فورين بوليسي: تحركات الصين ضد تايوان تضع إدارة بايدن في موقف صعب

التقدُّميين الديمقراطيين يشعرون بالقلق أيضًا من تحركات الصين، حيث يخشى البعض أن تكرر بكين حملات القمع الوحشية، ضد حقوق الإنسان والحريات، التي مارسها النظام في هونغ كونغ والتبت وإقليم شينغيانغ، حال غزو الجزيرة

فورين بوليسي: تحركات الصين ضد تايوان تضع إدارة بايدن في موقف صعب

ترجمات - السياق


قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن تحركات الصين العسكرية بشأن تايوان، تضع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في موقف صعب، مشيرة إلى أنها محاصَرة بين المعتدلين والتقدميين، داخل التجمع الديمقراطي بالكونغرس، بشأن أفضل طريقة للرد على بكين.
وأشارت المجلة -في تقرير- إلى أن هناك جدلًا داخل الكونغرس، بين بعض الديمقراطيين الوسطيين، الذين يخشون أن يواجه بايدن حدودًا قانونية لسلطاته الحربية، حال غزو الصين لجزيرة تايوان، والتقدميين، الذين يخشون سياسة أمريكية أكثر عدوانية، قد تدفع لمواجهة عسكرية بين واشنطن وبكين، لاسيما بعد أن نفَّذت الصين رقمًا قياسيًا في عدد الغارات الجوية، بالقرب من تايوان، الشهر الجاري.
وأضافت: "هناك اقتراح قدَّمته نائبة رئيس مجلس النواب، للقوات المسلحة النائبة الديمقراطية إيلين لوريا، يدعو لمنح إدارة بايدن سلطات صُنع الحرب، حال غزو الصين للجزيرة".
وأشارت الصحيفة، إلى أن لوريا تشعر بالقلق، من أن بايدن ليس لديه السلطة القانونية للدفاع عن تايوان، بموجب قانون يعود تاريخه إلى عام 1979، يقول إن الولايات المتحدة قادرة على تسليح الجزيرة ضد أي تهديد عسكري محتمل، لكن لا يمكنها الاعتراف رسميًا بحكومتها، موضحة أنه على عكس الاتفاقيات مع اليابان والفلبين، ليس على الولايات المتحدة أي التزام بالدفاع عن تايوان.

قيود قانونية
وعددت المجلة، الأسباب التي تضع إدارة بايدن في موقف حرج، إذا هاجمت الصين، تايوان، منها: استحضار القيود القانونية ضد شن الحرب، مشيرة إلى أن هذا السيناريو كابوس محتمل يطارد مجلس النواب، خصوصًا نواب التجمع الديمقراطي، مشيرة إلى أنه حال تحويل بكين لتدريباتها العسكرية إلى غزو شامل للجزيرة، فإن البيت الأبيض قد يتعثر في مناشدة الكونغرس، أخذ الإذن باستخدام القوة العسكرية.
وردًا على ذلك قالت لوريا: "لنفترض أن الصينيين قرروا هذا العام غزو تايوان، فما الذي يمكننا فِعله، خصوصًا أن الولايات المتحدة لا تملك القوة الكافية للرد"، مضيفة في تحذيراتها: "إذا لم نتمكن من التصرف بسرعة كافية، فإن الصين ستستولى على تايوان بسرعة فائقة، من دون أن نستطيع الرد".
وأوضحت "فورين بوليسي" أن التقدُّميين الديمقراطيين يشعرون بالقلق أيضًا من تحركات الصين، حيث يخشى البعض أن تكرر بكين حملات القمع الوحشية، ضد حقوق الإنسان والحريات، التي مارسها النظام في هونغ كونغ والتبت وإقليم شينغيانغ، حال غزو الجزيرة.
وأضافت: "لكن التقدميين لا يريدون تصعيد الأمور، إذ يمكن أن تؤدي أي خطوة لتوسيع سلطات الرئيس، إلى الإخلال بمبدأ الغموض الاستراتيجي، الذي يجادل بأن الولايات المتحدة ليست ملزمة قانونًا، بالدفاع عن تايوان ضد الهجوم الصيني، وهو مبدأ ظل قائمًا أكثر من 4 عقود، منذ عام 1979" مشيرة إلى أن قلقهم يأتي من إبعاد بايدن عن نزعة ضبط النفس التي يتمتع بها، والتي أظهرها في أفغانستان.
ونقلت المجلة عن مات داس، أحد مساعدي السناتور بيرني ساندرز -وهو سياسي أمريكي وسيناتور من فيرمونت، توجهه ديمقراطي اشتراكي وتقدمي- قوله: "قد لا تكون سياسة الغموض الأكثر إرضاءً من الناحية العاطفية لصقور العاصمة، لكنها ناجحة.. فبالنظر إلى تجربة السنوات الأربع الماضية مع رئيس متهور (يقصد دونالد ترامب)، من الضروري توضيح مخاطر قرارات الحرب قبل خوضها".

الغزو قادم
وأشارت المجلة، إلى أن هناك خوفًا متزايدًا داخل الإدارة الأمريكية، من أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لم يعد يرى المصالحة السياسية بشأن تايوان مقبولة علي الإطلاق، مبينة أن كبار القادة العسكريين أخبروا الكونغرس، بأن الصين قد تحاول غزو الجزيرة في غضون السنوات الست المقبلة.
ونقلت عن وانغ تينغ يو، كبير برلمانيي الشؤون الخارجية والدفاع في تايوان، قوله: "لا توجد معلومات استخبارية تشير إلى أن هجومًا على الجزيرة كان وشيكًا رغم التدريبات التي حطمت الأرقام القياسية، الشهر الماضي، والتي تزامنت مع العيد الوطني للصين"، مشيرًا إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني، يمارس تكتيكاته في مناطق قريبة من حافة منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية.
وتقع منطقة تحديد الدفاع الجوي، خارج المجال الجوي للدولة، لكن الطائرات الأجنبية فيها تخضع للتحديد والمراقبة لحماية الأمن القومي، أما تايوان، فتظل هذه المنطقة -من الناحية الفنية- مجالًا جويًا دوليًا لها.
وأضاف وانغ تينغ يو: "إدارة بايدن ربما تحتاج إلى رسالة واضحة أقوى، لإقناع مَنْ في هذه المنطقة، بما في ذلك الصين، بأن الولايات المتحدة تستحق الوثوق بها، خاصة بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان".

الموقف الأمريكي
وفي ما يخص الموقف الأمريكي، أوضحت "فورين بوليسي" أنه ليس من الواضح حتى الآن، أن رسالة وانغ تينغ يو، قد تلهم وزارة الدفاع الأمريكية، مشيرة إلى أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، أوضح أن الصين ليس لديها -في الوقت الحالي- النية ولا القدرة على الغزو .
ورغم ذلك -تضيف المجلة- إلا أن آخر قائدين للقيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرالان فيليب ديفيدسون وجون أكويلينو، أشارا إلى أن الصين لديها القدرة على غزو تايوان بحلول عام 2027، عندما يضمن (شي) الفوز بولاية ثالثة زعيمًا للصين.
وأيد خبراء بحريون -لم يذكروا أسماءهم- في تصريحات لـ "فورين بوليسي" تصريحات ديفيدسون وأكويلينو، مشيرين إلى أن بكين على وشك اتخاذ إجراءات عدوانية ضد تايوان، في السنوات القليلة المقبلة.

استعدادات الصين
وعن استعداد الصين لإمكانية غزو تايوان، نقلت "فورين بوليس" عن تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، قبل أيام، أن الصين أجرت تجارب لإطلاق سلاح نوو،ي تفوق سرعته سرعة الصوت.
ورغم نفي المسؤولين الصينيون حقيقة هذا التقرير، وإصرارهم على أنهم اختبروا "مركبة فضائية" وليس صاروخًا، فإن الثابت أن بكين بنت أسطولًا سطحيًا أكبر من الذي تملكه الولايات المتحدة، ولديها استثمارات كبيرة في الصواريخ المضادة للسفن والقدرات البرمائية، وأطلقت أول حاملتي طائرات في السنوات الأخيرة، مع ثالث قيد الإنشاء، حسب المجلة الأمريكية.
وفي ختام التقرير، نقلت "فورين بوليسي" عن لوريا ، قولها: قدرات الصين المتنامية، علامة على أن الولايات المتحدة، لا تضع أموالها في مكانها الصحيح، عندما يتعلق الأمر بردع الصين عن محاولة الاستيلاء على تايوان.
وأشارت المجلة، إلى أن العمليات الأمريكية الأخيرة في مضيق تايوان، وفي جميع أنحاء بحر الصين الجنوبي، ركزت على ما تسمى عمليات حرية الملاحة، التي تهدف إلى تأكيد حق الدول في عبور المياه الدولية.
وتعليقًا على ذلك، قالت لوريا: "نحن لا نفكر فقط في الاستثمارات الحاسمة في هذا المسرح، وربما لم تطلق رصاصة واحدة، لكن الصراع البحري في هذه المنطقة موجود، وسيستمر".