استجواب قسري وتعصيب للعينين.. اعتقال القنصل الياباني في روسيا بشبهة التجسس

العمليات البحثية والميدانية التي قامت بها عناصر جهاز الأمن الفيدرالي أسفرت عن اعتقال الدبلوماسي الياباني بالجرم المشهود أثناء تلقيه معلومات لا يجب تداولها، مقابل مكافأة مالية

استجواب قسري وتعصيب للعينين.. اعتقال القنصل الياباني في روسيا بشبهة التجسس

السياق

استجواب قسري، وتعصيب العينين، واحتجاز.. ملامح مشهد نادر تعرَّض له القنصل الياباني المقيم في فلاديفوستوك تلك المدينة الواقعة شرقي روسيا، بعد أن احتجزه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

إلا أن واقعة احتجاز الدبلوماسي الياباني على خلفية مزاعم ضبطه أثناء تلقيه معلومات غير قابلة للتداول، عن تأثير العقوبات على الوضع في إقليم بريموري، أثارت عاصفة دبلوماسية بين اليابان وروسيا، وإدانات محلية ودولية.

فماذا حدث؟

فوجئ المجتمع الدولي بإصدار جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، مساء أمس الإثنين، بيانًا أعلن فيه اعتقال القنصل الياباني العام في فلاديفوستوك، «أثناء تلقيه معلومات غير قابلة للتداول، عن تأثير العقوبات على الوضع في إقليم بريموري».

وقال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، في بيان نشرته وسائل إعلام محلية، إنّ عناصره تمكنت من ضبط «عمل تجسسي» في إقليم بريموري، كان يقوم به قنصل اليابان العام في فلاديفوستوك، موتوكي تاتسونوري.

وأشار البيان الروسي إلى أن العمليات البحثية والميدانية التي قامت بها عناصر جهاز الأمن الفيدرالي أسفرت عن اعتقال الدبلوماسي الياباني بـ«الجرم المشهود» أثناء تلقيه معلومات لا يجب تداولها، مقابل مكافأة مالية، عن الجوانب الراهنة للتعاون الروسي مع إحدى دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتأثير العقوبات على الوضع في إقليم بريموري، على حد قول البيان.

ونشر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مقطع فيديو لتسلّم القنصل أوراقًا تحمل معلومات غير قابلة للنشر في روسيا، لقاء مبلغ مالي ضبط في التحقيق.

وفيما أشار البيان إلى أن موسكو قدمت احتجاجًا إلى طوكيو عبر القنوات الدبلوماسية، معتبرة الدبلوماسي الياباني شخصًا غير مرغوب فيه نتيجة قيامه بممارسات لا تتناسب مع مهام وظيفته.

خطوة تصعيدية

وبعد سويعات من إصدار البيان الروسي، اتخذت موسكو خطوة تصعيدية جديدة، باستدعائها المبعوث المستشار بالسفارة اليابانية في موسكو، وإبلاغه بإعلان قنصله شخصية غير مرغوب فيها بروسيا.

وأمهلت وزارة الخارجية الروسية في بيان نشرته وسائل إعلام محلية، القنصل الياباني 48 ساعة لمغادرة الأراضي الروسية، مؤكدة تقديم مذكرة احتجاج للجانب الياباني على ممارسات قنصله في روسيا.

اليابان ترد

وأمام الخطوة الروسية، استدعت اليابان سفير موسكو في طوكيو بعد أن قالت إنه تم تعصيب عين قنصلها وتقييده جسديًا خلال استجواب في فلاديفوستوك.

وقال وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، إن تاتسونوري موتوكي القنصل المقيم في المدينة الواقعة شرقي روسيا، تعرض لـ«استجواب قسري» أثناء احتجازه من قبل جهاز الأمن الروسي.

وكان الكرملين قد صنف اليابان في السابق على أنها «دولة معادية»- وهو تصنيف تشترك فيه مع الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي- بعد أن انضمت طوكيو إليهم في فرض عقوبات على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.

وقال هاياشي، إن موتوكي لم يمارس أي نشاط غير قانوني، ووصف اعتقاله الذي استمر عدة ساعات، بأنه «غير مقبول على الإطلاق».

وفي خطوة تصعيدية من اليابان، استدعت وزارة الخارجية اليابانية السفير الروسي ميخائيل جالوزين بشأن الحادث، بحسب وكالة كيودو للأنباء، التي نقلت عن هاياشي قوله إن الوزارة طالبت موسكو بتقديم اعتذار رسمي، مضيفًا أن الحكومة ستدرس اتخاذ إجراءات انتقامية مناسبة.

وقدمت السفارة اليابانية في موسكو احتجاجًا إلى وزارة الخارجية الروسية، واصفة اعتقال موتوكي واستجوابه بأنه انتهاك لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية.

بدورها، قالت صحيفة «اليابان تايمز»، في تقرير ترجمته «السياق»، إن اعتقال دبلوماسي بتهمة التجسس وتعصيب عينيه يعد «أعمالًا لا تصدق».

احتجاج ونفي

ونقلت عن المتحدث باسم الحكومة هيروكازو ماتسونو قوله: «كان المسؤول (القنصل الياباني) معصوب العينين، وتم الضغط على يديه ورأسه حتى إنه لم يكن قادرًا على الحركة أثناء احتجازه، ثم تم استجوابه بطريقة متعجرفة»، مشيرًا إلى أن «اليابان تحتج بشدة على هذه الأعمال التي لا تصدق»، نافيًا مزاعم التجسس.

وصدرت أوامر للدبلوماسي، تاتسونوري موتوكي، بمغادرة البلاد في غضون 48 ساعة بعد اعتقاله، فيما ذكرت الحكومة اليابانية يوم الثلاثاء أنه تم إطلاق سراحه بعد احتجازه لبضع ساعات.

وقال هاياشي، إن الإجراء الروسي «غير مقبول بالمرة، لأن القنصل لم يرتكب عملًا غير قانوني، وأنه عومل قسرًا من قبل السلطات الروسية أثناء احتجازه»، مشيرًا إلى أن الوزارة طالبت موسكو بتقديم اعتذار رسمي وضمان عدم وقوع حادث مماثل مرة أخرى.

وكانت لطوكيو علاقات معقدة مع موسكو قبل عمليتها العسكرية في أوكرانيا والتي بدأتها في فبراير/شباط الماضي، ولم يوقع الجانبان بعدُ معاهدة سلام ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أعاقت محاولات توطيد العلاقات نزاعًا طويل الأمد على الجزر التي تسيطر عليها روسيا وتطالب بها اليابان.