دول بينها أمريكا تبدأ سحب دبلوماسيين من أوكرانيا.. هل اقترب الغزو الروسي؟

واشنطن أمرت عائلات دبلوماسييها في العاصمة الأوكرانية كييف بمغادرة البلاد، بسبب التهديد المستمر للغزو الروسي.

دول بينها أمريكا تبدأ سحب دبلوماسيين من أوكرانيا.. هل اقترب الغزو الروسي؟

السياق

التهديد المستمر للغزو الروسي، وضبابية المشهد بشأن أوكرانيا، دفع العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لاتخاذ قرار بسحب دبلوماسييها من العاصمة كييف.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن واشنطن أمرت عائلات دبلوماسييها في العاصمة الأوكرانية كييف بمغادرة البلاد، بسبب التهديد المستمر للغزو الروسي، مشيرة إلى أنها أذنت أيضًا بالمغادرة الطوعية لموظفي السفارة غير الضروريين.

وحثت الولايات المتحدة، المواطنين شرقي أوروبا على النظر في خيار المغادرة الآن، قائلة إن الأمر لن يكون في وضع يسمح لها بإجلائهم بعد أي توغل محتمل من موسكو.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، إن السفارة في كييف ستظل مفتوحة، مكررًا تحذيرات من البيت الأبيض بأن الغزو قد يأتي في أي وقت.

وأكد المسؤول أن واشنطن لن تكون في وضع يسمح لها بإجلاء الأمريكيين في مثل هذه الطوارئ، رافضًا تحديد عدد الأمريكيين على الأراضي الأوكرانية، لكن وزارة الخارجية أكدت -الشهر الماضي- أن عدد الأمريكيين في كييف قرابة 10 آلاف أو 15 ألفًا، ناصحة بعدم السفر إلى أوكرانيا، لاحتمال غزو روسي.

وينفي الكرملين أي نية لغزو جارته، لكنه يربط خفض التصعيد بمعاهدات تضمن عدم توسع "الناتو" خاصة إلى أوكرانيا، وانسحاب الحلف من أوروبا الشرقية.

كما أعلنت الخارجية البريطانية، الاثنين، أنها ستسحب بعض موظفيها وأقاربهم من سفارتها في أوكرانيا بسبب "التهديد الروسي المتصاعد"، وذلك بعد أن أمرت الولايات المتحدة عائلات دبلوماسييها في كييف بمغادرة البلاد.

ولفتت لندن إلى أن السفارة بحد ذاتها "ستبقى مفتوحة"، من أجل "الأعمال الأساسية".

من جهته، قال وزير الخارجية النمساوي، ألكسندر شالنبرج، إن "لدينا خططاً للإجلاء بسفارتنا في كييف، لكننا لم نخرج بعد".

نشر قوات

إلى ذلك قال الكرملين، إن أوكرانيا نشرت أعداداً كبيرة من القوات والمعدات على خط التماس مع روسيا، موضحًا أن ذلك يشير إلى "الاستعدادات لعملية هجومية"، حسبما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية.

وأعرب الكرملين عن قلقه إزاء الوضع في دونباس، داعياً إلى حض كييف على "عدم التفكير في تسوية النزاع بالقوة"، قائلاً إن "توريد الأسلحة لكييف يشجعها على ذلك".

وأضاف الكرملين، أن التقارير الإعلامية التي تنشرها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" تؤدي إلى "زيادة التوتر في منطقة دونباس"، موضحاً أن "الهيستيريا الإعلامية" لدى واشنطن والحلف بشأن أوكرانيا "مليئة بالكذب والأخبار المضللة".

 

إجراءات عقابية

وزير الخارجية الأمريكى أنتوني بلينكين، كان قد رفض فكرة فرض إجراءات عقابية على موسكو قبل أي غزو محتمل، قائلًا إنه يتعين استخدامها كوسيلة لردع الهجوم، مشيرًا إلى أنه «بمجرد تفعيل العقوبات، تفقد التأثير الرادع، لذا فإن ما نقوم به هو تجميع سلسلة من الإجراءات، التي من شأنها أن تدخل في حسابات الرئيس فلاديمير بوتين».

وقالت صحيفة بوليتيتكو الأمريكية، إن تعميم وزارة الخارجية لمواطنيها، أحدث مؤشر على أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن روسيا من المرجح أن تغزو أوكرانيا مرة أخرى.

جاءت عمليات المغادرة المصرح بها والمرتبة، بعد تأكيدات من وزير الخارجية أنتوني بلينكين، أن الولايات المتحدة والدول الحليفة مستعدة لمواجهة روسيا، إذا واصلت أعمالها العدوانية تجاه أوكرانيا.

وقال بلينكين، إن المسؤولين يستعدون لمجموعة من الخيارات للرد على تحركات موسكو، رغم أن الحل الدبلوماسي هو المسار المفضل.

وقال مسؤولون أمريكيون، إنهم ما زالوا قلقين بشأن الاستقرار السياسي الداخلي في أوكرانيا، الذي حاولت روسيا زعزعته، من خلال التضليل ووسائل أخرى.

 

بريطانيا تتدخل

وفي بيان صدر مؤخرًا، قالت وزارة الخارجية البريطانية، إن لديها أدلة على أن حكومة بوتين تريد تنصيب حكومة صديقة لروسيا في أوكرانيا، بينما تفكر في غزو أوكرانيا.

وقال مسؤولون أمريكيون -في جلسات خاصة- إن الأمريكيين يجب ألا يتوقعوا عملية إجلاء، على غرار أفغانستان في أوكرانيا، وأن الوضع في كابل كان غير معتاد، وينبغي ألا يعد سابقة.

كانت هناك موجة من النشاط في الأسابيع الأخيرة، حيث حاولت إدارة بايدن ونظراؤها الأوروبيون ردع روسيا عن مهاجمة أوكرانيا، بينما عززت موسكو وجودًا هائلًا لقواتها، على طول الحدود المشتركة بين البلدين.

وبحسب صحيفة بوليتيكو، فإن الخلافات تمتد إلى ما هو أبعد من الأسئلة البسيطة المتعلقة بالأراضي والقضايا المحلية، مشيرة إلى أن روسيا حريصة على منع "الناتو" من الاقتراب من حدودها، إلا أن بوتين يبدو أنه عازم على استعادة بعض القوة والهيبة، التي فقدتها عندما حل ميخائيل جورباتشوف الاتحاد السوفيبتي في ديسمبر 1991.

ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن وزير الخارجية السابق مايك بومبيو قوله إن بلينكن أدلى بتصريح أقوى بكثير مما أدلى به بايدن الأسبوع الماضي، لكنه أضاف أن الإدارة الحالية بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لدرء روسيا.

وقال بومبيو: إذا كان هناك مجال للشك، وكانت هناك مساحة، فسوف يقود فلاديمير بوتين شاحنة عبر تلك الفجوة.

 

خيارات مطروحة

وعن حالة الاتحاد، رفضت السناتور جوني إرنست (جمهورية عن ولاية آيوا) تعليقات بلينكن على العقوبات، رغم أنها قالت: «يجب أن تكون جميع الخيارات مطروحة على الطاولة» للرد إذا غزت روسيا أوكرانيا.

وناقشت الموقف من منظور الحرب الباردة، قائلة إن الولايات المتحدة بحاجة إلى التصرف في مواجهة روسيا، بدلاً من انتظار الغزو، مضيفة: «عندما يتعلق الأمر بالرد على روسيا، نحتاج إلى إظهار القوة وألا نكون في موقع عقيدة الاسترضاء، وتلك -على ما يبدو- الطريقة التي يعمل بها الرئيس بايدن وإدارته».

في المقابل، جادل السناتور كريس كونز (ديمقراطي من الولايات المتحدة) في برنامج «هذا الأسبوع» على قناة ABC بأن البيت الأبيض كان يردع بوتين عن غزو أوكرانيا، من خلال ضم حلفاء "الناتو" معًا واستثمر الوقت والجهد في إعادة بناء أوروبا، على عكس إدارة ترامب.

ومع ذلك، أضاف كونز أنه يعتقد أن الكونجرس يجب أن يتبنى ويمرر مشروع قانون من الحزبين لتطبيق بعض العقوبات، مشيرًا إلى أن العقوبات التي تستخدمها أمريكا، لجلب إيران إلى طاولة المفاوضات، يجب أن نتمسك بها كرادع لمنع بوتين من اتخاذ الخطوة الأخيرة بغزو أوكرانيا.

وانضم إلى موجة النواب، الذين ردوا على تعليقات بلينكن، النائب مايكل ماكول (جمهوري من تكساس)، ادعى في برنامج «مواجهة الأمة»، أن «كل هذا بدأ مع الانسحاب العسكري الفاشل من أفغانستان الصيف الماضي، ما أدى إلى الاستيلاء على طالبان».

وقال ماكول: «يُنظر إلينا على أننا ضعفاء بسبب الرئيس بايدن، وكانت تعليقاته عن غزو محدود مقبولة إلى حد ما، وأن الناتو منقسم (..) أعتقد أن شيئًا واحدًا قاله كان صحيحًا هو أن الناتو منقسم».

 

نشر آلاف العناصر

وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن الرئيس بايدن يفكر في نشر آلاف من القوات الأمريكية، وكذلك السفن الحربية والطائرات، في حلفاء الناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية، وهو توسع في المشاركة العسكرية الأمريكية وسط مخاوف متزايدة من توغل روسي في أوكرانيا ، وفقًا لمسؤولي الإدارة.

وستشير هذه الخطوة إلى محور رئيس لإدارة بايدن، كان حتى وقت قريب يتخذ موقفًا منضبطًا تجاه أوكرانيا، خوفًا من استفزاز روسيا إلى الغزو، لكن في الوقت الذي كثف فيه الرئيس فلاديمير بوتين أعماله التهديدية تجاه أوكرانيا، وفشلت المحادثات بين المسؤولين الأمريكيين والروس في تثبيط عزيمته، فإن الإدارة تبتعد عن استراتيجيتها القائمة على عدم الاستفزاز.

وفي اجتماع السبت في كامب ديفيد، قدَّم كبار المسؤولين في البنتاغون لبايدن خيارات عدة، من شأنها تحويل الأصول العسكرية الأمريكية إلى مكان أقرب بكثير من عتبة بوتين، على حد قول مسؤولي الإدارة، وتشمل الخيارات إرسال 1000 إلى 5000 جندي إلى دول أوروبا الشرقية، مع احتمال زيادة هذا العدد عشرة أضعاف إذا تدهورت الأمور.

وتحدث المسؤولون بشرط عدم كشف هويتهم، لأنهم غير مخولين بالتحدث ​​عن المداولات الداخلية، قائلين إنه من المتوقع أن يتخذ بايدن قرارا هذا الأسبوع، مشيرين إلى أنه يقيّم التعزيزات في الوقت الذي صعدت فيه روسيا موقفها الخطير ضد أوكرانيا، بما في ذلك حشد أكثر من 100 ألف جندي وأسلحة على الحدود ونشر القوات الروسية في بيلاروسيا.

واتهمت بريطانيا موسكو، بوضع خطط لتنصيب زعيم موالٍ لروسيا في أوكرانيا.