أزمة الغذاء تؤرق العالم... مخاوف من ارتفاع عدد النازحين
الحرب التي بدأت في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تسببت بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية العالمية، ما فاقم مخاطر المجاعة، وألقى بثقله على منتجي الوقود منخفض الكربون المشتق من المحاصيل.

السياق
آثار وُصفت بـ«الكارثية» خلفتها الأزمة الروسية الأوكرانية، التي دخلت شهرها الرابع من دون أفق للحل، بينما العالم يكتوي بنارها التي ألهبت الجميع.
الحرب التي بدأت في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تسببت بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية العالمية، ما فاقم مخاطر المجاعة، وألقى بثقله على منتجي الوقود منخفض الكربون المشتق من المحاصيل.
بدوره، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إنه إذا فشل العالم في وقف أزمة الغذاء الحادة، الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، سيرتفع عدد النازحين القياسي البالغ 100 مليون بشكل كبير.
وأضاف غراندي، خلال إحاطة صحفية: "ما يتم القيام به من أجل الاستجابة لأزمة الأمن الغذائي (...) له أهمية حاسمة لتجنُّب زيادة عدد النازحين".
وأشار لدى تقديمه التقرير السنوي لعام 2021 للمنظمة التي يقودها، إلى أنه لا يعرف كم سيكون العدد "لكنه سيكون كبيرًا".
وتحرم الحرب التي تقودها روسيا العالم من الحبوب والأسمدة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتهديد الملايين بالجوع.
وحذّر غراندي من أن "تأثير ذلك، إذا لم يعالج بسرعة، سيكون مدمرًا... إنه الآن مدمر".
هذه الكارثة تلقي بظلالها على المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، المنعقد في جنيف ومجلس حقوق الإنسان والهيئات العليا في الأمم المتحدة.
نهاية عام 2021، كان العالم يعد 89.3 مليون لاجئ ونازح داخليًا، أي أكثر من ضعف ما كان عليه قبل 10 سنوات، بينهم 53.2 مليون نازح داخلي و27.1 مليون لاجئ.
لكن الغزو الروسي دفع ما بين 12 و14 مليون أوكراني للبحث عن ملجأ في مكان آخر، في بلادهم أو خارجها، وهو تدفق بشري اجتاز في مايو، عتبة 100 مليون نازح في العالم.
وتابع غراندي: "خلال العقد الماضي، كانت الأرقام تتزايد كل سنة، إما أن يتحرك المجتمع الدولي لمواجهة هذه المأساة الإنسانية ووضع حد للصراعات والتوصل إلى حلول دائمة، وإما أن هذا الاتجاه الدراماتيكي سيستمر".
تناقض
جرى الترحيب بالأوكرانيين في كل أنحاء أوروبا بقدر هائل من التضامن، في مشهد يتناقض مع المعاملة التي غالبًا ما يحصل عليها اللاجئون من دول أخرى في حالة حرب، كالسوريين أو الأفغان.
واستذكر المفوض السامي، كيف أصر القادة الأوروبيون على "أن بلدانهم أصبحت مشبعة" عندما طُلب منهم استقبال المزيد من اللاجئين من تلك الصراعات.
وأضاف: "أنا لست ساذجًا، أفهم السياق وأدرك حقيقة أنه لا يمكن أن يكون دائمًا على هذا النحو، لكنه يثبت نقطة مهمة، أن وصول اللاجئين إلى شواطئ الدول الغنية أو إلى حدودها، أمر يمكن التعامل معه".
وأشار غارندي كذلك إلى دور السياسيين، الذين ساعدوا السكان في استقبال الأوكرانيين، بدلًا من الإصرار على أن "هؤلاء الأشخاص يأتون لسرقة وظائفكم وتهديد أمنكم وتدمير قيمكم".
وفي ما يتعلق بالمساعدة المالية المتاحة، فإن التناقض هو نفسه. وتحدث غراندي عن السرعة التي توافرت فيها مبالغ ضخمة للاستجابة لأزمة أوكرانيا، بينما أصرت الدول على أن خزائنها فارغة، عندما دُعيت إلى تقديم المزيد من المساعدات خلال أزمات أخرى.
وقال: "لا يمكننا الحصول على رد غير متكافئ".
وانتهز فيليبو غراندي الفرصة ليعرب مجددًا عن "قلقه الكبير" إزاء القرن الإفريقي والساحل، وهما منطقتان تتوافر فيهما العوامل التي تدفع بالسكان إلى الفرار: نزاعات وانعدام الأمن وسوء الإدارة والآثار الشديدة لتغيُّـر المناخ.
وأوضح: "منطقة الساحل خير مثال على طريقة حدوث هذه الأمور" وهي "حلقة مفرغة مكوّنة من العديد من العوامل". وحذر من أنه في الوقت الحالي يفر الناس داخل بلدانهم أو إلى الدول المجاورة "لكنني لن أفاجأ إذا كان انعدام الأمن الغذائي هو ما يدفع السكان إلى مغادرة المنطقة".
عواقب دائمة
وبحسب غراندي، فإن غزو أوكرانيا "وجَّه ضربة قوية إلى التعاون الدولي".
وحتى لو انتهى الصراع قريبًا، وهو ما استبعده، فإن "الانقسامات بين الغرب وروسيا وحتى بين الأعضاء الرئيسين في مجلس الأمن خطيرة جدًا، لدرجة أنها ستستغرق وقتًا طويلًا حتى تعود كما كانت".
وتساءل المفوض السامي: "إذا لم يتم التعامل مع الانقسامات، لا أعرف كيف سنتمكن من إدارة هذه الأزمة".