زيارة تشارلز للقاهرة.. مصر جديدة يكتشفها الأمير البريطاني لأول مرة
مصر التي رآها تشارلز لم تكن هي نفسها مصر التي رآها قبل 15 عامًا، فمصر الجديدة التي استشكفها الأمير البريطاني تحت حكم الرئيس السيسي، لديها مخطط عملي لكل شيء فيها، في إطار خطة الرئيس المصري لتحديث أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان

السياق
«محطة جديدة داعمة للعلاقات بين البلدين»، بهذه الكلمات وصف بيان رئاسي مصري، زيارة الأمير الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا وقرينته، إلى مصر، في الزيارة الخارجية الأولى له منذ بدء جائحة كورونا، في إطار جولة شرق أوسطية، تشمل الأردن.
فمن «يشرب مياه النيل يعود إليه مرة أخرى»، هكذا صرح الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، خلال الزيارة التي يقوم بها لمصر برفقة زوجته دوقة كورنوول، كاميلا، التي قالت عنها الرئاسة المصرية إن السيسي وقرينته استقبلا بقصر الاتحادية، الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا وقرينته، مشيرة إلى أن الرئيس المصري رحب بولي العهد البريطاني في زيارته للقاهرة، طالباً نقل تحياته إلى الملكة إليزابيث.
وقالت الرئاسة المصرية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الرئيس السيسي، أعرب عن تطلع بلاده إلى أن تمثل هذه الزيارة، محطة جديدة داعمة للعلاقات التاريخية بين البلدين، «أخذاً في الاعتبار ما تمثله الزيارات الملكية البريطانية من علامات بارزة تظل ماثلة في الذاكرة السياسية والشعبية لمصر وبريطانيا».
بدوره، أعرب الأمير تشارلز عن تقديره لـ«حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة» في مصر، ناقلاً إلى الرئيس السيسي تحيات الملكة إليزابيث، مؤكداً سعادته بأن يكون في مصر مجدداً، وحرصه على زيارتها في إطار الجولة الرسمية الأولى له خارج البلاد، بالإنابة عن الملكة منذ بدء جائحة كورونا، في ضوء «خصوصية العلاقات بين البلدين، إضافة إلى الدور المحوري والمتوازن الذي تضطلع به مصر في التعامل مع القضايا الدولية، وكذا صون الأمن والاستقرار في المنطقة»، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
القضايا المطروحة
المتحدث الرئاسي الرسمي، قال إن اللقاء شهد التباحث في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، بينما أكد الرئيس المصري تضامن بلاده مع بريطانيا وشعبها، في مواجهة الإرهاب الأسود عقب الحادث الإرهابي الأخير بمدينة ليفربول، مشددًا على ضرورة تكثيف التعاون المشترك لتعزيز قيم التسامح والسلام وقبول الآخر، بما يقوِّض التفسيرات المتطرفة التي تتبناها جماعات الإرهاب، فضلاً عن العمل على تبني المجتمع الدولي لاستراتيجية متعددة المستويات، تشمل التعامل مع الأطراف الداعمة للتنظيمات الإرهابية، إضافة إلى مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك.
كما شهد اللقاء التباحث بشأن سبل تعزيز التعاون الثنائي في عدد من المجالات، خاصةً على مستوى التعليم الجامعي والصحة، إضافة إلى التنسيق في موضوعات تغير المناخ، في ضوء المبادرات المتعددة التي يرعاها الأمير تشارلز في هذا المجال، إلى جانب استضافة مصر عام 2022 للدورة الـ27 لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، لتأمين تحقيق نتائج إيجابية والوصول إلى الأهداف التي وضعها المجتمع الدولي للتعامل مع هذا الملف المهم، الذي يمس مصالح الإنسانية، لاسيما ما يتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص بإمكاناته الضخمة، للمساهمة في الحد من الانبعاثات، بحسب البيان المصري.
الدول المأزومة
وعن قضايا المنطقة، أكد الرئيس المصري -بحسب بيان الرئاسة- أهمية ترسيخ المؤسسات الوطنية في دول المنطقة، التي تعاني أزمات، لملء الفراغ الذي يتيح الفرصة لنمو الإرهاب وانتشاره إلى باقي الدول، مشيرًا إلى أنها محددات تمثل في مجملها ثوابت ومبادئ سياسة مصر في التعامل مع أزمات المنطقة.
من جانبه، ثمن الأمير تشارلز الجهود المصرية خلال السنوات الماضية، على صعيد التصدي للأفكار المتطرفة ومكافحة الإرهاب، مؤكدًا أن هناك نهجًا فعليًا ترسخ في تعامل الدولة مع حرية ممارسة الشعائر الدينية، وكذا إعلاء مبادئ المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أي أسس دينية أو طائفية أو غيرها، فضلاً عن ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر.
وأكد الأمير تشارلز اهتمام بريطانيا بتعزيز التعاون المشترك مع مصر في هذا الإطار، للاستفادة من تجربتها في ترسيخ دور الأديان كحاضنة للتطور الاجتماعي الإيجابي، الذي ينمي وعي الفرد بدوره وواجباته تجاه مجتمعه واستقراره وتنميته.
يأتي ذلك، بينما قالت الرئاسة المصرية، إن الجانبين أعربا عن ارتياحهما لـ«التطور الإيجابي الملموس»، الذي تشهده علاقات التعاون بين البلدين الصديقين في الفترة الحالية، والتشاور المستمر سواء على مستوى القيادة السياسية أو المستويات التنفيذية، بما في ذلك التنسيق لمواجهة التحديات المستجدة، التي تهدد الإنسانية.
زيارة الأمير تشارلز إلى مصر، شملت لقاء الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في إشارة إلى اهتمام تشارلز بالتنوع الديني، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وقالت مشيخة الأزهر الشريف، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الشيخ الطيب ناقش مع الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني الأمير ويلز، بالجامع الأزهر الشريف، أزمة تغير المناخ وما تفرضه من تحديات كبيرة تهدد العالم، والحلول الممكنة لمواجهتها.
وقال الشيخ الطيب، إن نتائج القمة العالمية للمناخ، لم تأت على قدر الحاجة والمستوى المرجو منها، معربًا عن أمله بأن تسهم جهود مَنْ وصفهم بـ«المنصفين» أمثال الأمير تشارلز في الدفاع عن حقوق الدول الفقيرة، وحث المجتمع الدولي على أخذ تلك الدول ومصالحها في الحسبان لتخفيف معاناتها.
وأضاف أنه شارك مؤخرًا في القمة العالمية التحضيرية لمؤتمر المناخ، بحضور عدد كبير من رموز وقادة الأديان في ضيافة البابا فرانسيس، على أمل الإسهام في وضع الحلول المناسبة لتلك الأزمة العالمية، إلا أن النتائج لم تكن على المستوى المطلوب.
من جانبه، أوضح ولي العهد البريطاني أنه قضى ما يزيد على أربعين عامًا في البحث عن حلول لتلك الأزمة العالمية، مؤكدًا أنه وجه دعوة صريحة إلى الحكومات المشاركة في قمة المناخ وقمة مجموعة العشرين وغيرهما من القمم العالمية ذات الشأن، بأن توجه استثماراتها نحو مشاريع البنى التحتية، والمشروعات التي تساعد في الحفاظ على البيئة والتصدي للتغير المناخي، مؤكدًا أنه لمس حرصًا كبيرًا في الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث في تعاليم الإسلام وتعاليم الأديان الأخرى.
وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن زيارة العائلة المالكة لمصر، هي الأولى منذ عام 2006 وأول رحلة لها خارج بريطانيا منذ بدء جائحة كورونا، وهي رحلة وجدها مراقبو العائلة المالكة أكثر جاذبية، بالنظر إلى الحالة الصحية الهشة لوالدة تشارلز، الملكة إليزابيث الثانية، التي تنازلت عن واجبات السفر لابنها.
مصر الجديدة
مصر التي رآها تشارلز لم تكن هي نفسها مصر التي رآها قبل 15 عامًا، فمصر الجديدة التي استشكفها الأمير البريطاني تحت حكم الرئيس السيسي، لديها مخطط عملي لكل شيء فيها، في إطار خطة الرئيس المصري لتحديث أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، بحسب «نيويورك تايمز».
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن القاهرة تبني عاصمة جديدة مترامية الأطراف، وتكثف جهودها لإنشاء طرق وجسور جديدة عبر وسط القاهرة، فضلًا عن خططها الطموحة للقضاء على الأحياء العشوائية الفقيرة، والتوك توك، وهي المركبة ذات العجلات الثلاث المستخدمة في كثير من الدول الفقيرة.
وتقول «نيويورك تايمز»: بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والعنف التي أعقبت "ثورة" مصر عام 2011، أعاد السيسي، الذي جاء للسلطة بدعم شعبي، وضع القاهرة كقوة إقليمية، فهو سيستضيف قمة المناخ المقبلة للأمم المتحدة، كما أنه منافس صاعد في صناعة الغاز الطبيعي، ووِجهة تجارية لعمالقة الطاقة والدفاع الأوروبيين، وشريك مهم للولايات المتحدة في القضية الإسرائيلية الفلسطينية.
ليس هذا فحسب، بل إن هناك على مسافة ليست بعيدة، يوجد المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه في الأهرامات العام المقبل بعد تأخير لسنوات عدة، كواحد من أكبر المتاحف في العالم.
وبالكاد يمكن أن يتناقض حجمها الرمادي الزاوي مع الكلاسيكية الجديدة ذات اللون الوردي المغبر للمتحف المصري البالغ من العمر 119 عامًا وسط القاهرة، الذي من المفترض أن يحل محله.