كواليس جديدة في حرب الظل ضد إيران... تنسيق أمريكي إسرائيلي عالي المستوى

صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تكشف كواليس جديدة في حرب الظل الإسرائيلية ضد إيران

كواليس جديدة في حرب الظل ضد إيران... تنسيق أمريكي إسرائيلي عالي المستوى

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، كواليس جديدة في حرب الظل الإسرائيلية ضد إيران، ونقلت عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن إسرائيل تنسق سرًا مع الولايات المتحدة، في العديد من الضربات الجوية التي تنفذها بسوريا، حيث يواجه الحليفان ساحة معركة مزدحمة بالجماعات المسلحة والميليشيات المدعومة من إيران وجيوش أجنبية.

وقالت الصحيفة: "لم يقل المسؤولون الأمريكيون الكثير عن مهمات القصف الإسرائيلية، التي كانت تهدف إلى وقف تدفق طهران للأسلحة المتطورة إلى حزب الله، وتقليص القوات العسكرية الإيرانية ووكلائها في سوريا".

لكن في الكواليس، كشف مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، أن كبار المسؤولين في القيادة المركزية الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوافقون على العديد من المهام الإسرائيلية لسنوات عدة مقدمًا.

وعن الهدف الأمريكي من ذلك، بينت الصحيفة، أن الولايات المتحدة تهدف إلى ضمان ألا تتداخل الغارات الجوية الإسرائيلية مع الحملة العسكرية، التي تقودها ضد مقاتلي تنظيم داعش، الذي هُزم قبل ثلاثة أعوام، لكنه يحاول العودة.

وأشارت إلى أن السرية المحيطة بهذا التنسيق -الذي لم يتم الحديث عنها- تظهر كيف سعت واشنطن إلى دعم حليفها الإسرائيلي، من دون الانجرار إلى حرب الظل الإسرائيلية ضد إيران، لافتة إلى أن المراجعة الأمريكية تركز على المهام الإسرائيلية شرقي سوريا، حيث تمر بالقرب من (حامية التنف)، وهو موقع عسكري أمريكي بالقرب من الحدود السورية الأردنية.

 

موافقة أمريكية

وكشفت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة وافقت على أغلبية الضربات الجوية الإسرائيلية، غير أن الجيش الأمريكي لا يساعد الإسرائيليين في تحديد أهدافهم.

وأكد مسؤولون حاليون وسابقون أن الولايات المتحدة لا تراجع جميع العمليات الإسرائيلية التي تُنفذ في سوريا، بينما قال مسؤول أمريكي سابق إنها "عملية متطورة ومدروسة".

كما أوضح مسؤول دفاعي أمريكي أنه شمالي شرق سوريا، بالقرب من التنف، تعمل مهمة الولايات المتحدة فقط على ضمان هزيمة داعش.

من جانبها، سعت إيران إلى الضغط على الولايات المتحدة، لإقناع الإسرائيليين بتخفيف ضرباتهم، وفي أكتوبر الماضي، وجَّهت هجومًا بطائرة من دون طيار على التنف، وهو ما فسَّره المسؤولون الأمريكيون بأنه رد على هجوم إسرائيلي على إيرانيين.

وتعليقًا على ذلك، قال دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط، الذي يعمل مستشارًا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "هناك دعم أمريكي ضمني للإسرائيليين، الذين يعملون على إضعاف جهود الإيرانيين لنشر الأسلحة وبناء نفوذهم في المنطقة".

وحسب الصحيفة، فإنه منذ عام 2017، نفذت إسرائيل أكثر من 400 غارة جوية، في سوريا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط، ضد أهداف إيرانية.

وشملت الأهداف الإسرائيلية قواعد طائرات من دون طيار، يديرها مستشارون عسكريون إيرانيون وأنظمة صواريخ دقيقة التوجيه موجهة لمقاتلي حزب الله في لبنان.

وتهدف الحملة الجوية -حسب الصحيفة الأمريكية- التي أطلق عليها القادة الإسرائيليون "حرب بين الحربين"، إلى إضعاف قدرة طهران على ضرب إسرائيل، في حال اندلاع صراع كبير بين الخصمين.

 

تنسيق مسبق

وفي ما يخص التنسيق المسبق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بينت "وول ستريت جورنال"، أنه في حالتين على الأقل، طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل وقف ضرباتها مؤقتًا، للتأكد من أنها لم تعقد ساحة المعركة في وقت كان الجيش الأمريكي متورطًا في عمليات حساسة.

وحسب الصحيفة، حدثت إحدى هذه الحالات عندما كانت الولايات المتحدة تخطط لغارة دلتا فورس 2019 شمالي غرب سوريا التي قتلت أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، بينما جاءت الأخرى أثناء الحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد مقاتلي داعش في وادي نهر الفرات.

ويقول مسؤولون حاليون وسابقون للصحيفة، إن جزءًا كبيرًا من الضربات الجوية الإسرائيلية لا يمر بالقرب من ثكنة التنف ولا تتم مراجعته من قِبل الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن ذلك يشمل الضربة التي استهدفت مطار دمشق، الجمعة الماضية، التي قالت تقارير إخبارية في الشرق الأوسط، إن إسرائيل نفذتها لعرقلة تدفق تكنولوجيا الصواريخ إلى حزب الله لكن الحكومة الإسرائيلية لم تعترف بها.

كما لا يراجع الجيش الأمريكي أيضًا الضربات الجوية الإسرائيلية في العراق، التي لم تؤكدها إسرائيل، بحسب المسؤولين.

 

تطور مختلف

وبينت "وول ستريت جورنال" أن قتل خدائي يُعد ثاني عملية معروفة تنفذها إسرائيل هذا العام على الأراضي الإيرانية، ضد هدف غير مرتبط ببرنامج طهران النووي، والأولى التي تستهدف شخصًا معينًا بشكل مباشر، لافتة إلى أن غارة إسرائيلية سابقة على قاعدة جوية في كرمانشاه -غرب إيران- منتصف فبراير دمرت مئات الطائرات من دون طيار.

وحسب الصحيفة الأمريكية، تضمنت العمليات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية -في السنوات الأخيرة- سرقة الأرشيف النووي الإيراني عام 2018، وقتل العلماء المرتبطين بالبرنامج النووي، وربما أيضًا أعمالًا تخريبية ضد المنشآت النووية، مثل انفجار ديسمبر 2021 بمجمع التخصيب في نطنز.

وترى الصحيفة، أن هذه العمليات الناجحة تبين لأي مدى نجحت إسرائيل في اختراق دفاعات إيران.

وذكرت أن إسرائيل دخلت -على نطاق أوسع- في حرب ظل ضد الجهود الإيرانية لتأسيس ميليشيات تابعة لها في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية شنت هجمات على ما تصفها بأهداف مرتبطة بإيران في سوريا، حيث تنتشر القوات المدعومة من طهران، بما في ذلك جماعة حزب الله اللبنانية، لدعم الرئيس بشار الأسد، لافتة إلى أن الهجمات الإسرائيلية شملت أفرادًا في سوريا ولبنان، وتنفيذ ضربات ضد أهداف إيرانية في مناطق بعيدة مثل العراق.

 

تصعيد خطير

ورأت "وول ستريت جورنال" أن توسيع الحملة الإسرائيلية ضد الأنشطة التخريبية غير النووية الإيرانية على الأراضي الإيرانية يُعد تطورًا جديدًا وتصعيدًا خطيرًا، في المواجهة بين البلدين.

وأشارت إلى أن هذا التحول ليس مجرد تغير تكتيكي بطبيعته، لأن قرار اعتماده ما كان ليُتخذ لولا موافقة رئيس الوزراء نفتالي بينيت بنفسه، لافتة إلى أن التصور المتزايد في إسرائيل، أنه لا يمكن النظر إلى البرنامج النووي الإيراني، بمعزل عن استراتيجية طهران الأوسع للهيمنة الإقليمية.

وبينت الصحيفة أنه طالما كان رئيس الوزراء نفتالي بينيت صريحًا في دعم هذا الاتجاه، إذ قال أثناء خدمته كوزير للدفاع في فبراير 2020، للصحفيين الإسرائيليين: "عندما تضربك مخالب الأخطبوط، يجب أن تقاوم ليس فقط ضد المخالب، لكن تأكد أيضًا من خنق الرأس، لسنوات طويلة حاربنا ضد المجسات الإيرانية في لبنان وسوريا وقطاع غزة، لكننا لم نركز -بشكل كافٍ- على إضعاف إيران نفسها... الآن نحن بصدد تغيير هذا النموذج".

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه في يونيو 2020، أنشأ الجيش الإسرائيلي مديرية الاستراتيجية والدائرة الثالثة، المكلفة بصياغة رؤية شاملة للتهديد الإيراني الذي يواجه إسرائيل، من جميع جوانبه.

وحسب الصحيفة، فإن النهج الإسرائيلي الجديد يرى أن إيران مشتركة في حملة استراتيجية شاملة تهدف إلى بروزها كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط، كما تضع فكرة (تدمير إسرائيل) كعنصر أساسي ضمن هذه الاستراتيجية.

وتركز الاستراتيجية الإيرانية الجديدة، أيضًا، على النشاط العسكري والسياسي، من خلال دعم وكلائها بالمنطقة، مع الاستثمار في برنامج الصواريخ البالستية، وتطوير قدرة نووية تؤمن هذه الأنشطة.

 

الاستراتيجية الإسرائيلية

وعن الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة لمواجهة الطموحات الإيرانية، بينت "وول ستريت جورنال" أن الدولة اليهودية، بدورها، في طور صياغة وتنفيذ رد شامل.

وأشارت إلى أن مواجهة إيران تشكل من خلال تعميق العلاقات مع الدول المحيطة بها -بما في ذلك أذربيجان في الشمال والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية إلى الجنوب الغرب - جزءًا من هذا النهج.

وذكرت أن نقل إسرائيل عام 2021 إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، يوفر إمكانية تشغيل هذه الروابط المتنامية في مجالات رئيسة، مثل الدفاع الصاروخي، لافتة إلى أن تل أبيب تلجأ الآن لتغيير جريء في قواعد الاشتباك، حيث معارضة الاستراتيجية الإيرانية أيضًا على الأراضي الإيرانية، وهو ما لم يكن يحدث.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن استهداف أسطول الطائرات من دون طيار في كرمانشاه وقتل خدائي في طهران، من مظاهر هذا النهج الجديد، مشيرة إلى أن وقوع ثلاث حالات وفاة إضافية غير مبررة لكبار ضباط الأمن الإيرانيين في الأسابيع اللاحقة، يؤكد دخول (حرب الظل) بين إسرائيل وإيران مرحلة جديدة من المواجهة.

ورأت الصحيفة، أن قتل العقيد الإيراني حسن صياد خدائي خارج منزله في طهران، كان مؤشرًا على تحول كبير في استراتيجية إسرائيل تجاه إيران.

وأشارت إلى أن جهود إسرائيل ضد إيران كانت موجهة إلى البرنامج النووي الإيراني والقائمين عليه فقط، إلا أنها تبنت مؤخرًا نهجًا جديدًا يوسع هذه العمليات، من دون خوض حرب مباشرة مع طهران.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن خدائي العضو البارز في الحرس الثوري -الذي قُتل في 22 مايو الماضي- في إطلاق نار من سيارة في طهران، لم تكن له صلة بالبرنامج النووي الإيراني، إلا أنه كان من أكثر رجال العمليات الخاصة خبرة في فيلق القدس، أحد فروع الحرس الثوري.

وحسب الصحيفة، تورط خدائي في عمليات خارجية، قيل إنها تشمل الخطف والاغتيال، حيث لعب دورًا مهمًا في نقل تكنولوجيا الطائرات من دون طيار والصواريخ إلى حزب الله اللبناني، الوكيل الإقليمي الرئيس لطهران.

وبحسب تقارير إعلامية عبرية، كان خدائي أيضًا في خضم التخطيط لخطة خطف إسرائيليين في الخارج وقت وفاته.

وبالفعل، كشفت صحف أمريكية حينها، أن إسرائيل أبلغت مسؤولين أمريكيين بأنها تقف وراء عملية اغتيال خدائي، بينما يقول مسؤولون إسرائيليون، إن الضابط كان قائدًا لوحدة سرية مُكلفة بعمليات اختطاف وقتل إسرائيليين وأجانب، في جميع أنحاء العالم