تظاهرات نسائية واشتباكات وحكومة جديدة.. ماذا حدث في أفغانستان خلال 24 ساعة؟
حكومة جديدة لطالبان خلال ساعات... واشتباكات مسلَّحة في أفغانستان

السياق
ساعات قليلة تفصل أفغانستان، عن أول حكومة لحركة طالبان، منذ 20 عامًا، حيث كشفت تقارير صحفية، ملامح الحكومة المزمع تشكيلها.
وقالت «فرانس 24»، إن حركة طالبان اقتربت من تشكيل حكومتها الأولى، منذ سيطرتها على العاصمة كابل، مشيرة إلى أن عبدالغني برادر، المعروف باسم «الملا برادر»، رئيس المكتب السياسي للحركة، سيكون رئيسها.
ثلاثة مصادر في حركة طالبان، أكدت أن الملا محمد يعقوب، ابن مؤسس الحركة الراحل الملا عمر، وشير محمد عباس ستانيكزاي، سيتوليان منصبين بارزين في الحكومة، مشيرة إلى أن تشكيل الحكومة قد يعلن بعد صلاة الجمعة.
النساء خارج الحسابات
المسؤول البارز شير محمد عباس ستانكزاي، الذي كان متشدِّدا في إدارة طالبان الأولى، قال في تصريحات لإذاعة «بي بي سي» الناطقة بلغة الباشتو: إن النساء سيتمكن من مواصلة العمل، لكن قد لا يكون لهن مكان في الحكومة، أو في مناصب عليا.
إلا أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اشترط تشكيل حكام طالبان الجدد، حكومة تمثِّل كل الأطياف السياسية، لاستئناف برلين مساعداتها الإنمائية لأفغانستان.
وقال ماس: إن الحكومة التي يتم تشكيلها، يجب أن تضم أشخاصًا من خارج طالبان المحافظة للغاية، مؤكدًا أنه «لابد من حماية حقوق المرأة، وألا تصبح أفغانستان ملاذًا جديدًا للإرهاب».
وأكد الوزير الأوروبي، أن هناك واقعًا جديدًا في أفغانستان، شئنا أم أبينا، لكن ليس لدينا الوقت لكي نلعق جراحنا، ملمحًا إلى تحركات دول مثل الصين لكسب النفوذ في أفغانستان.
تقرير أمريكي
ملامح تشكيل الحكومة، التي أماطت «فرانس 24» اللثام عنها، توافقت مع تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية ترجمته «السياق»، الأسبوع الماضي، قالت فيه إن الدلائل الأولية، تبين أن البلاد سيقودها مجلس مؤلف من 12 رجلاً من الإرهابيين، مع إنشاء مجلس للحُكم وإلغاء منصب الرئيس.
ونقلت المجلة -عن مصادر مقربة من قيادة الحركة- قولها: من المقرر أن يشكل قادة طالبان مجلسًا من 12 رجلًا لحُكم أفغانستان، وسيقدِّمون لبعض الأعضاء المطيعين في الحكومة السابقة، التي تدعمها الولايات المتحدة الوزارات التي يختارونها، مشيرة إلى أنهم يسعون جاهدين إلى تشكيل إدارة مقبولة من المجتمع الدولي.
وأوضحت أن المجلس الجديد، سيكون على رأسه أقوى ثلاثة رجال في الحركة: الملا عبد الغني بردار، المؤسس المشارك لحركة طالبان، والملا محمد يعقوب نجل مؤسس الجماعة الملا محمد عمر والرجل الذي يقف وراء الاستراتيجية العسكرية المنتصرة، وخليل حقاني، أحد كبار الشخصيات في شبكة حقاني، أكثر الفصائل تشدُّدًا في طالبان، وهو المسؤول عن بعض أكثر الهجمات الإرهابية شراسة خلال العشرين عامًا الماضية، والذي تم إدراجه على القائمة السوداء من الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وقال تقرير "فورين بوليسي": إن هذه الاستراتيجية لحُكم أفغانستان، تتجنَّب إعادة مناصب مهمة كانت في السابق، مثل الرئيس، أو حتى الأمير، وهو اللقب الذي حمله القادة السابقون لتمرُّد طالبان، بمن فيهم الملا عمر، لكن مثل هذه الاستراتيجية، تفتح الباب أمام صراعات بين الفصائل، وتترك المجلس الحاكم في صراع مع حركة ناشئة مناهضة لطالبان تتمركز في وادي بنجشير.
تعهدات غربية
من جهة أخرى، أعلن متحدِّث باسم طالبان، أن الصين تعهدت بالإبقاء على سفارتها في أفغانستان، وتعزيز مساعداتها الإنسانية لهذه الدولة التي مزَّقتها الحروب، من دون ردّ من بكين على ذلك.
يأتي ذلك بينما يعقد اجتماع على مستوى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، انطلق الخميس ويستمر إلى اليوم الجمعة، لبحث التطورات في أفغانستان.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، لصحيفة لو فيجارو: إن باريس لم تشهد إشارات إيجابية، على أن المجموعة تغيَّـرت.
وقال مصدر مطلع على الخطوة: إن الدبلوماسيين الأفغان طُلب منهم البقاء في مناصب خارجية في الوقت الحالي. وقال المصدر إن طالبان أرادت الحفاظ على شعور بالاستمرارية.
تظاهرات تسائية
نزلت عشرات النساء إلى شوارع مدينة هرات غربي البلاد في تظاهرة نادرة، للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن مؤسسات الحُكم.
وقالت تقارير صحفية، إن المتظاهرات رددن هتافات من بينها «من حقنا أن نحصل على تعليم وعمل وأمن، لسنا خائفات، نحن متحدات».
تظاهرت النساء، تأتي بعد تقارير موثوقة تلقَّتها مفوضية حقوق الإنسان، عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من حركة طالبان في أفغانستان، بينها إعدامات خارج القانون، مشيرة إلى أن معاملة طالبان للنساء والفتيات، يتعين أن تكون «خطًا أحمر».
وبعد سيطرة طالبان على كابل، قرَّر عدد من مشاهير الإنترنت حذف حساباتهم، خصوصًا مَنْ كانوا يتبعون نمطًا منفتحًا.
تطورات ميدانية
نشبت اشتباكات بين قوات طالبان والمقاتلين الموالين للزعيم أحمد مسعود، في وادي بنجشير بأفغانستان، بعد أكثر من أسبوعين من استيلاء طالبان على السُّلطة.
وقالت وكالة رويترز، في نسختها الإنجليزية، إن كل جانب أكد أنه أوقع خسائر فادحة في الأرواح.
ونقلت الوكالة عن المتحدِّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، قوله: بدأنا العمليات بعد فشل مفاوضات مع الجماعة المسلَّحة، مشيرًا إلى أن «مقاتلي طالبان دخلوا بنجشير وسيطروا على بعض الأراضي، لقد تكبَّد العدو خسائر فادحة».
بينما قال متحدِّث باسم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، إنها تسيطر على الممرات والمداخل، وأعاقت جهود السيطرة على منطقة شوتول.
وتابع: «قام العدو بمحاولات عدة لدخول شوتول من جابول- سراج وفشل في كل مرة»، في إشارة إلى بلدة في إقليم باروان المجاور.
ومنذ أن اجتاحت طالبان كابل في 15 أغسطس، احتشد آلاف المقاتلين من المليشيات المحلية، وفلول القوات المسلَّحة الحكومية في بنجشير، تحت قيادة مسعود، نجل قائد سابق للمجاهدين.
شرعية على المحك
وستكون شرعية الحكومة، في أعين المانحين والمستثمرين الدوليين، حاسمة بالنسبة للاقتصاد، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد الجفاف ودمار الصراع، الذي أودى بحياة ما يقدَّر بـ 240 ألف أفغاني.
وحذَّرت المنظمات الإنسانية من كارثة وشيكة، مشيرة إلى أن الاقتصاد الذي يعتمد -منذ سنوات- على ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية، على وشك الانهيار.
وتقول وكالات إغاثة: إن العديد من الأفغان كانوا يكافحون لإطعام عائلاتهم، وسط جفاف شديد قبل أن يستولي مقاتلو طالبان على السُّلطة، مؤكدة أن الملايين قد يواجهون المجاعة مع عزلة الدولة وانهيار الاقتصاد.
وقالت ماري إيلين ماكجرارتي، مديرة برنامج الغذاء العالمي في أفغانستان، في تصريحات لوكالة رويترز: منذ 15 أغسطس، شهدنا تسارع الأزمة وتضخمها مع الانهيار الاقتصادي الوشيك، الذي يقترب من هذا البلد.
تحويل الأموال
وفي تطور إيجابي ، قال مسؤول تنفيذي كبير في ويسترن يونيون، إنه سيستأنف خدمات تحويل الأموال إلى أفغانستان، وهو قرار قال إنه يتماشى مع دفعة أمريكية، للسماح باستمرار النشاط الإنساني هناك.
من جانبه، قال جان كلود فرح، رئيس ويسترن يونيون في مصر: «معظم أعمالنا المتعلِّقة بأفغانستان، عبارة عن أسرة منخفضة القيمة، وتدعم التحويلات المالية التي توفِّر الحاجات الأساسية للناس هناك، وهذا هو الأساس الذي نتمتع به، لذلك نريد إعادة فتح أعمالنا».
وفرضت طالبان شكلاً متطرفًا من الشريعة، أو القانون الإسلامي، عندما حكمت من 1996 إلى 2001 لكنها حاولت تقديم وجه أكثر اعتدالًا للعالم هذه المرة، ووعدت بحماية حقوق الإنسان، والامتناع عن الأعمال الانتقامية ضد الأعداء القدامى.
وشككت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرون في هذه التأكيدات، قائلين إن الاعتراف الرسمي بالحكومة الجديدة، والمساعدات الاقتصادية التي ستنجم عن ذلك، يتوقفان على العمل.
ووعدت حركة طالبان بممر آمن إلى خارج البلاد، لأي أجانب أو أفغان تركوا وراءهم الجسر الجوي الضخم، الذي انتهى بانسحاب القوات الأمريكية، لكن مع استمرار إغلاق مطار كابل، سعى الكثيرون للفرار برًا.