الشيخ محمد بن زايد في عمان.. تحديات مشتركة ورؤى موحدة وتاريخ ممتد

خبراء: توقيت الزيارة مهم للدولتين والعلاقات تفوق الميزان الاقتصادي

الشيخ محمد بن زايد في عمان.. تحديات مشتركة ورؤى موحدة وتاريخ ممتد

السياق

بدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، اليوم "زيارة دولة" لسلطنة عمان، وسط ترحيب شعبي ورسمي عماني للزيارة التي جاءت بناء على دعوة من السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.

وتشهد الزيارة الممتدة ليومين بحث القائدان تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات ومناقشة التطورات الخليجية والعربية، والقضايا محل الاهتمام المشترك، وجهود البلدين في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتزيَّنت شوارع العاصمة العمانية مسقط، وميادينها بأعلام دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، احتفاء بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتفاعل مواطني الدولتين عبر منصات التواصل الاجتماعي ترحيبًا بالزيارة التي تصدرت محركات البحث من جهة وعناوين الصحف العمانية من جهة أخرى واصفين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بالضيف الكبير.

دلالات وتحديات

وتكتسب الزيارة زخمًا كبيرًا بصفتها زيارة دولة -وهي أرفع أنواع الزيارات الرسمية- كما أنها الأولى للشيخ محمد بن زايد لدولة عربية وخليجية منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو الماضي. 

وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي، إن توقيت الزيارة يحمل بين طيَّاته الكثير من الدلالات المهمة للدولتين، ولا سيما مع وجود تحديات كثيرة تواجه العالم كله بعد الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى لقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والسلطان هيثم بن طارق سيترتب عليه الكثير من الأمور التي تصب في صالح الدولتين والشعبين، متوقعًا تشكيل لجان لتقوية العلاقات وتعزيزها.

ومن جانبه أوضح السفير الإماراتي لدى مسقط، محمد سلطان السويدي، أن البلدين يحرصان باستمرار على تشكيل رؤى وتصورات عملية بشأن مستقبل العلاقات المشتركة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على النواحي الاقتصادية والاستثمارية، والمجتمعية.

تبادل المنافع

وأضاف في حواره لوكالة الأنباء العمانية إن الإمارات تأتي ثالثًا بعد المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في حجم الاستثمارات في عمان، وأن بلاده تعمل على تحقيق أقصى تبادل للمنافع بين البلدين للاستفادة من المقومات الاستثمارية في السوق العُماني، إذ تتنوع محفظة المشروعات الإماراتية في قطاعات متعددة، أبرزها الصناعات التحويلية، والخدمات المالية والإنشاءات والعقارات وكذلك السياحية.

ووفقًا للسفير الإماراتي وصلت الاستثمارات الإماراتية بنهاية عام 2021م نحو مليار و207 ملايين ريال عُماني، في حين وصل خلال الربع الأول من عام 2022م إلى مليار و230 مليون ريال عُماني.

وفي السياق ذاته أكد د. أحمد بن هلال بن سعود البوسعيدي، سفير سلطنة عُمان لدى دولة الإمارات، أن السلطنة تستحوذ على 20 % من إجمالي تجارة الإمارات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وأنها تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات.

وأوضح أن الإمارات تستحوذ على أكثر من 40 في المئة من مجمل واردات سلطنة عُمان من العالم، بالإضافة إلى 20% من صادراتها إلى الأسواق الدولية، مشيرا إلى أن التبادل التجاري غير النفطي بين الدولتين حقق نموًا بنسبة 9 % خلال عام 2021 مقارنة بعام 2020، وبمتوسط نمو 10 في المئة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

الجذور

العلاقات بين الإمارات وعمان تتخطى الميزان الاقتصادي وتمتد جذورها امتداد قيام الدولتين، مكتسبة طبيعة خاصة واستثنائية على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، وهو ما يجعل تعميق العلاقة بين الدولتين أولوية على مر العصور. 

وذكرت الوكالة الأنباء الإماراتية "وام"، أن تعميق العلاقات مع سلطنة عمان يمثل أولوية رئيسة لدى قيادة الدولة، وهو ما عبر عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بقوله: "الإمارات وعمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخًا وقوة ومحبة".

وتابعت أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، جسد خصوصية العلاقات الإماراتية العمانية وعمقها التاريخي، بقوله: "عمان منا ونحن منهم، أخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا".

ومرت العلاقات بين البلدين بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدمًا، أبرزها لقاء المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد عام 1968.
وتواصل زخم العلاقات بعد قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971 وتوقيع العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية بينهما، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.

 وفي عام 1991 زار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة الإماراتية سلطنة عمان، في زيارة شُكلت على أثرها لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية"، بدلًا من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.