بموجب قانون الإعلام الجديد.. أردوغان يطارد مستخدمي الشبكات الاجتماعية باتهامات الإرهاب

موجب قانون الإعلام الجديد في تركيا، سيتمكن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، من ملاحقة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الأتراك، الذين ينشرون أو يشاركون رسائل تنتقد السلطة، بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية

بموجب قانون الإعلام الجديد.. أردوغان يطارد مستخدمي الشبكات الاجتماعية باتهامات الإرهاب

ترجمات - السياق

كشف موقع نورديك مونيتور السويدي المختص في الشؤون العسكرية والأمنية، أنه بموجب قانون الإعلام الجديد في تركيا، سيتمكن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، من ملاحقة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الأتراك، الذين ينشرون أو يشاركون رسائل تنتقد السلطة، بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية.

وكان الرئيس التركي قد وجَّه في يناير الماضي، بأنه سيتم اتخاذ "الإجراءات الضرورية" ضد "المحتوى الضار" في "الصحافة المكتوبة والمادة الإعلامية الشفوية والمرئية".

ورغم أنه لم يتم تسمية هذه المواد على وجه التحديد، إلا أنَّ أردوغان قال: إن الهدف من ذلك هو تقليل ما وصفه بـ"التأثير المدمر" على المجتمع، بما في ذلك الأطفال والشباب.

وأثار التوجيه الجديد انتقاداتٍ من قِبل حقوقيين وصحفيين اعتبروا أنه يهدد بتشديد الرقابة في تركيا. وكتب المحامي فيسيل أوك على موقع تويتر: "لا يجوز المساس بالحق في حرية التعبير الذي يكفله الدستور، وليس للتوجيه أي أساس قانوني، لكنه يعني في الممارسة العملية مزيدًا من الضغط والرقابة على المواطنين".

مكافحة المعلومات المضللة

وحسب "نورديك مونيتور"، يدخل البرلمان التركي، السبت المقبل الأول من أكتوبر، فصله التشريعي الأخير قبل الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2023، مع توقعات باستغلاله لإقرار تشريع يخدم الوعود الانتخابية التي تخطط لها الحكومة.

وأشار إلى أن أول مشروع قانون من المقرر أن يتم سَنّه هو قانون جديد لوسائل التواصل الاجتماعي تعرّفه الحكومة بأنه "مكافحة المعلومات المضللة"، بينما تسميه المعارضة قانون الرقابة.

ويفرض مشروع القانون الجديد، المكوّن من 40 مادة، قيودًا جديدة على المواقع الإخبارية الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي داخل البلاد.

وتُعدّ هذه خطوة مقلقة لإحكام الرقابة على الفضاء الإلكتروني، إذ نص مقترح القانون على السجن من عام لثلاثة أعوام بحق كل من يتداول منشورات تصنفها السلطات كمعلومات محرفة تتناقض مع الحقيقة و"بأنها تعكر صفو السلم العام"، فيما يخص الأمن العام والنظام العام والأمن الداخلي والخارجي للبلاد، بدافع إثارة القلق أو الخوف أو الذعر بين العامة. بحسب نص القانون.

وكانت لجنة العدل بالبرلمان التركي قد مرَّرت بسهولة مشروع القانون، لكن المصادقة عليه تمَّ تأجيلها في اللحظة الأخيرة حتى الجلسة القادمة في أكتوبر 2022.

ووفقًا لمشروع القانون، فإن الأشخاص الذين يساعدون في انتشار الأخبار التي تنتقد حكومة أردوغان، على منصات التواصل الاجتماعي سيعتبرون "مجرمين".

فيما أظهر تقرير للجنة العدل في البرلمان التركي -حصلت عليه نورديك مونيتور- أن مشروع القانون سيناقش في البرلمان تمامًا كما اقترحت الحكومة، متجاهلًا اعتراضات المعارضة.

وحسب التقرير، فإنه من المحتمل -خلال المناقشات بالبرلمان- أن تقترح الحكومة وشريكها، حزب الحركة القومية اليميني المتطرف (MHP) ، مواد إضافية كما فعلت مرات عديدة في الماضي.

وأشار الموقع السويدي إلى أنَّ هذه الطريقة تستخدمها الحكومة بشكل متكرر لسن بعض القوانين من خلال إضافتها إلى مشروع قانون في اللحظة الأخيرة من أجل تجنب أي مناقشة عامة.

وبيّن الموقع، أنه مع إضافة المواد الجديدة إلى قانون العقوبات التركي، فقد تمَّ تعريف جريمة "النشر العلني للمعلومات المضللة" لأول مرة، كالتالي: "يُعرَّف الشخص الذي ينشر معلومات مضللة بأنه شخص ينشر علنًا معلومات كاذبة حول الأمن الداخلي والخارجي أو النظام العام أو الصحة العامة للبلد بطريقة تخلّ بالسلام العام، بهدف وحيد هو إثارة القلق أو الخوف أو الذعر بين الجمهور، ومن ثمّ -حسب نص القانون- يعاقب من يرتكبون هذه الجريمة بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، وإذا أخفى المتهم الجريمة أو ارتكبها في إطار نشاط تنظيمي إرهابي، تضاعف العقوبة بمقدار النصف".

أخبار مُزيّفة

وأوضح "نورديك مونيتور"، أنه من التفاصيل المثيرة للاهتمام أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي ستكون مسؤولة أيضًا إذا تمَّ نشر "أخبار مزيفة" من خلال الهاشتاج، على افتراض أن هذه المنصات متورطة في جريمة لعدم فرض رقابة على الرسائل، وفقًا للفقرة 15 من المادة 34 من القانون.

وحسب الموقع فإنه "من الواضح أن هذا سيؤدي إلى رقابة مشددة على منصات التواصل الاجتماعي، والأسوأ من ذلك، قد يُعتبر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الذين يقومون بتضمين هذه الوسوم في منشوراتهم أنهم ارتكبوا جريمة".

وبحسب اعتراضات أحزاب المعارضة خلال اجتماعات اللجنة، فإن هذه الأخبار "الكاذبة" يجب ألا تكون بالضرورة متعلقة بأمن الدولة.

على سبيل المثال، أعلن معهد الإحصاء التركي مؤخرًا عن تضخم سنوي بلغ 80.2٪، ومع ذلك، وفقًا لمجموعة أبحاث التضخم المرموقة (إي إن أيه جي)، المكونة من عدد من الأكاديميين، كان المعدل الفعلي للتضخم السنوي 181.37 في المائة اعتبارًا من أغسطس الماضي، ومن ثمّ فإن نشر معدل التضخم الذي أعلنته (إي إن أيه جي) سيعتبر أخبارًا مزيفة، وبالتالي فإن حتى المؤسسات الإعلامية التي تنشرها ستعاقب.

وفي ذلك، يذكر العديد من المراقبين السياسيين أن القصص الإخبارية التي تحاول الحكومة فرض الرقابة عليها تتعلق أساسًا بالفساد وعلاقات الحكومة بالمنظمات الإجرامية.

وأمام ذلك، فقد أشار الموقع السويدي، إلى أنه بالنظر إلى التهديدات باعتقال واحتجاز الصحفيين في تركيا والرقابة الذاتية التي يجب أن يمارسوها لحماية أنفسهم، فإن الصحفيين الأتراك الذين يعيشون في الخارج أو في المنفى مستهدفون أيضًا بشكل أساسي.

وبيّن أنه منذ أن قام هؤلاء الصحفيون بنشر أخبارهم باستخدام العديد من منصات التواصل الاجتماعي، فقد تمّ تضمين المقالات بشكل متعمد في مشروع القانون الجديد بهدف الحدّ من تأثير هذه التقارير على آراء المواطنين، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

وأشار الموقع إلى أنّ السلطات التركية أقدمت مؤخرًا على حظر معظم حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من الصحفيين المنفيين في الخارج، ومن بين هؤلاء الصحفي الاستقصائي كيفاري جوفين، الذي كشف عن عمليات قذرة لغسيل أموال تديرها حكومة أردوغان، من خلال مقاطع فيديو -شاهدها الملايين- على موقع "يوتيوب".

وأفاد، بأن صحيفة الصباح المملوكة لعائلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نشرت قرار الحظر ضد جوفين، متضمنًا تلميحات بأنَّ حياته مُعرضة للخطر نظرًا لما كشفه عن المنظمات الإجرامية والمافيا.

مافيا

وبيّن "نورديك مونيتور"، أن رئيس المافيا التركي سيدات بيكر -الذي كان ذات يوم حليفًا مقربًا من الرئيس أردوغان- كشف أيضًا النقاب عن معلومات فاضحة عن فساد وأسلحة أرسلتها الحكومة إلى الجهاديين في سوريا وعلاقات الحزب الحاكم مع عصابات المخدرات في مقاطع الفيديو التي بدأ نشرها عبر يوتيوب في عام 2021.

وأمام نشر هذه المعلومات، فقد أقدمت السلطات التركية على حظر حسابات "بيكر" على مواقع التواصل، خصوصًا بعد أن وعد بأنه سيقلب الانتخابات المقبلة رأسًا على عقب، بكشف كبير عن عمليات فساد تقودها حكومة أردوغان.

في غضون ذلك، ألقت السلطات التركية، القبض على إيمري أولور، مساعد بيكر ومستشاره لوسائل التواصل الاجتماعي، أثناء وجوده في ألبانيا الأسبوع الماضي.

ونقل الموقع السويدي، عن عددٍ من الصحفيين قولهم: إن زملاءهم الذين نقلوا بعض الأخبار التي كان ينشرها زعيم المافيا، سيتم اعتقالهم بتهمة الانتماء إلى منظمة بيكر الإجرامية، وذلك في محاولة من نظام أردوغان لتخويف الصحفيين المعارضين قبيل الانتخابات.

كان "نورديك مونيتور" ذكر في وقت سابق أن قانون وسائل الإعلام الجديد يتضمن تدابير حماية لصالح وكالة المخابرات التركية (إم آي تي)، إذ إنه وفقًا لمشروع القانون فإنّه لا يحق لأي شخص استخدام مستندات تعود للوكالة في الأخبار، بغضّ النظر عما إذا كانت الأخبار صحيحة أو خاطئة.

أيضًا وفقًا للقانون، فإنّه يمكن لهيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (بي تي كيه)، أن تقرر منع الوصول إلى الأخبار دون الحاجة إلى قرار من المحكمة، وهو ما يعني إمكانية حظر الوصول إلى موقع "فيس بوك" بالكامل من تركيا.

ينص مشروع القانون أيضًا على أن أسباب الاعتقال تعتبر قائمة بالنسبة للمشتبه بهم المتهمين بتقديم محتوى إجرامي فيما يتعلق بأنشطة وموظفي وكالة المخابرات التركية.

وأمام ذلك، فإنه -حسب الموقع السويدي- بالنظر إلى أن وكالة المخابرات التركية أصبحت قوية جدًّا بفضل دعم ومساندة الرئيس أردوغان خلال السنوات الأخيرة، فإنه يبدو من غير المرجح أن يتم رفض طلب من الوكالة من قِبل أي مؤسسة حكومية، وهو ما يُعرض مواطنين كُثر لخطر الملاحقة.

لذلك يرى العديد من المراقبين أن هذا القانون سيصبح أحد أهم الأسلحة في حوزة حكومة أردوغان قبيل الانتخابات، خصوصًا مع تراجع شعبيته، وسط انهيار في الاقتصاد وارتفاع التضخم لمستويات قياسية.