قارب الموت قبالة سوريا.. ارتفاع حصيلة الضحايا الى مئة قتيل

القارب الذي لا يتسع سوى لثلاثين شخصًا في أقصى حالاته، انطلق في رحلة وصفت برحلة الموت، من لبنان إلى إيطاليا، حاملا أكثر من 150 شخصًا، بينهم رجال وشبان ونساء وأطفال.

قارب الموت قبالة سوريا.. ارتفاع حصيلة الضحايا الى مئة قتيل

السياق

بعد مرور نحو أسبوع من غرق قارب المهاجرين قبالة سواحل سوريا، ارتفعت حصيلة الضحايا الى مئة قتيل مع انتشال جثة جديدة، فيما لاتزال أعمال البحث عن جثامين الضحايا متواصلة.

فالقارب الذي لا يتسع سوى لثلاثين شخصًا في أقصى حالاته، انطلق في رحلة وصفت بـ«رحلة الموت» يوم الثلاثاء الماضي من لبنان إلى إيطاليا، حاملا أكثر من 150 شخصًا، بينهم رجال وشبان ونساء وأطفال.

وحصيلة غرق المركب هذا التي تعد بين الأعلى في منطقة شرق المتوسط، ارتفعت تباعا منذ العثور على أول الجثث الخميس الماضي فيما نجا 20 شخصا فقط من أصل 150 راكبا.

وقال مدير الموانئ السورية العميد سامر قبرصلي في تصريح لوكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) إن "عدد ضحايا المركب اللبناني وصل إلى100 شخص حتى الآن، وذلك بعد انتشال جثة من عرض البحر مقابل الباصيه في بانياس".

وأفادت سانا أيضا ان كل الناجين خرجوا من المستشفى.

وغالبية الأشخاص الذين كانوا على متن المركب الذي انطلق من مدينة طرابلس بشمال لبنان، لبنانيين ولاجئين سوريين وفلسطينيين وبينهم أطفال ومسنون.

 

مأساة مؤلمة

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان "هذه مأساة مؤلمة أخرى"، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة الكاملة لـ"تحسين ظروف النازحين قسراً والمجتمعات المضيفة في الشرق الأوسط".

وأضاف في بيان مشترك مع وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين والمنظمة الدولية للهجرة "الكثيرون يدفع بهم نحو حافة الهاوية".

والهجرة السرية ليست ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً السوريين والفلسطينيين باتجاه دول الاتحاد الأوروبي. لكن وتيرتها ازدادت على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات والذي دفع لبنانيين الى المخاطرة بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة.

ويستقبل لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري فروا من الحرب في بلادهم.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن عشرة أطفال لقوا حتفهم  في الحادثة وفق تقارير أولية.

وقالت أديل خضر المديرة الاقليمية لليونيسف للشرق الأوسط وشمال افريقيا "دفعت سنوات من عدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية في لبنان العديد من الأطفال والأسر إلى الفقر مما أثر على صحتهم ورفاههم وتعليمهم".

وأضافت في بيان "كما هو الحال في العديد من المناطق في المنطقة، يعيش الناس في لبنان في ظروف قاسية تؤثر على الجميع هناك، ولكنها أكثر قسوة بشكل خاص على الأشخاص الأكثر هشاشة، بمن فيهم اللاجئين الذين تركوا بلدانهم على أمل الحصول على فرصة أفضل لهم ولأطفالهم".

بحسب الأمم المتحدة، فان 38 مركبا على الأقل يقل أكثر من 1500 شخص غادر لبنان أو حاول الانطلاق منه بشكل غير شرعي بحرا بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر 2021.

 

أهالي الضحايا ينعون

وسام تلاوي، أحد الناجين الذين يتلقون العلاج في مستشفى الباسل، فقد ابنتيه فيما لا تزال زوجته وابناه في عداد المفقودين. ونقلت جثثا ابنتيه ماي ومايا إلى لبنان فجر الجمعة ودفنتا في مسقط رأسيهما شمال القرقاف.

وقال والد تلاوي الذي عرّف نفسه على أنه أبو محمود: «إنني بخير لكن الأطفال تائهون»، مشيرًا إلى أن نجله أعطى للمهربين شقة الأسرة مقابل نقله هو وعائلته إلى أوروبا.

مصطفى مستو، 35 عامًا، توفي مع ابنتيه وابنه، فيما لا تزال زوجته ووالدها في حالة حرجة في أحد مستشفيات سوريا.

كان مصطفى، سائق تاكسي لبناني، يأمل وعائلته في الوصول إلى إيطاليا حيث كانوا يحلمون بحياة أفضل، لكن أسرهم الآن مثل الآخرين الذين فقدوا حياتهم على هذا القارب، في حالة صدمة.

والدة مصطفى، (عادلة) تجلس في وسط غرفة كبيرة مليئة بالأقارب المفجوعين، وتنتحب بصوت عالٍ، ملقية باللوم على الحكومة اللبنانية في مصير ابنها.

وتقول والدة مصطفى: «لقد هرب من الفقر والظروف المروعة التي تركونا فيها. هؤلاء السياسيون لا يهتمون كثيرًا بحياتنا. لا شيء سيعيده إليّ، ولن يعيده إلي أطفاله الصغار».

 

أزمة حادة

ويستضيف لبنان ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، وحوالي 14 ألفًا من دول أخرى، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي قالت إن البلد العربي يواجه أزمة اقتصادية حادة، فاقمتها جائحة كورونا وانفجار ميناء بيروت عام 2020، والتي تركت أكثر من 80% من السكان يكافحون لشراء الغذاء والدواء.

ويؤثر الوضع بشدة على السكان المهاجرين في البلاد، الذين يختار الكثير منهم الفرار إلى أماكن أخرى، بما في ذلك إلى أوروبا؛ فشهد لبنان في العام الماضي ارتفاعًا كبيرًا في عدد المهاجرين الذين يستخدمون شواطئه للسفر إلى أوروبا. ووفقًا لأرقام الأمم المتحدة فإن عدد المغادرين من البلاد تضاعف تقريبًا في عام 2021 عن عام 2020.

وقال مراقبون دوليون إن عدد المعابر هذا العام ارتفع بأكثر من 70% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وفي أبريل/نيسان، هبط قارب يقل عشرات اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين الذين كانوا يحاولون الهجرة عن طريق البحر إلى إيطاليا على بعد أكثر من 5 كيلومترات (3 أميال) من طرابلس، بعد مواجهة مع البحرية اللبنانية، قتل فيها العشرات.

والأربعاء، قال مسؤولون لبنانيون، إن القوات البحرية أنقذت زورقا يحمل 55 مهاجرا بعد أن واجه مشاكل فنية على بعد حوالي 11 كيلومترا قبالة سواحل منطقة عكار الشمالية، مشيرة إلى أن من بين الذين تم إنقاذهم امرأتان حاملان وطفلان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قُتل ستة أشخاص بينهم أطفال، عندما غرق قارب يقل مهاجرين من لبنان إلى أوروبا قبالة سواحل تركيا. وقال خفر السواحل في البلاد إنه تم إنقاذ 73 مهاجرا من أربعة قوارب.