كيف يجب أن يتعامل الغرب مع التعبئة العسكرية لبوتين؟

مواصلة تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها فورًا من أجل تحقيق النصر، بما في ذلك أسلحة أكثر تقدمًا، مثل نظام الصواريخ التكتيكي

كيف يجب أن يتعامل الغرب مع التعبئة العسكرية لبوتين؟

ترجمات - السياق

تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن الطريقة الأمثل التي يجب أن يتعامل بها الغرب مع قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتعبئة العسكرية، مشيرة إلى أن مضاعفة الدعم المقدم لأوكرانيا قد تؤدي إلى صراع أوسع، أو إجبار الكرملين على التراجع.

وأعلن الرئيس الروسي في خطاب مُوَجَّهٍ إلى الأمة "تعبئة جزئية" تشمل 300 ألف عنصر من الاحتياط، وهو عدد كبير مقارنةً بـ190 ألف جندي تم نشرهم لغزو أوكرانيا في فبراير الماضي، بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية في دونباس ومنطقة خاركيف، في شرق البلاد.

ورأت المجلة، أن بوتين باتخاذه هذا القرار يستحق جائزة "صاحب أكبر خطأ إستراتيجي في العام"، أو ربما جائزة "زعيم العالم الأقل شعبية"، خصوصًا بعد أن رآه العالم "منبوذًا" من قِبل حلفائه خلال اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون التي أقيمت مؤخرًا في سمرقند بأوزبكستان.

وأشارت إلى أن زعماء المجموعة بدوا وكأنهم يعاملون بوتين وكأنه "مُصاب بمرض مُعْدٍ"، حتى إن الرئيس الصيني شي جين بينغ بدت عليه علامات الغضب جراء ما آلت إليه الحرب في أوكرانيا.

وتعتبر منظمة شنغهاي للتعاون أحد أكبر التكتلات في العالم، وتعد روسيا والصين أكبر قوتين مؤثرتين فيها، وتحاولان من خلالها مواجهة ما تعتبرانه رغبة الغرب في الهيمنة.

تراجع الحلفاء

وبيّنت فورين بوليسي، أن اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون كانت مثيرة للاهتمام، لدرجة أن البعض شكك في أن بوتين بدا راغبًا -بل حريصًا- على لعب دور المتوسل إلى "شي"، عكس ما كان متوقعًا من أنه سيظهر في صورة "الشريك الأصغر للصين".

وأشارت إلى أن الصين لم تقدم بعدُ أيَّ مساعدات عسكرية لبوتين في حربه بأوكرانيا، لكنها دعمت روسيا اقتصاديًا ودبلوماسيًا، ومع ذلك بدت خلال الأسبوع الماضي أن حتى دعمها الدبلوماسي بدأ يتذبذب.

وحسب المجلة، كانت هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها شي وبوتين شخصيًا منذ اجتماعهما قبل الحرب في فبراير، لافتة إلى أنه كان من اللافت للنظر مدى صلابة كل زعيم في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون مع الرئيس الروسي.

فقد ظهر الهنود -الذين كانوا يشترون كميات هائلة من النفط الروسي- واضحين تمامًا في إخباره أنه بحاجة إلى إنهاء الحرب، حيث قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لبوتين علانية: "الآن ليس وقت الحرب"، مشددًا على أهمية الديمقراطية والدبلوماسية والحوار.

في غضون ذلك -حسب المجلة- بينما كان قادة آسيا الوسطى أقل احترامًا لبوتين من المعتاد، أشار "شي" علنًا إلى أن بوتين بحاجة إلى ترتيب أولوياته.

ومع ذلك، كان الصينيون يسيرون في حل وسط حذر بشأن الصراع، إذ إنهم بينما يدعمون روسيا خطابيًا، يتجنبون بدقة احتمال فرض عقوبات غربية لتقديم دعم مادي فعلي للجهود الحربية الروسية، وهو ما يعني وجود فجوات وخلافات بين بكين وموسكو، وهو ما فسره مراقبون بأنه قد يكون "جزءًا من محاولة صينية للضغط على بوتين للتفكير في تسوية".

وترى المجلة، أن "شي" يشعر بالقلق جزئيًا من أن حرب بوتين الدموية ستلوث صورة الصين وتطلعاتها في القيادة العالمية، إلا أن قلقه الأكبر يتمثل في إمكانية لجوء الغرب لوضع بكين في مرمى العقوبات، وهو ما يمكن أن يزيد من خنق الاقتصاد الصيني المتباطئ بالفعل.

التقدم الأوكراني

وأرجعت فورين بوليسي، التغير في موقف حلفاء روسيا، إلى التقدم الأخير الذي أحدثته القوات الأوكرانية على الأرض، واسترجاع عدد من الأراضي التي احتلتها موسكو، وذلك بفضل استخدامه أسلحة غربية متطورة، مما وضع روسيا في موقف ضعيف وحرج.

ولكن -كما حذر العديد من المراقبين- فإن بوتين لن يتنازل أبدًا عندما يواجه احتمال خسارة حرب علنية على شيء يراه مصلحة وطنية أساسية، إذ إنه بعد أن كان فعليًا عالقًا بين خياري التراجع أو التصعيد، (اختار التصعيد ولكن بطريقة مختلفة).

وبيّنت المجلة، أن قرار استدعاء الاحتياطي يقوض فكرته عن الحرب بأنها "مجرد عملية خاصة محدودة"، وهو ما قد يتسبب في انقلاب جزء أكبر من الشعب الروسي ضد الحرب، مشيرة إلى أن ذلك ظهر جليًا في مغادرة آلاف الشباب هربًا من الخدمة العسكرية، والفرار من الذهاب إلى أتون الحرب.

وعن تلميحات بوتين وتهديداته السابقة باستخدام السلاح النووي، رأت المجلة الأمريكية، أنه قد لا يلجأ إلى هذا الأمر خشية العواقب المحتملة، مثل إثارة حرب كبرى مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

ورغم ذلك، إلا أن المجلة تعود لتوضح أن بوتين قد يرى اللجوء إلى السلاح النووي، أقل تكلفة بالنسبة له، من خسارة الحرب، إذ إن خسارة الحرب تعرِّض بقاءه في منصبه للخطر، فضلًا عن خسارة روسيا جميع الأراضي التي سبق أن استولت عليها من أوكرانيا.

وأمام هذا الكم من المعوقات التي تواجه بوتين، أوصت المجلة الأمريكية بضرورة مواصلة تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها فورًا من أجل تحقيق النصر، بما في ذلك أسلحة أكثر تقدمًا، مثل نظام الصواريخ التكتيكي للجيش، والذي من شأنه أن يضاعف نطاق الضربات الأوكرانية أربع مرات تقريبًا، مما يمنحها القدرة على ضرب أهداف أعمق في روسيا.

وأمام ذلك، حذرت المجلة من أن تخضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والاتحاد الأوروبي، لتهديدات بوتين، بشأن استخدام الأسلحة النووية، في حالة الخسارة، ومن ثمّ يتراجعون عن دعم أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاج إليها، وخصوصًا الأكثر تطورًا، بدعوى الخوف من أن تتحول الحرب إلى حرب مباشرة بين روسيا والناتو.

وأضافت: "لقد قام الأوكرانيون بعمل جيد في إحراز بعض التقدم المبكر باستخدام المساعدات الغربية، لكن على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تحدث التعبئة الروسية فرقًا كبيرًا على المدى القصير، فمن المحتمل أن يكون لها تأثير أكبر في العام المقبل".

وخلصت المجلة تقريرها بالتأكيد على أنه لكي تتم هزيمة بوتين، يجب على الغرب مواصلة الدعم لأوكرانيا بالأسلحة المتطورة، ومساندة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تحقيق هدفه المتمثل في استعادة جميع الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي تحتلها موسكو منذ عام 2014.

وتابعت: "يجب على واشنطن ردع بوتين عن استخدام الأسلحة النووية حتى في الوقت الذي تساعد فيه أوكرانيا على التقدم في ساحة المعركة"، مشددة على أنه حتى إذا فشل الردع واستخدم بوتين الأسلحة النووية في أوكرانيا، فعلى واشنطن أن تتابع تنفيذ تهديدها الرادع.