في ذكرى 11 سبتمبر.. إخفاقات أمريكا ونجاحاتها في حربها على الإرهاب
لا يمكن إنكار الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية والأخلاقية، التي ضلت الولايات المتحدة من خلالها طريقها خلال العقدين الماضيين

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الضوء على الإخفاقات والنجاحات التي حدثت خلال الـ 20 عاماً الماضية، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، واستشهدت بتصريحات أدلى بها الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة أبراهام لينكولن في شبابه في إلينوي، حينما تحدَّث عن الحماية الطبيعية التي تتمتع بها البلاد، معتبراً أن الخطر لا يمكن أن يأتي إليها من الخارج، وذلك، حتى لو كانت كل "جيوش أوروبا وآسيا وإفريقيا مصفوفة ضدنا".
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها، أنه في صباح أحد الأيام من أواخر الصيف قبل 20 عاماً، أثبت جيش صغير من الإرهابيين في الشرق الأوسط، أن لينكولن كان على خطأ، من خلال مهاجمة الولايات المتحدة بسلاح لم يكن ليتخيله، وهو طائرة مختطفة، حيث استطاع تنظيم القاعدة حينها، قتل 2977 شخصاً وجرح 6000 آخرين في نيويورك ومقر وزارة الدفاع (البنتاجون) وفي بنسلفانيا، ما دفع العالم لأزمة جديدة.
وتابعت: "لقد أدت هجمات 11 سبتمبر 2001، إلى ترهيب الولايات المتحدة وهزها بقوة، ما دفع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إلى اتخاذ قرار الحرب على الإرهاب، بدعم ساحق من الكونجرس والشعب الأمريكي والحلفاء في الخارج، واستمر خلفاؤه في هذه الحرب، بشكل أو بآخر".
وأضافت: "نحتفل هذه الفترة، باليوم الذي سيُعرف إلى الأبد باسم (11 سبتمبر) حداداً على الأرواح التي فقدناها، وامتناناً للأعمال البطولية التي ظهرت في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين من قبل الجيش والشرطة ورجال الإطفاء والعاملين في الرعاية الصحية، ولركاب الرحلة 93 الذين منعوا الخاطفين في 11 سبتمبر من ضرب عاصمة البلاد".
ورأت الصحيفة، أن الحرب الطويلة على الإرهاب، التي بلغت ذروتها في المشهد الذي وصفته بـ"الدموي" لانسحاب الولايات المتحدة من كابل، أدت إلى حالة من الإحباط والغضب والندم بالنسبة للبعض، وهي المشاعر التي قالت إنها تشبه الشعور بالعجز والخسارة، الذي كان موجوداً إبان أحداث 11 سبتمبر نفسها، مشيرة إلى إمكانية تجدد الإرهاب من أفغانستان، من خلال حركة طالبان التي تسبَّبت في التدخل الأمريكي قبل 20 عاماً، بسبب إيوائها لتنظيم القاعدة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه لا يمكن إنكار الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية والأخلاقية، التي ضلت الولايات المتحدة من خلالها طريقها خلال العقدين الماضيين، موضحة أن غزو العراق عام 2003، بناءً على معلومات استخبارية مُبالغ فيها أو خاطئة عن وجود أسلحة دمار شامل، لدى نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وعلاقاته بالجهاد العالمي، أودى بحياة آلاف الأشخاص، وزعزع استقرار الشرق الأوسط، وأضر بمصداقية الولايات المتحدة في الخارج.
وتابعت: "صحيح أن هناك تطورات ديمقراطية مؤقتة في بغداد، لكنها نتيجة إيجابية متواضعة لتلك الحرب، التي كلفت الولايات المتحدة ثمناً باهظاً، كما انزلقت البلاد أيضاً نحو استخدام التعذيب كأسلوب للاستجواب في سجن أبو غريب بالعراق، وفي مواقع أخرى، ما ترك وصمة عار على سُمعتها لن يتم محوها قريباً، ولا يزال هناك 39 سجيناً في خليج جوانتنامو، وهو إرث مستمر للأسلوب الخاطئ المتمثِّل في اعتقال ومحاكمة المشتبهين بالإرهاب، خارج اتفاقيات جنيف والقيود القانونية الأخرى".
ورأت الصحيفة، أنه صحيح أن هذه الإخفاقات تبدو كدافع مُبــرَّر لمحاولة تقليص الخسائر الأمريكية، المالية والبشرية، لكن الانسحاب من العالم، ومن الحرب ضد الإرهاب، لم يعد خياراً قابلاً للتطبيق، لأن الروايات التي تصوِّر العشرين عاماً الماضية من التدخل العسكري الأمريكي في الخارج، على أنها سلسلة لا نهاية لها من الأخطاء الفادحة، تفتقر إلى التوازن، حسب الصحيفة.
ووفقاً للافتتاحية، فإن "الحرب ضد تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له، أبعد ما تكون عن الفشل، لأنها بدأت وسط توقعات بأن الصراع للتخلص من الإرهاب الجهادي سيكون طويلاً ومكلفاً، وقد لا يسفر عن نصر واضح، لكنه مع ذلك كان ضرورياً لمنع التداعيات الحتمية، التي ربما كانت أكثر تدميراً، لأحداث 11 سبتمبر".
وبالنظر إلى هذه التوقعات، فإن مضي الولايات المتحدة عقدين من الزمن من دون المزيد من الضربات الإرهابية الكبرى يعد نجاحاً، ويرجع ذلك إلى حد كبير، إلى مهارة وشجاعة وتفاني أفراد الجيش الأمريكي والاستخبارات وإنفاذ القانون وحلفاء البلاد، حيث إنه لم يُقتل أسامة بن لادن فحسب، بل تضاءلت أيضاً جاذبية الجهاد المتطرف بشكل كبير، كما أن كثيرين من الذين يعتبرون أن الولايات المتحدة بالغت في رد فِعلها، يبدو أنهم نسوا أن 11 سبتمبر وقعت بعد ما يقرب من عقد من تصعيد هجمات القاعدة على أهداف أمريكية في الخارج، التي لم تستجب لها الإدارات السابقة بشكل حاسم.
وأرجعت الصحيفة العديد من أوجه القصور، التي يُلقى باللوم عليها بسبب غطرسة قادة الولايات المتحدة وازدواجيتهم، وذلك بشكل جزئي على الأقل، إلى طبيعة القتال نفسه، قائلة: رغم أن غزوات العراق وأفغانستان كانت، في بداياتها، معارك تقليدية، إلا أنها كانت في أغلبيتها حرباً على الإرهاب، شنتها قوات العمليات الخاصة وضباط المخابرات، ومن وقت إلى آخر، الطائرات من دون طيار أو الطائرات الأخرى، وهو ما جعلها تبدو حرب عصابات على نطاق عالمي.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه من المعروف أن حرب العصابات هذه، تنطوي على معضلات تكتيكية وحشية، وذلك بسبب افتقار العدو للمساءلة واستخدامه المتعمَّد للسكان المدنيين للتستر، " ورغم أنه ما كان ينبغي لإدارة بوش، أن تستخدم جوانتنامو كمنطقة بلا قانون، لاحتجاز أعدائنا من المقاتلين، فإنه يجب علينا وعلى النقاد الآخرين، أن نعترف على الأقل بأن التهديد الذي مثَّله هؤلاء المقاتلون كان حقيقياً، وأنه لم يتم حله حتى يومنا هذا".
وأضافت: "لقد جاءت كلمات لينكولن عن حصانة الولايات المتحدة من العدوان الخارجي عام 1838، كجزء من خطاب عن خطر كان يراه يهدِّد البلاد من الداخل، وهو عنف الغوغاء في الدول الحدودية، ضد النشطاء المناهضين للعبودية أو ذوي البشرة السوداء، كما جادل بأن أفضل دفاع ضد هؤلاء، يكمن في تنمية الاحترام الشديد للدستور والقوانين، لذا فإنه بالنظر إلى حِكمة لينكولن هذه، يجب أن نفهم أنه إضافة إلى شبح الإرهاب غير المحدود، فإن حريتنا وأمننا اليوم قد يتقوضان، بسبب فشلنا في الالتزام بالدستور والقوانين، كما يجب أن نتعلَّم من أخطائنا، ومن نجاحاتنا السابقة أيضاً".