كاتبة أمريكية: هجمات 11 سبتمبر حوَّلت أمريكا إلى دولة مجنونة

هجمات 11 سبتمبر واستجابة الولايات المتحدة لها، أدت إلى دفعها إلى فترة من التراجع، ساعدت في تحويلها إلى الدولة نصف المجنونة ذات القوة الباهتة التي نشهدها اليوم

كاتبة أمريكية: هجمات 11 سبتمبر حوَّلت أمريكا إلى دولة مجنونة

ترجمات-السياق

سلَّطت الكاتبة الأمريكية ميشيل جولدبرج، الضوء على وضع الولايات المتحدة بعد مرور 20 عاماً على أحداث 11 سبتمبر 2001، قائلة إن هذه الهجمات "تركت أمريكا في وضع رهيب، إذ باتت دولة نصف مجنونة وذات قوة باهتة".

وقالت جولدبيرج، في مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إنها وقت أحداث 11 كانت موجودة في بلدة شمالي الهند، وشاهدت انهيار برجي التجارة العالميين عبر التلفزيون، لكن نظراً لكونها بعيدة للغاية عن مكان الحادث، لم تكن تدرك حجم الرعب الذي شعر به سكان نيويورك وواشنطن في ذلك الوقت، فضلاً عن خوفهم من إمكانية حدوث المزيد من الهجمات، إذ وجدوا أن أفلام الكوارث الملحمية، التي حظيت بشعبية كبيرة خلال التسعينيات، تتحقَّق أمامهم.

وأضافت جولدبيرج، أنها كانت على يقين بأنه رغم الشعور بأن ما يحدث يمثل نهاية العالم، الذي كان سائداً في ذلك الوقت، فإن معظم الناس كانوا يشعرون بالثقة في قدرة أمريكا على تحمُّل الأمر، ففي حين أن تنظيم القاعدة حقَّق إنجازاً مذهلاً، جعل التهديد الذي يمثِّله زعيمه أسامة بن لادن يبدو أكبر بكثير مما كان عليه، إلا أن كثيرين شعروا في ذلك الوقت، بأن هناك معركة حضارية تشبه الحرب العالمية الثانية، بدأت بالفِعل.

وتابعت: "لكن الحقيقة هي أننا لم نفز، صحيح أن الخطر الذي شكله الإرهاب الجهادي على بلادنا، لم يكن وجودياً على الإطلاق، رغم خطورته، حيث انهار تنظيم القاعدة بعد فترة قصيرة فقط من تحقيق أعظم إنجاز له، لكن الضرر الذي ألحقته أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة، كان أكثر عمقاً مما توقعه حتى أكثر الناس تشاؤماً".

ورأت الكاتبة أن هجمات 11 سبتمبر واستجابة الولايات المتحدة لها، أدت إلى دفعها إلى فترة من التراجع، ساعدت في تحويلها إلى الدولة "نصف المجنونة ذات القوة الباهتة" التي نشهدها اليوم، قائلة: رغم أن أمريكا بدأت بعدها حملة عالمية، لغرس الديمقراطية في دول العالم الإسلامي، فإن الأمر انتهى بها بجعل ديمقراطيتها في حالة يُرثى لها.

وأكدت الكاتبة، أن بن لادن لم يبنِ الفخ الذي سقطت فيه الولايات المتحدة، لكنها هي التي بنته بنفسها، ورغم الأذى الذي ألحقته هجمات 11 سبتمبر بها، فإنها لم تحقق ما أراد بن لادن تحقيقه.

وأضافت: "تدخلنا بعد ذلك في أفغانستان والعراق، الذي أدى وجودنا فيه إلى فوضى ساعدت في صعود تنظيم داعش، وبمرور الوقت طغى الأخير على التنظيم الذي أسسه بن لادن، لكن ذلك لا يعني أن الأخير فشل، فقد أعاد القاعدة تشكيل نفسه من جديد، كما أصبح الآن أكبر بكثير مما كان عليه قبل عقدين، وفي المقابل أصبحت الولايات المتحدة في سبتمبر 2021 في وضع رهيب جداً حيث باتت دائمة التشكك، وتفتقر إلى المُثُل التي كانت تميزها".

واستشهدت الكاتبة بجملة قالها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش عام 2003: "إن زحف الحرية هو نداء عصرنا، ونداء بلدنا"، قائلة إن "هذه الحقبة من الشوفينية، والتنميط العِرقي، وتصاعد جنون العظمة، والتعذيب، والسجون السرية، وتحطيم الجنود، وقتل المدنيين، وتحطيم الأحلام الإمبراطورية، جعلت الحرية في حالة تراجع، على المستويين العالمي والداخلي في الولايات المتحدة".

وأشارت الكاتبة، إلى أن الحزب السياسي الذي ينتمي إليه بوش نفسه، أي الحزب الجمهوري، مارس التطرف ضد الديمقراطية، موضحة أنه منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 قتل إرهابيو اليمين المتطرف الأمريكيين عددًا من الأشخاص أكبر مما قتله الجهاديون.

ورأت الكاتبة أن دخول أمريكا، في الحالة التي وصفتها بـ"الانهيار المطول" لا ترجع إلى سقوط برجي التجارة العالميين فقط، قائلة إن نهاية أي إمبراطورية لها أسباب عدة.

وتابعت: "الآن، مع حلول الذكرى الـ20 لأحداث 11 سبتمبر، ومع عودة حركة طالبان إلى السُّلطة في أفغانستان، فإن أمريكا تواجه حقيقة أنها تمت هزيمتها في هذه الحرب، وربما أدى الانهيار الفوري للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابل، إلى إنقاذ العديد من أرواح الأفغان، بالنظر لأن انتصار طالبان كان أمراً حتمياً، ولذا كان من الأفضل أنه قد حدث من دون فرض حصار طويل على العاصمة".

وفي نهاية المقال، قالت جولدبيرج: "عدم وجود وقت كافٍ بين الانسحاب الأمريكي واستيلاء الحركة على السُّلطة، إضافة إلى كون هذا الانسحاب يمثل مأساة للأفغان المتحالفين معنا، كشفا أن الحرب الأمريكية الأطول لم تكن مُجدية، إذ أن البلاد لم تخسر أمام طالبان فقط، لكنها تركتها في وضع أقوى بكثير مما كانت عليه عند دخول كابل، فقد كنا نظن أننا نعرف خسائرنا في 11 سبتمبر 2001، لكن يبدو أننا لم تكن لدينا أي فكرة، عن خسائرنا الحقيقية، في هذه الأحداث".