رسوم باهظة ووقف الأعمال لأجل غير مسمى.. السينما المصرية تطلب اللجوء الفني
أعلن صُنّاع السينما، إيقاف تصوير كل الأفلام، لأجل غير مسمى، وإعداد مذكرة جماعية باسم غرفة صناعة السينما ونقابة المهن السينمائية

السياق
"أحلام هند وكاميليا" و"البحث عن سيد مرزوق" و "الحب فوق هضبة الهرم"، أفلام سينمائية، تُعَـدُّ علامات في تاريخ الفن المصري والعربي، صُورت قبل سنين في أحياء القاهرة وشوارعها، كان من الممكن أن تظل حبرًا على ورق، إذا عاقبها القدر وأوجدها هذه الأيام.
فمع قرار محافظة القاهرة، الذي -بعد ضغط- تراجع عنه اللواء خالد عبدالعال، بتحصيل رسوم 100 ألف جنيه، للسماح بالتصوير الفني لمدة يوم واحد، أصبحت صناعة الفن في مصر مهدَّدة باللجوء.
القرار الذي جاء في ديباجته: في إطار حرص المحافظة على تحصيل مستحقاتها، من تصوير الإعلانات والمشاهد السينمائية، في شوارع وأبنية وأنفاق وجراجات محافظة القاهرة، صدرت اللائحة الخاصة بتحصيل المبالغ المقررة، بعد اعتمادها من السيد اللواء محافظ القاهرة في 16 أغسطس 2021، ليتم العمل بها على النحو التالي: تحصيل رسوم بواقع 15 ألف جنيه في الساعة، و100 ألف جنيه في اليوم، أثار موجة غاضبة من رد فعل صُنّاع السينما والجهات المعنية حكوميًا وبرلمانيًا.
غير قابل للتطبيق
إثر القرار، أعلن صُنّاع السينما، إيقاف تصوير كل الأفلام، لأجل غير مسمى، وإعداد مذكرة جماعية باسم غرفة صناعة السينما ونقابة المهن السينمائية، للاعتراض على القرار، وكشف آثاره المدمرة في الفن المصري. حسب المذكرة، التي ستقدَّم لوزيرة الثقافة المصرية د. إيناس عبدالدايم لرفعها إلى مجلس الوزراء المصري، للنظر في مخاطر القرار على صناعة السينما المصرية، وتعارضه مع مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي أعلنت مؤخرًا لدعم الفن ووعي المجتمع.
ورفض الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، القرار وقال إنه غير قابل للتطبيق، وحذَّر من لجوء صُنّاع السينما لحيل جديدة، لعدم سداد هذه الرسوم الباهظة، وأشار إلى أنه من غير المعقول، أن يدعم الرئيس السيسي الفن والفنانين، ونفاجأ بقرار فرض رسوم على تصوير الأعمال الفنية في شوارع القاهرة.
وطالب -في مداخلة هاتفية- بإلغاء القرار أو تخفيض الرسوم، لتكون مبالغ رمزية، خاصة أنه لن يلتزم أحد بدفع رسوم كبيرة، وسيتم اللجوء لأمور أخرى تضر بالصناعة وشكل الشوارع المصرية، مؤكدًا أن دولًا أخرى تساعد على التصوير في شوارعها مثل لبنان والمغرب.
جناح مصر الاستراتيجي
وفي الصدد ذاته، قال الممثل المصري صبري فواز عبر "فيس بوك": إن فرض محافظة القاهرة، رسوم تصوير 100 ألف جنيه لليوم، قرار خاطئ لم تتم دراسته، ويؤدي إلى وضع كارثي للسينما والدراما المصرية، ويحرم مصر من مكاسب اقتصادية كبيرة، ومن تميُّـزها الثقافي والفني، ويكسر أحد أجنحتها الاستراتيجية، ويجب التراجع عنه تصحيحًا للأوضاع.
كما عبَّـر المخرج أمير رمسيس، عن غضبه من القرار عبر "فيس بوك" قائلًا: السيد الفاضل محافظ القاهرة... جزيل الشكر على أنك توليت منصبك حديثًا وليس منذ زمن، فربما لو توليته في الماضي، على الأرجح لم نكن لنرى أفلامًا مثل «حياة أو موت» لكمال الشيخ، «أحلام هند وكاميليا» لمحمد خان، «البحث عن سيد مرزوق» لداود عبدالسيد و«القاهرة منورة بأهلها» ليوسف شاهين، وكل أعمال جيل الواقعية الجديدة في السينما المصرية، التي حاربت تيارًا سائدًا، وكتبت قصائد في حب مدينة القاهرة.
إعادة تقدير الرسوم
دفع هذا التصعيد، إلى عقد اجتماع بين نقيب المهن التمثيلية ومحافظ القاهرة، أكد فيه المحافظ تقديره للثقافة والفنون، وطالب بشكيل لجنة مع الجهات المعنية لإعادة تقدير الرسوم، والتفرقة بين الإعلانات والأفلام التجارية، والأعمال الفنية التي تستحق الدعم.
وقالت المحافظة، في بيان رسمي، إنها في إطار حرصها وحرص الدولة على دعم صناعة السينما، وتقديرًا لدور الفن والإعلاميين، تم التنسيق مع الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، والنائبة سها سعيد، وكيلة لجنة الإعلام بمجلس الشيوخ المصري، والنائب نادر مصطفى، وكيل لجنة الإعلام بمجلس النواب المصري، وتم التوافق على وضع ضوابط للقيمة المالية، حسب التصوير لأعمال تجارية أو إعلانية أو فنية.
وأكدت المحافظة، لنقيب المهن التمثيلية، دعمها لأعمال الفن والتصوير بنطاق المحافظة، وكذلك دعم الدولة، إيمانًا بدورهم في إبراز أعمال التنمية والتطوير، التي تشهدها مصر في الأعمال الفنية.
وتوجَّه الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، بالشكر إلى اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، على استجابته السريعة لمناشدة النقابة، بشأن قرار رسوم التصوير في شوارع القاهرة، لافتًا إلى أن المحافظ أبدى ثقته وعشقه ومساندته للفن والدراما وصناعة السينما.