بعد فشل أمريكا في أفغانستان.. باكستان بحاجة إلى سياسة لمكافحة الإرهاب

فورين بوليسي: تبني فكرة الحرب على الإرهاب الأمريكية في باكستان زاد الوضع تعقيداً

بعد فشل أمريكا في أفغانستان.. باكستان بحاجة إلى سياسة لمكافحة الإرهاب

ترجمات-السياق

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن هناك العديد من الدروس، التي يمكن استخلاصها من فشل الولايات المتحدة في أفغانستان، والتي من أهمها قضية مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن النهج الذي تتبعه قوة عظمى بعيدة عن المنطقة، مثل الولايات المتحدة، في خدمة حرب ضبابية لا تنتهي على الإرهاب، لا يمكن أن ينجح في بلد مثل باكستان، التي لا تستطيع الهرب عندما تسوء الأمور مثلما فعلت الولايات المتحدة.

وأضافت المجلة، في تقرير، أنه لهذا السبب تحتاج باكستان بشكل عاجل، إلى مراجعة سياساتها الخاصة بمكافحة الإرهاب، وتحويلها بعيداً عن العمليات الحركية، نحو كسب القلوب والعقول.

 

تغلغل التطرف

وأشارت المجلة، إلى أن الحرب على الإرهاب، جعلت الأمور أسوأ بالنسبة لباكستان، إذ أصبح التطرف والإرهاب أكثر ترسخاً، وأضافت أن هناك تصورًا قديمًا وواسع الانتشار، بأن المتشددين المتطرفين في باكستان، من الشباب الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية، ومن خلفيات قبلية وريفية، وهو ما قد يكون صحيحاً.

لكن الاتجاهات الأخيرة، تشير إلى أن الأيديولوجية المتطرفة، تغلغلت في الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة في باكستان، ولمواجهة هذا الانتشار، تحتاج إسلام أباد إلى تطوير نهج محلي لمكافحة الإرهاب، يكون أكثر دقة وشمولية، وتنظيفه من وصمة عار التدخل الأمريكي، حسب المجلة.

وتابعت "فورين بوليسي": "بالنظر إلى الماضي، نجد أن الحرب على الإرهاب، في ظل التدخل الأمريكي في أفغانستان، أعاقت جهود باكستان للتعامل مع التطرف، إذ اعتبر العديد من الباكستانيين المبادرات المحلية، مثل قرار نشر قوات حرس الحدود شبه العسكرية على الحدود الأفغانية، وحظر الجماعات المسلحة التي تتخذ من باكستان مقراً لها، وتنفيذ الإصلاحات في المدارس الدينية المحافظة، جزءًا من استراتيجية أو خطة أمريكية أكبر".

كما أن ضربات الطائرات الأمريكية من دون طيار، في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية، التي اندمجت مع مقاطعة خيبر باختونخوا، لم تعزِّز فقط الرواية بأن الإسلام والمسلمين يتعرَّضون للهجوم، بل أيضاً الانطباع بأن إسلام أباد كانت تخوض الحرب بدلاً من واشنطن، وفقًا للمجلة الأمريكية.

 

ضحايا الإرهاب

وقالت المجلة: رغم أن السياسيين الغربيين، غالباً ما يصنِّفون باكستان، بأنها عامل تمكين أو محرِّض أو حتى راعٍ للجماعات المتطرفة، فإن الباكستانيين هم الضحايا الرئيسيون للإرهاب في المنطقة، إذ لقى ما يصل إلى 80 ألف باكستاني مصرعهم في الحرب على الإرهاب، كما تكبَّدت البلاد خسائر اقتصادية هائلة بلغت 150 مليار دولار، في العقدين الماضيين، وهذه الأرقام لا تشمل الضرر الذي لحق بسُمعة باكستان، وفقاً للمجلة.

وترى "فورين بوليسي" أن الإرهاب في باكستان، يرجع إلى سياساتها الإقليمية الإشكالية، لاسيما تلك المتبعة في أفغانستان منذ الثمانينيات، لكن هذه الأخطاء لم تعد الدافع الوحيد للتطرف، حيث ظهرت في السنوات العشرين الماضية، عوامل مرتبطة بالمظالم الاجتماعية والاقتصادية، والتهميش العِرقي، وأزمة الهوية، فضلاً عن رغبة الشباب الباكستاني في الشعور بالانتماء.

وتقول المجلة: لمعالجة المشكلة، سيكون من غير المجدي لوم المتشددين، وبدلاً من ذلك، يجب معالجة المظالم الأساسية للسكان، مؤكدة أن تبني مثل هذا النهج، سيشجع على القبول المحلي لعمليات مكافحة الإرهاب ووقف تجنيد المقاتلين الجدد.

 

الحرب على الارهاب

تُظهر تجربة الحرب على الإرهاب، أن الجيش الباكستاني لا يستطيع شق طريقه نحو النصر، طالما بقيت المظالم الأساسية، وحتى في الحالات التي تؤدي فيها عمليات مكافحة الإرهاب إلى انخفاض حوادث الإرهاب، من المحتمل أن تكون هذه الانخفاضات مؤقتة، بل من المرجَّح أن تزداد سوءًا، وفقًا للمجلة الأمريكية.

وذكرت المجلة، أن إسلام أباد بحاجة إلى التركيز أكثر على احتياجات شبابها، إذ يمثل الباكستانيون الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً 64% من السكان، البالغ عددهم 220 مليوناً تقريباً، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 280 مليوناً عام 2050، وهذه هي المجموعة الديموغرافية الأكثر انخراطاً في العمليات الإرهابية، كما أنها أيضاً المجموعة الأكثر تضرراً من هذه العمليات.

وأكدت المجلة، أن من الضروري تطوير منهج تعليمي ينقل التفكير النقدي للشباب، لتمكينهم من التعامل مع الأفكار والفلسفات المتنوعة بشكل أعمق، بدلاً من الانصياع الأعمى للدعاية الإرهابية، مشيرة إلى أن هذه المناهج ستؤدي أيضًا إلى توفير فرص عمل، ما يساعد في التخفيف من أحد العوامل التي تغذي التطرف.

وقالت المجلة، إن عقود الحرب في أفغانستان، تسبَّبت في أضرار لا تُحصى لباكستان، كما سيستغرق الأمر عقودًا أخرى، للرد على التطرف والإرهاب، لكن ذلك سيكون ممكناً، إن كانت لدى إسلام أباد حلول لمشكلة التطرف.