمن المسار الدستوري، في جولتها الثالثة التي تعقد هذه الأيام بالقاهرة.
وبحسب بيان المتحدث باسم البرلمان، فإن اللقاء تناول ملف السلطة التنفيذية ودعمها لتقديم الخدمات لكل الليبيين على حد سواء، بما يُلبي احتياجاتهم الضرورية.
مسار ثانٍ
وفي سياق متصل، تعمل العاصمة المصرية على مسار ثانٍ، للدفع بالوسائل الممكنة لإخراج ليبيا من «عنق الزجاجة»، يتمثل في استضافة اجتماع ثلاثي خلال ساعات، بين رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي والنواب عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري.
وقالت مصادر «السياق»، إن اللقاء يهدف إلى وضع الخطوط العريضة للتوافق بين المجالس الثلاثة على خطة للحل في ليبيا، ترتكز على محاور عدة، أهمها تجنُّب العنف والدفع بالمسار السياسي، وحلحلة المواقف بشأن النقاط الخلافية في مشاورات القاهرة.
ذلك اللقاء الثلاثي المرتقب عقده اليوم أو غدًا على أقصى تقدير، سبقته مشاورات ثنائية بين المنفي وعقيلة صالح، في القاهرة، تناولا فيها الوضع السياسي في البلاد، وسبل الخروج من الانسداد الحالي بالوصول لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
وقالت الناطقة باسم المجلس الرئاسي نجوي وهيبة، في تصريحات صحفية، إن اللقاء تناول –كذلك- أهمية إنجاح عمل لجنتي مجلسي الدولة والنواب في القاهرة، ونتائج ملف المصالحة الوطنية مع اقتراب "الرئاسي" من وضع التفاصيل الأخيرة للمشروع.
أما عن الاجتماع المرتقب، فأشار إليه خالد المشري الذي وصل اليوم الجمعة إلى العاصمة المصرية، بقوله، إنه تلقى دعوة من مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز، لإجراء زيارة إلى القاهرة، للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
توافق وطني
وقال المشري، في بيان نشره "الأعلى للدولة"، إن اللقاء المرتقب سيبحث حل المشكلات الخلافية بالبلد، وعلى رأسها الانسداد السياسي والدستوري.
وأكد ضرورة إيجاد توافق وطني ينهي المراحل الانتقالية، من خلال تجديد الشرعية السياسية في ليبيا، عبر انتخابات في أقرب وقت ممكن، وعدم تضييع مزيد من الوقت في أزمات جديدة يدفع ثمنها المواطن.
وبعد أن وصل المشري إلى القاهرة، قالت مصادر «السياق»، إن لقاءً ثنائيًا سيجمعه اليوم الجمعة برئيس البرلمان عقيلة صالح، لمناقشة مجريات المسار الدستوري والمواد الخلافية، ومسألة السلطة التنفيذية.
حكومة الدبيبة تتحدى
في المقابل، ما زالت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي أقالها البرلمان ومنح أخرى الثقة، ترفض تسليم السلطة، مدعية أنها ستسلمها فقط إلى حكومة منتخبة، في ذريعة جديدة لضمان بقائها لأطول فترة ممكنة.
وقال المتحدث باسمها محمد حمودة، إن حكومة الوحدة الوطنية لن تسلِّم السلطة إلا لحكومة منتخبة من الشعب الليبي، وفق الآليات الديمقراطية المتعارف عليها، مشيرًا إلى أنها لن تعترف بأي حكومة أخرى في ليبيا، في إشارة إلى حكومة فتحي باشاغا.
وزعم حمودة أن حكومة فتحي باشاغا، التي انبثقت من مجلس النواب شكّلت في جلسة «غير قانونية شابها الكثير من الاختلالات»، متجاهلًا الأغلبية الكبيرة التي حضرت إلى الجلسة، والتزكيات غير المسبوقة من المجلس الأعلى للدولة، في توافق ليبي نادر.